نعيش في المغرب، كما باقي دول العالم، تحت وطأة محيط دولي متوتر وغير مستقر بسبب حروب ضروس بين القوى الكبرى التي تعمل صباح مساء على حفظ مصالح أوطانها ومواطنيها، ومن المتوقع أن هذا السياق لن يستقر على حال، ذلك أن انتقال وتدافع مراكز القوة والنفوذ لن يتوقف، ولعله سيشتد، يوما بعد يوم. في هكذا سياق، من الطبيعي أن تُطرح أسئلة كثيرة ومتنوعة ومقلقة، منها على سبيل المثال: – هل للأوضاع العالمية المضطربة والمتوترة آثار كبيرة على أوضاعنا الداخلية؟ .. الجواب نعم؛ – هل ارتفاع الأسعار وتعثر سلاسل التوريد والمضاربات حقيقة مهيمن على الاقتصاد العالمي؟ .. الجواب نعم؛ – هل الاقتصاد الوطني يمر بظروف صعبة ولعلها قاسية (الجفاف، ارتفاع أسعار المحروقات، التضخم، آثار الجائحة .. إلخ) ..الجواب نعم؛ – هل الحكومة مسؤولة مسؤولية تامة وكاملة على ارتفاع الأسعار.. الجواب لا؛ – هل الحكومة قامت بما يلزم لمعالجة هذه الإشكالات..الجواب لا. يمكن أن نستمر في طرح مثل هذه الأسئلة، ونجد لكثير منها أجوبة بَدَهِيّة، نقف من خلالها على حقائق موضوعية لن ترفع بالمتمنيات، ولن تزول بالأمنيات. وكل هذه الحقائق المرتبطة اليوم بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعري فاعلين سياسيين كان همهم وغاية مُنَاهُم تصدر الشأن العام كيفما اتفق، وهم اليوم أعجز من أن يقوموا بالدرجة الصفر من السياسة وهي التواصل مع المواطنين شرحا وبيانا و توضيحا وتفسيرا، فكيف لهم أن يقوموا بأكبر من ذلك، بأن يتحملوا مسؤوليتهم في تدبير هذه اللحظات الصعبة بإعمال ما وعدوا به من إجراءات، واستثمار القدرات الخاصة والاستثنائية التي زعموا أن "كفاءاتهم" تتوفر عليها وتتميز بها، فلأي شيء تصلح هذه "الكفاءات" إذا لم تصلح لتدبير مثل هذه الأزمات؟ والخلاصة، إن الأوضاع الصعبة التي يمر منها العالم، وتمر منها بلادنا أيضا، هي حقائق موضوعية لا جدال فيها، لكن سبب وجود الحكومات هو تدبير الأوضاع الصعبة باعتبارها الامتحان الحقيقي لمدبري الشأن العام، الذين يقع على عاتقهم بلورة السياسات العمومية وتفعيل الإجراءات الحكومية، والمبادرة بالتواصل السياسي وتصدر النقاش العمومي، وقبل ذلك ومعه وبعده الحرص على انسجام الأقوال والأفعال والأحوال. ختاما، نتفهم صعوبة بلورة وإخراج وتنفيذ سياسات عمومية فعالة وناجعة في النسق السياسي المغربي عامة، وهو أمر معلوم ومشهور، بل إنه كتب بشكل صريح في تقارير النموذج التنموي الجديد، لكن الاختباء خلف ذلك والهروب ولزوم الصمت، وإظهار الوهن إلى درجة عدم القدرة على الانتقال إلى البرلمان لعقد اجتماع مع لجنة أمام منتخبي الثامن من شتنبر فذلك كُسَاح ووهن وحَزَن. الحاصول #تستاهلو_أحسن، والسلام. #دمتم_سالمين