بعد انقضاء 249 يوما منذ الانتخابات الأخيرة ما زالت بلجيكا من دون حكومة فعلية، مسجلة بذلك "رقما قياسيا عالميا" لأطول أزمة سياسية بالتوفق على العراق. وأطلق مواطنون احتفالات "ثورة البطاطا المقلية" الساخرة في أنحاء البلاد. واستجابة لدعوة حوالي 30 جمعية للطلاب الفلمنكيين والفرنكوفونيين، من المقرر إجراء تظاهرات ساخرة بعد ظهر اليوم يشارك فيها المئات في غان، انفيرس، لوفان، بروكسل، لياج ولوفان-لا-نوف، وهي كبرى المدن الجامعية في البلاد. وينوي المتظاهرون تنظيم احتفالات راقصة وموسيقية عفوية مع توزيع البطاطا المقلية المجانية التي ترمز بامتياز إلى الهوية البلجيكية. في غان سينظم احتفال شعبي مساء يجمع الآلاف، حيث تأمل السلطات عدم وقوع حوادث. وأعلن حزب فلامز بيلانغ اليميني المتشدد الذي يتبنى شعار "فلتذهب بلجيكا إلى الجحيم" انه سيشارك في التظاهرات. وناهيك عن التلميح إلى "ثورة الياسمين" التونسية يريد الشبان "الإعراب عن نفاد صبرهم حيال الطريق السياسية المسدودة وتوجيه رسالة ضد الانفصالية وضد القومية"، على ما أوضح أحد المنظمين ميخايل فيرباوفيدي. لكن الطلاب ليست لديهم أوهام حول التأثير الذي قد يمكنهم إحرازه. ففي حين استغرق الأمر العراقيين 249 يوما للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة بين الأكراد والسنة والشيعة، "لا يبدو أي حل ظاهرا" مع عبور بلجيكا هذه الفترة، ما شكل عنوانا رئيسيا الخميس لصحيفة هيت لاتست نيوز الاولى في فلاندر (شمال). وبالرغم من سأم الشارع وضغوط الأسواق المالية وبعض المبادرات غير المعتادة، ما زال الفرنكوفونيون والفلمنكيون عاجزين عن الاتفاق على رؤية موحدة لمستقبل البلاد. فالفلمنكيون يطالبون بتوجيه من حزبهم الرئيسي المطالب بالاستقلال "بحكم ذاتي كبير". ويخشى الفرنكوفونيون من أن يؤدي هذا الأمر إلى إفقارهم ولاحقا إلى تقسيم البلاد. ومدد الملك ألبير الثاني إلى الأول من مارس 2011 مهلة مهمة وساطة أخرى أوكلت في مطلع فبراير 2011 إلى وزير المالية المنتهية ولايته الليبرالي الفرنكوفوني ديدييه ريندرز. وبعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية في يونيو 2010 لم تعد مهمته تقضي بمحاولة تشكيل حكومة فعلية، بل بحث "إمكانات التوصل" إلى توافق مؤسساتي. ويقل في بلجيكا عدد المؤمنين بإمكانات نجاحه، فيما تقود البلاد حكومة تصريف أعمال. والهوة عميقة إلى حد بات ينبغي فيه التفكير بتعيين شخصية من الخارج لتقريب وجهات النظر، على ما اقترح أستاذ القانون في جامعة هارفرد روبرت منوكين في صحيفة ليكو. وطرح القانوني الأمريكي اسم الرئيس الفنلندي السابق وحامل جائزة نوبل للسلام مارتي اهتيساري الذي استخدم كفاءاته الدبلوماسية في كل من كوسوفو وناميبيا وايرلندا الشمالية. وقال منوكين "إن النظام السياسي الاجمالي (البلجيكي) مبني على أساس تعايش شعبين بشكل منفصل من دون رابط حقيقي. فهل يمكن للبلاد الانفصال؟ أجل، قد يحصل ذلك في السنوات العشر المقبلة". في الوقت الحالي تتجه بلجيكا إلى انتخابات جديدة، ربما في مايو، وسط مخاوف من أن تزيد المعسكرين تشددا. *أ ف ب --- تعليق الصورة: آلاف من المتظاهرين البلجيكيين احتجاجا على الأزمة الحكومية