أعلن حزب الاستقلال يوم السبت 11ماي2013 انسحابه من الحكومة الائتلافية التي شكلت بالمغرب في يوم 29نونبر 2011وبعد هدا الإعلان راجت أخبار عن وجود ملك المغرب بفرنسا في سفر لم يكن موضوع أخبار رائجة قبل ظهور قرار حزب الاستقلال، وصدرت تحليلات عن بعض الباحثين في علم السياسة، يتحدثون غالبا عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها كحل لاختبار تجربة اغلبيه حزب العدالة والتنمية وقوته الانتخابية، قبل إجراء الانتخابات الجماعية المخيفة للأطراف المخزنية،وقد طرح قرار الحزب أسئلة قانونية ، وسياسية،ودستورية ،وتاريخية عديدة ولكنه على كل حال انسحاب مرتبط بنتائج حركة20فبراير2011،سوف تتناول في هده المقالة الجوانب الممكنة من الانسحاب في الظرفية الراهنة التي يسود فيها نوع من الغموض السياسي في المغرب، ونبدأ بذكر بعض احتمالات نتائج هدا الانسحاب،فمن الناحية الدستورية ، لايوجد بالمغرب نص يسمح بإقالة الحزب للوزراء المنتمين إليه في الحكومة ،يعنى أن قرار الحزب لايمكن أن يعتبر على المستوى الدستوري ذا أثر قانوني يؤدي تلقائيا إلى إقالة هؤلاء الوزراء ، لأن الوضع القانوني يقتصر على وجود حالتين فقط هما الاستقالة التي تصدر عن الوزير نفسه وهي حق فردي، والإقالة التي تصدر عن الملك، بمعنى أن قرار حزب الاستقلال سيصبح ادا نفد اجتهادا وبدعة في الوضع القانوني للسلطة التنفيذية بالمغرب ، وهو التأسيس لمبدأ جديد هو إمكانية إقالة الوزراء من طرف حزبهم ،أي أن يأخذ الحزب جزءا مهما من اختصاص الملك، وشيئا ما من رئيس الحكومة،وهي عملية سياسية تاريخية ستقوى دور الأحزاب السياسية داخل السلطة المخزنية،وسيكون الفضل في تطبيقها الأول لحزب الاستقلال،وستؤدي إلى توسيع الاختصاصات القانونية للأحزاب،وادا خضعت السلطة المخزنية لقرار الحزب الدي صدر أثناء غيبة الملك،فسيظهر أن التحكم عن بعد من السيطرة على الأحزاب السياسية قد بدأت تتلاشى ،وسيعتبر دلك تقدما نسبيا في مواقف تلك السلطة نحو المزيد من الديمقراطية ، ونحو مزيد من رفع سيطرة فرنسا على السياسة المغربية،وستكون النتائج هو التقدم نحو ملكية برلمانية بخطوات تدريجية، ولابد أن نشير إلى أن تجربة حزب الاستقلال حاليا وقديما حول موضوع المشاركة والانسحاب ، في الحكومات المغربية فيها تجربة سابقة ، كانت قد وقعت إثناء ماعرف بحكومة عصمان الثانية يوم 10-10- 1977و كانت هي أيضا حكومة ائتلافية، شارك فيها حزب الاستقلال بكل ثقله( محمد بوستة الأمين العام،عباس الفاسي،محمد الدويري،عبد اللطيف القادري ،عبد الرحمان بادو، عبد الحق التازي،عزا لدين العراقي) وحدث أن غادر جميع وزراء حزب الاستقلال الحكومة سوى عز الدين العراقي الدي لم يخضع للانسحاب، وبدل دلك استقال من الحزب ليبقى في الحكومة، فهل ستتكرر تجربة عز الدين العراقي بان يستقيل وزراء حزب الاستقلال من حزبهم وليس من الحكومة؟ هده إمكانية مفتوحة ولا تخالف القوانين المغربية ، والتي تضمن حق الاستقالة من الحزب، لكن شريطة عدم إحداث ضرر بالحزب، أو أن يعلنوا انتماءهم إلى حزب آخر، مع العلم أن قانون الأحزاب لايمنع الترحال الوزاري مثل ما فعله بشأن ترحال البرلمانيين، ا وان يعلنوا الانشقاق في صفوف الحزب وهم في الحقيقة يوجدون في خلاف معلن مع رئاسة حميد شباط للحزب،وادا اختاروا الانشقاق داخل الحزب، فسيكون الحزب مشاركا بفريق من أعضائه منشقين عن القيادة ، وسيبقى حزب الاستقلال مشاركا رغم انف قيادته المركزية،ولابد أيضا من اعتبار أن سير عمل الحكومة الائتلافية لاتهمه أسماء الوزراء ،بقدر مايهمه الفريق البرلماني الدي يزكي الحكومة ،(60 مقعدا)وهنا يرتبط الوضع بما ادا كان الوزراء الحاليون غير منسحبين ،ويستطيعون التأثير على الفريق البرلماني الاستقلالي عند التصويت على برامج الحكومة ومشاريعها، وهي عملية ممكنة ادا كانت السلطة المخزنية تتحكم في البرلمانيين أكثر مما تؤثر عليهم أحزابهم، وهي عملية موروثة ومعروفة ، باعتبارهم خداما أوفياء للسلطة، وادا تحكم فريق القيادة المركزية من ضبط سير عمل المجلس الوطني لحزب الاستقلال ،فهل سيتمكن من ضبط الفريق البرلماني؟ولابد أيضا من الإشارة إلى طبيعة قيادة حزب الاستقلال الحالية وهي ذات مميزات تاريخية مهمة ، فهي بيد حميد شباط الدي يتوفر على مميزات نوعية لم تكن بيد أي رئيس لحزب الاستقلال مند إنشائه سنة 1944 ،وهو بالمقارنة أول رئيس لاينتمي إلى عائلات النخب الحضرية (فاس،الرباط) وهو من مواليد تازة، مدينة أقدم من مدينتي فاسوالرباط، وهي من مدن ما قبل الإسلام،وليس من العائلات المشرقية، ولا من الأندلس،وحسب علمي لايكتب ضمن سيرته أنه من الأدارسة،ولم ينخرط في الحزب عن طريق التربية العائلية والنسب، كما هو شأن الوزراء الدين يمثلون الحزب في الحكومة ،وهم استقلاليون بالروابط العائلية، ولهم ارتباطات عائلية وثقافية مع فرنسا،وهو رئيس لم يسبق للملوك السابقين ولا الملك الحالي أن عينوه في منصب ، كما هو الشأن مع علال الفاسي، ومحمد بوستة وعباس الفاسي،وأحمد بلافريج،وهؤلاء كانوا يستمدون جزءا من قوتهم ونفوذهم في الحزب من تعييناتهم ومناصبهم الملكية،ولاشك أن وجود طاقم مهم من عائلة الفاسي الفهري بمحيط الملك(الطيب الفاسي الفهري مثلا) هو جوهر الصراع مع شباط، الدي يتزعم مع فريقه مشروع حزب الاستقلال الجديد في المغرب، وهو حزب الاستقلال بدون عائلة الفاسي الفهري التي كونت تحالفا تاريخيا مع عائلة العلويين خلال قرنين من الزمن، يؤدي إلى اقتسام السلطة بين العائلتين تحت يافطة حزب الاستقلال،ولاشك أن حزب الاستقلال الجديد يستمد قوته من مصالح ثروات جبال المغرب وبواديه وحدوده مع الجيران (زراعة الكيف، وتهريب البضائع في الصحراء، وحدود الجزائر القريبة من وجدةوتازة والراشدية، والشواطئ القريبة من اسبانيا)أي انه يتوفر على تمثيلية اقتصادية صعبة ترتبط بمصالح بيروقراطية عسكرية وأمنية وإدارية، وهي تتجاوز العوامل الأيديولوجية القديمة ،وثروات عائلة الفاسي الفهري..ولاتتسع هده المقالة الخفيفة لتفاصيل سنعود إليها حسب الإمكان في مقالة قادمة.