- الأسبوع الماضي حفل بالكثير من المفارقات التي فضحها الخطاب وكشفت عنها بعض الأحداث التي أتثت المشهد العام المغربي طيلة سبعة أيام. عين موقع "لكم. كوم" ركزت على بعض هذه المفارقات لإستعادة أحداث أسبوع ودعناه. الصحراء: الحاجة إلى الحوار الديمقراطي الندوة السياسية التي نظمها تيار "اليسار المواطن" عن الحزب "الاشتراكي الموحد"، تحت عنوان "قضية الصحراء: الأبعاد الحقوقية والسياسية والاقتصادية والجيواستراتيجية"، تعتبر سابقة من نوعها بكل المقاييس، فلأول مرة تجتمع في فضاء عام في قلب العاصمة الرباط أصوات لها وجهات نظر مختلفة إلى حد الصدام حول مسألة الصحراء. فقد جمعت الندوة ما بين أصوات الوحدويين والديمقرطيين وأنصار الحكم الذاتي ومؤيدو الاستقلال والمطالبون بتقرير المصير. لأول مرة جمعت قاعة واحدة أصوات من حزب "النهج الديمقراطي"، وقدماء من "23 مارس" و "إلى الأمام" الذين لايخفون مواقفهم المؤيدة للحق في تقرير المصير، وأصوات "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" التي تتبنى موقفا وسطا ينادي ب "الحل الديمقراطي" للمشكل، و صوت "اتحاد الصحافيين والكتاب الصحراويين" الذي قدم نفسه كمنظمة تابعة لجبهة "البوليساريو" وأصوات مؤيدين لحق تقرير المصير مثل "تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء"، وعلى الطرف الآخر حضر اليسار الديمقراطي ممثلا في أسماء من مؤسسي هذا اليسار ومن رموزه بالإضافة إلى ممثل عن "المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية". الحوار كان صريحا حد التعصب، والاختلاف كان واضحا حد التشنج، استعرض كل صوت رأيه بحرية كبيرة لم يعهدها من حضروا اللقاء، حيث كانت الأشياء توصف بأسمائها الحقيقية. وما كشف عنه اللقاء هو أن الحوار مهما احتد والاختلاف مهما اشتد فهو لا يفسد للود قضية. هذا التمرين الأول كشف عن حقيقة أخرى غائبة وهو محاولة كل صوت التقوقع داخل مواقفه المسبقة من الطرف الآخر، مما فضح "شوفينية" بعض المواقف من كلا الطرفين. في ختام اللقاء ألقى أحد المتدخلين بفكرة مثل من يلقى بحجرة في مستنقع جامد، عندما خاطب مناصري جبهة "البوليساريو"، متحديا: "أتمنى أن يعقد مثل هذا اللقاء مستقبلا في مخيمات البوليساريو بتندوف لنٌسمع نحن أيضا صوتنا هناك". "شوفينية" الصبار لم يتمالك محمد الصبار، الأمين العام ل "المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، نفسه في ندوة حول حقوق الإنسان في الصحراء ليكشف عن "شوفينيته". فقد قال الصبار في الندوة التي عقدت يوم السبت 25 ماي تحت عنوان "قضية الصحراء: الأبعاد الحقوقية والسياسية والاقتصادية والجيواستراتيجية"، المنظمة من طرف تيار اليسار المواطن بالحزب الاشتراكي الموحد، "الآن، ازداد اقتناعي بمغربية الصحراء إلى حدّ الشوفينية". وحتى لا يظلم الصبار يجب البحث عن تعريف كلمة الشوفينية في موسوعة ويكيبيديا، فهي تعني (بالإنجليزية: chauvinism) هي "المغالاة في التعصب". و"في حال التعصب القومي وحب الوطن يعتبر الشوفيني وطنه أفضل الأوطان وأمته فوق كل الأمم وخصوصاً عندما تكون هذه المغالاة مصحوبة بكره للأمم أخرى". وطبقا لنفس الموسوعة فقد "جاءت هذه الكلمة من اسم نيكولا شوفان الجندي الفرنسي الذي جرح عدة مرات في حروب الثورة الفرنسية وحروب نابليون ولكنه ظل أبداً يقاتل في سبيل مجد فرنسا ومجد نابليون، وتستعمل الشوفينية حالياً في مجال الاستهجان وعدم الاستحسان وتمثل النازية الألمانية قمة التعصب الشوفيني". وبمعنى اخرالشوفينية هي "فكرة متطرفة وغير معقولة وهي التحزب باسم المجموعة التي ينتمي إليها الفرد، وخاصة عندما يتضمن الحزب حقد وكراهية تجاه أي فريق منافس". السؤال: هل يستقيم لمن يوجد اليوم على رأس مؤسسة وطنية دستورية تدافع عن حقوق الإنسان التي تعتبر قيما كونية، أن يدعي بأنه شوفيني عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء وفي نفس الوقت ينتظر منه أن ينجز تقارير