صرح وزير الفلاحة عزيز أخنوش بأن المغرب سيفقد 6% من محصول الحبوب للموسم الحالي بسبب هطول أمطار غزيرة خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الجاري، وهو ما يعادل نصف مليون طن من الإنتاج. وأضاف الوزير أنه رغم هذا النقص فإن الحكومة لن تخفض الرسوم الجمركية على واردات الحبوب قبل نهاية العام الجاري على أقرب تقدير، وذلك في مسعى لحماية المزارعين المغاربة -الذين يسوقون محاصيلهم خلال أشهر الصيف- من منافسة القمح الأجنبي. وكان المغرب قد أنهى في مايو الماضي فترة استيراد الحبوب قبل شهر من موعدها، وقال أخنوش إنه سيتم الاعتماد على المحصول المحلي في تلبية الطلب، وقد توقع وزير الفلاحة أن يبلغ محصول الحبوب 8.8 ملايين طن. في حين توقع والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن يبلغ محصول الحبوب هذا العام 7.8 ملايين طن، وهو ما سيساعد البلاد على تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5% في 2011، وكان المغرب قد سجل محصولا في حدود 7.46 ملايين طن واستورد خلال الأشهر ال12 الماضية ستة ملايين طن. على الصعيد العالمي تثير موجة الجفاف التي تجتاح دول الاتحاد الأوروبي، خاصة فرنسا أكبر منتج للقمح في الاتحاد، مخاوف من ارتفاع أسعار الحبوب وخلق مشاكل وصعوبات في بلدان شمال أفريقيا المستوردة للحبوب. يتفق الخبراء على أن موجة الجفاف التي تجتاح أوروبا، خاصة فرنسا أكبر منتج للحبوب في الاتحاد الأوروبي، تثير مخاوف حول أسعار الحبوب (في أوروبا) وتطرح تساؤلات بشأن أمن بلدان شمال أفريقيا الغذائي. وحسب رونو دو كيربواسون مدير شركة «العرض والطلب في مجال الزراعة» والاختصاصي في إدارة مخاطر أسعار المواد الزراعية الأولية فظاهرة الجفاف التي تشهدها أوروبا وفي مقدمتها فرنسا ستكون لها انعكاسات مباشرة على الإنتاج الزراعي الفرنسي لاسيما إنتاج الحبوب الذي من المتوقع أن يهبط إلى 7 ملايين طن في 2011 بعد أن كان 12 مليون طن في 2010. هذه الإحصاءات مقلقة لأن إنتاجية 2011 المتوقعة ستكون في نفس مستوى العام 1976 الذي عرفت خلاله القارة الأوروبية أكبر حالة جفاف في القرن العشرين. وستكون لظاهرة الجفاف هذه انعكاسات مباشرة على أسعار الحبوب التي هي أصلا مرتفعة جدا - فحسب إحصاءات منظمة التغذية العالمية، أسعار الحبوب المصدرة شهدت ارتفاعا نسبته 70 بالمئة منذ شهر فبراير 2010 بسبب موجة الحرارة التي اجتاحت روسيا في صيف 2010 والفيضانات في أستراليا وآسيا. ويضيف الخبير في مجال تسويق الحبوب ان بلدان شمال افريقياستكون فعلا أول من سيتأثر بارتفاع أسعار الحبوب الأوروبية، لأن ليبيا والجزائر والمغرب وتونس تستورد من أوروبا 21 مليون طنا من الحبوب سنويا، منها 10 ملايين طن من السوق الفرنسية. ما يمكن من القول أن بلدان شمال أفريقيا تحتضن مخاطر الأزمة الغذائية، وما يزيد من شدة الخطر أنها لا تستطيع التوجه نحو أسواق أخرى غير السوق الأوروبية لتلبية احتياجاتها الغذائية، فأوكرانيا مثلا لديها حبوب لكن نوعيتها رديئة فيما روسيا لم ترفع بعد حظرها على الصادرات. زد على ذلك ارتفاع أسعار الحبوب الذي تحدثنا عنه سلفا. فبلدان شمال أفريقيا مرشحة في الأشهر المقبلة للتعرض مجددا إلى الاحتجاجات والضغوط الاجتماعية جراء هذه الأزمة الغذائية المتوقعة. في هذا الإطار ذكرت تقارير صحافية روسية أن روسيا تعتزم خلال الموسم الفلاحي الجاري تصدير نحو 15 مليون طن من الحبوب لاعادة التوازن الى السوق العالمية والحد من ارتفاع الأسعار. وأكدت تقارير صحافية روسية المتطابقة أن حجم محصول الحبوب في روسيا خلال العام الجاري سيكون كافيا في حال توفرت الظروف المناخية الجيدة ليبلغ 85 مليون طن. وأشارت الى أن وزارة الزراعة الروسية أعربت عن الأمل في أن تتمكن روسيا في هذه الحالة من تغطية حاجة السوق الوطنية والعودة إلى سوق الحبوب العالمية بصادرات تقترب من 15 مليون طن من الحبوب هذا العام، وذلك بعد التاكد من ان محصول هذا العام سيعطي غلاله المرجوة. وأوضحت التقارير أن الخبراء الدوليين يعولون على صادرات الحبوب الروسية لهذا العام باعتبار أنها «ستشكل طوق نجاة» للتوازن الغذائي العالمي في ظل تقلص مخزونات القمح على الصعيد الدولي ومواصلة ارتفاع أسعاره، مبرزة أن عودة روسيا الى مستويات التصدير السابقة بعد غيابها حوالي سنة عن السوق الدولية سيعيد التوازن الضروري الى مخزون القمح العالمي والحد من تطور الاسعار التي ارتفعت بارقام قياسية الموسم الفلاحي المنصرم. وكانت موجة الجفاف والحرائق، التي اجتاحت روسيا الصيف الماضي، قد تسببت في إتلاف ثلث محاصيل الحبوب وتراجع المحصول الى نحو ستين مليون طن، الأمر الذي أجبر السلطات الروسية على فرض حظر تصدير الحبوب اعتبارا من منتصف شهر غشت الماضي حتى مطلع يوليوز القادم.