أكد تقرير صادر عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن الاقتصاد المغربي سيكون الأكثر تضررا على المستوى الإفريقي من تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا. وأشار المركز المغربي أن التأثير المشترك لارتفاع أسعار النفط والحبوب يمكن أن يكلف المغرب ما بين 1٪ و 2٪ من دخله الإجمالي الوطني هذا العام، خاصة إذا استمرت أسعار هذه المواد الأساسية في الارتفاع. وأضاف التقرير المعنون ب "التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا على إفريقيا والمغرب"، أنه إلى جانب تأثيره على التوازن الخارجي للمغرب، فإن الارتفاع الحاد في أسعار النفط والغذاء سوف يرفع عجز الميزانية بنحو 6.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة. كما سيؤدي ارتفاع الأسعار إلى تكثيف الضغوط التضخمية، كما في حالة البنزين وأنواع الوقود الأخرى التي تم تحرير أسعارها، مع ضغط النقابات العمالية على السلطات للتعويض عن ارتفاع الأسعار. وأوضح التقرير أنه من بين 54 دولة في إفريقيا، هناك 11 دولة مصدرة كبيرة للطاقة والباقي مستوردون صافون للطاقة، مشيرا أن هناك ثلاث دول مصدرة للطاقة في القارة هي : الجزائر وأنغولا ونيجيريا، وبلدان اثنان يقتربان من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة هما : مصر وجنوب إفريقيا، أما المغرب فيعتمد بكثافة على استيراد المواد الطاقية، وهذه الاقتصادات الستة تمثل أكثر من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي. وأكد التقرير أن مصدي النفط سيحققون مكاسب كبيرة من هذه الأزمة، فعلي سبيل المثال بلغت صادرات الجزائر النفطية 18.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي وأنغولا 36.5٪ ونيجيريا 10.3٪ على التوالي. ولفت التقرير إلى أنه إذا استمرت أسعار النفط في الارتفاع، فإنها ستضيف حوالي 4٪ إلى 6٪ إلى الدخل القومي الجزائري، موضحا أن البلدان المصدرة للنفط وإن كانت تعتمد هي الأخرى على الواردات الغذائية بدرجات متفاوتة، فإن التكلفة الإضافية لارتفاع أسعار المواد الغذائية سوف تتضاءل بالنظر لمكاسبها على مستوى الأرباح الطاقية. وشدد على أن آثار الحرب على مستوردي الطاقة الأفارقة، الذين يستوردون أيضا المواد الغذائية ستكون سلبية بشدة، والمغرب هو أكبر اقتصاد أفريقي يرجح أن يعاني بشكل كبير من هذه الأزمة. وأبرز التقرير أن المغرب مستورد كبير للحبوب، بحيث بلغت تكلفة الحبوب المستوردة عنده إلى 1.4 من ناتجه المحلي الإجمالي في عام 2019، ولكن بسبب الجفاف في عام 2022، يمكن أن تكون الواردات أكبر بنسبة 50 في المائة، أي أكبر بثلاث مرات من واردات عام 2021، وهذا يعني أن التأثير المشترك لارتفاع أسعار النفط والحبوب يمكن أن يكلف المغرب ما بين 1٪ و 2٪ من الدخل القومي هذا العام. وبالمقابل، أشار التقرير أنه اعتمادًا على مدى ومدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا واستجابة روسيا، فإنها يمكن أن تشكل فرصة للدول الإفريقية للتصدير إلى أوروبا، فعلى سبيل المثال صادرات المغرب من الأسمدة 4.5 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 ) تنافس روسيا في الأسواق الأوروبية ، وبالمثل صادرات المغرب من الفواكه والخضروات والأسماك والتي تمثل 2.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، تنافس صادرات أوروبا في روسيا. وأوضح التقرير أن البلدان الأفريقية التي لديها إمكانية الوصول إلى الأسواق الدولية يمكن أن تتأثر كذلك بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض بنسبة 1٪ أو 2٪، وهذا طبعا لا ينبغي أن يسبب مشكلة للبلدان التي لها ديون خارجية صغيرة وعجز في الحساب الجاري يمكن التحكم فيه ومن بينها المغرب، ومع ذلك فإن العديد من البلدان في أفريقيا وصلت إلى مستويات عالية من الديون الخارجية بسبب الجائحة. وشدد على أن آثار الحرب الروسية الأوكرانية على مستوى القارة الإفريقية هي سلبية لمعظم الدول، ومن المحتمل أن تتفاقم بفعل تأثير تدهور ظروف الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار النفط وأسعار الفائدة الدولية لمواجهة التضخم، وتوسيع هوامش المخاطر للأصول الاقتصادية، وتباطؤ الاقتصاد الأوروبي. وخلص التقرير إلى أن صناع السياسات في جميع أنحاء العالم يراقبون تطورات الغزو الروسي لأكرانيا عن كثب، ولا يسع المرء إلا أن يأمل أن تكون الحرب قصيرة وبغير كثير من الدماء، لكن يبقى أن كل السيناريوهات تشير أن نظام العقوبات ضد روسيا، والإجراءات الانتقامية التي ستتخذ من قبل موسكو للرد عليه، ستكون لها تداعيات من المرجح أن تستمر لسنوات قادمة، وستكون لها تأثيرات على مستوردي الطاقة والغذاء في القارة الإفريقية.