محايدة ونزيهة ومستقلة؟! بنكيران ما بين خباب وجيسي جي الكثيرون يتذكرون يوم انتفض عبد الإله بنكيران، أيام كان حزبه في المعارضة، وأمر بطرد صحفية مغربية اسمها أمينة خباب المصورة الصحافية بالقناة الثانية من قاعة البرلمان بسبب لباسها الذي كان عبارة عن "تي شورت بدون أكمام"، وسروال جين. وتابع المشاهدون على شاشة التلفزيون آنذاك بنكيران وهو يحاول التهجم على الصحافية مندفعا صوبها آمرا إياها بالخروج، وموجها لها عبارات قاسية لكونها على حد تعبيره "سافرة ولم تحترم مشاعر النواب وحرمة المكان". يومها برر بنكيران فعلته تلك بالقول بأن ما فعله يدخل في سياق "مسألة الحياء العام في بلادنا، فهناك قوانين تمنع اللباس الذي يخدش الحياء العام، والمطلوب هنا تحريك القوانين وتطبيقها". حصل ذلك عام 2001، وفي مساء 26 ماي 2013، ستظهر نجمة اسمها جيسي جي، شبه عارية إلا من تبانها الكاشف، على شاشة القناة الثانية "دوزيم"، التي كانت تنقل سهرة مباشرة للمهرجان المثير للجدل "موازين". وهذه المرة اكتفى بنكيران بالصمت المطبق رغم ما أثارته ومازالت تثيره هذه القضية على المواقع الاجتماعية من تعليقات رأت فيها استفزاز لمشاعر أصحابها، ورغم أن بنكيران اليوم هو رئيس الحكومة ورئيس وزير الاتصال التابع لحزبه، والذي تعتبر وزارته وصية على ما يبث في الإعلام "العمومي" عفوا "الرسمي". ثقة الملك وثقة الشعب أثناء انعقاد المجلس الحكومي خلال الأسبوع الماضي، قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة مطمئنا طاقمه الحكومي إن الملك جدد ثقته في حكومته. المعروف أن الملك هو فعلا من عين بنكيران رئيسا للحكومة، لكنه لم يختره لأنه يثق فيه، وإلا لكان فعل ذلك قبل عام 2011. الملك عين بنكيران لأن حزبه تصدر نتائج انتخابات 25 نوفمبر 2011، أي لأن بعد أن حظي حزب بنكيران بثقة 27 في المائة من أصوات من شاركوا في تلك الانتخابات. والدستور هو الذي ألزم الملك باختيار بنكيران رئيسا للحكومة. كلام بنكيران عن ثقة الملك في حكومته، لايختلف عن كلام سلفه عباس الفاسي الذي كان يفتخر بأنه عين وزيرا أولا لتنفيذ برنامج "صاحب الجلالة". ما الذي تغير إذن؟ الحكومة مازالت "حكومة صاحب الجلالة"، وثقة الملك أغلى وأثقل في الميزان من "ثقة" الشعب الذي يقف متفرجا على مسرحية اسمها "اللعبة السياسية في المغرب" الملك الحاضر الغائب قبيل اندلاع الأزمة داخل الأغلبية الحكومية سافر الملك إلى خارج المغرب، ولم تصدر عنه حتى الآن أية إشارة كيفما كان نوعها بخصوص موقفه مما يجري على الساحة السياسية داخل الجهاز التنفيذي الشبه المعطل. وحتى ما نسب إلى الملك يجعل المتتبع في حيرة من أمره. ففي بداية الأزمة قال حميد شباط زعيم حزب "الاستقلال" إن الملك اتصل به هاتفيا مباشرة بعد قرار الحزب الانسحاب من الحكومة ليطلب منه بقاء وزراء حزبه في الحكومة حتى عودته، أي تعليق قرار الحزب حتى عودة الملك. وخلال الأسبوع الماضي أعلن عبد الإله بنكيران أمام اجتماع حكومته بأن الملك يجدد ثقته في الحكومة الحالية التي يرفض حزب "الاستقلال" الجلوس فيها. لأول مرة يترك القصر الملكي أجهزة أخرى تتحدث باسمه، وتعبر في أقل من أسبوعين عن موقفين متعارضين: الملك مع قرار حزب "الإستقلال"، أو هكذا يفهم قارئ بيان المجلس الوطني للحزب الذي يشير إلى أن بقاء وزراءه داخل حكومة تصريف الأعمال جاء بناء على طلب الملك. والملك أيضا مع حكومة بنكيران التي جدد فيها ثقته. فمن نصدق: بنكيران أم شباط؟ في استطلاع الرأي الذي أجراه موقع لكم وطرح فيه سؤال مغلقا مفاده: هل تعتقد أن حزب "الإستقلال" يملك قرار الخروج من الحكومة بدون موافقة الملك؟ أجاب المشاركون في هذا الاستطلاع والذين بلغ عددهم حتى يوم 27 ماي نحو: 19474. رد 91.6% من المصوتين على نفس السؤال بالنفي، بينما أجاب فقط نعم - 8.4% بالإيجاب. ذكاء الناس أكبر بكثير من ذكاء الساسة، ومن يحاولون احتقار هذا الذكاء يقودون البلاد إلى كارثة.