قدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان بالمغرب، مشيرة إلى أن واقع الحقوق والحريات خلال سنة 2020 طبعته الجائحة، وما واكبها من استغلال لحالة الطوارئ الصحية في انتهاك الحقوق والتضييق على النشطاء. انتهاك الحق في الحياة أكدت الجمعية الحقوقية أن الحقوق المدنية والسياسية، تعرضت بشكل تصاعدي ومتواتر، لانتكاسة كبيرة على جميع المستويات، كان من أبرزها استمرار انتهاك الحق في الحياة، إذ يفقد عدد من المواطنين حياتهم سواء جراء الإهمال وغياب الرعاية الطبية اللازمة، أو بسبب عدم التقيد بقواعد ومعايير السلامة، أو انعدام المساءلة وسيادة الإفلات من العقاب. وسجلت الجمعية 32 حالة وفاة في مراكز الشرطة والدرك والسلطات وفي السجون أو بسبب تدخل القوات العمومية، و50 في المستشفيات والمراكز الصحية والاجتماعية بسبب الإهمال الطبي أو الأخطاء الطبية أو ضعف البنية الاستشفائية، و47 في أماكن العمل أو بسبب حوادث الشغل أو أثناء التنقل للعمل أو بسبب غياب شروط السلامة بأماكن العمل والأوراش، و 22 حالة بسبب لسعات العقارب ولدغات الحيات وداء الكلب/السعار. هذا فضلا عن الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية ووفيات الحوامل والرضع وحوادث السير، كما يصنف المغرب من أكثر الدول المعنية بالوفيات بسبب ظاهرة الانتحار، والتي تعرف ارتفاعا مضطردا ومقلقا للغاية وخاصة بجهة الشمال. معتقلو الرأي والسياسة وأبرز التقرير مواصلة الدولة تضييقها التعسفي الممنهج على الحريات العامة وقمعها للحق في حرية التنظيم والتجمع والاحتجاج السلمي، ومحاصرة المنظمات الديمقراطية المناضلة ولا سيما المنظمات الحقوقية المناضلة. كما استمرت الدولة خلال عام 2020 في اعتقال الحقوقيين والصحافيين ونشطاء الحراكات والمدونين، مع توظيف القضاء للزج بهم في السجون بعد محاكمات شكلية انتفت فيها شروط وضمانات المحاكمات العادلة. وأحصت الجمعية، بناء على ما توفر لديها من لوائح المعتقلين ما مجموعه 226 ما بين معتقل رأي ومعتقل سياسي ومتابع في حالة سراح خلال سنة 2020، غادر منهم السجن ما مجموعه 137 قبل متم سنة 2020، وبقي منهم إلى حدود نهاية 2020، 89 معتقلا. وتوقف التقرير عند استغلال الدولة لجائحة كورونا، بشكل فج لممارسة المزيد من الانتهاكات والإجهاز على الحقوق والحريات، وتعرض العديد من المواطنين لمختلف ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، سواء في الشارع العام، أوفي مراكز الاحتجاز. الحريات الفردية ولم تسلم الحريات الفردية بدورها، حسب التقرير، من الانتهاك، ومن ضمنها الحق في حرية المعتقد وحرية الضمير، كما سجلت الجمعية أن ولوج النساء للحقوق الفردية هو الأكثر عرضة للتضييق والانتهاك بسبب النظرة الدونية اتجاه المرأة المتفشية في المجتمع. وأضاف التقرير "واصلت الدولة انتهاكها للحياة الخاصة لبعض المواطنين، وخاصة لنشطاء حقوق الإنسان والصحافيين المستقلين والمعارضين السياسيين… وتوظيف مخبرين لمراقبة تحركات الناس، واختراق الرسائل النصية أو الاتصالات الرقمية الأخرى التي تنتهك الخصوصية". كما توقف التقرير السنوي على الاستمرار في خرق شروط وضمانات المحاكمة العادلة، في عدد من المحاكمات التي استهدفت العديد من نشطاء حقوق الإنسان والمدونين والصحافيين ونشطاء الحركات الاجتماعية السلمية. تدهور السجون ورصد التقرير تفاقم تدهور وضعية السجون والسجناء، بسبب السياسة الجنائية المتبعة من طرف الدولة التي تقوم على منطق العقاب والتأديب والزجر وليس على مبدأ الإصلاح والتربية والإدماج، كما أن السجون تشكو من الاكتظاظ المتصاعد الذي يُحَولُ حياة السجناء إلى جحيم ويَحُولُ دون تنفيذ برامج التأهيل وإعادة الإدماج، ودون التمتع بالحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الانسان. وبدل التخفيف من ظاهرة الاكتظاظ من جراء وباء كوفيد، اتجه الواقع إلى منحى الرفع من وتيرة الإيداع بالسجن وتم تغييب العقوبات البديلة غير السالبة للحرية، ومما فاقم من أوضاع السجون والسجناء في ظل هذا الاكتظاظ أن جل السجون المغربية لا تتوفر على قاعات للطعام، حيث يضطر السجناء إلى تناول وجباتهم في ظل شروط لا إنسانية، مما يجعل الكثير من السجناء يشكون من قلة وسوء التغذية. وأكدت الجمعية أن أغلب السجناء لا يتمتعون بنظام حماية من الأمراض وخاصة المعدية منها، كما لم تتم حمايتهم من العدوى بجائحة كوفيد 19، حيث أصيب العديد منهم بها، وتوفي 11 مصابا. وسلط التقرير الضوء على وجود معاملات قاسية وحاطة من الكرامة، مما جعل العديد من السجناء يكسرون حاجز الخوف ويتقدمون بشكايات إلى إدارة السجن أو إلى الجهات المعنية، بلغت 1477 شكاية وتظلم خلال 2020، تأتي في مقدمتها الشكايات المتعلقة بسوء المعاملة. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هذه الحقوق طبعها حسب التقرير، التدهور الشامل على كافة المستويات سواء تعلق الأمر بالحق في العمل والحقوق الشغلية أو بالحق في السكن أو بالحق في الصحة أو بالحق في التعليم أو بالحقوق اللغوية والثقافية أو بالحق في الحماية الاجتماعية. كما عرفت السنة ارتفاع نسبة المديونية الخارجية، حيث لجأ المغرب إلى 14 قرض خلال سنة 2020، منها 12 قرضا بعد دخول حالة الطوارئ الصحية، وأغلب القروض من المؤسسات المالية الدولية إضافة إلى الدول، كما استفاد المغرب من منح وإعانات لمواجهة آثار الجائحة، إلا أن كل ذلك لم يكن له أثر على الاقتصاد. حقوق فئوية أشار التقرير إلى عدد من الفئات التي لا تزال تعاني من تمتعها بحقوقها كاملة، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو الطفل أو الأشخاص في وضعية إعاقة أو المهاجرون واللاجئون وغيرهم. فبخصوص المرأة يبقى مبدأ المساواة بين النساء والرجال في الحقوق بعيد المنال في المغرب، كما أن الأطفال يعانون من التمييز ويرتفع معدل الهدر المدرسي، وتزويج القاصرات، وتبعا لذلك، فقد وضع مؤشر حقوق الطفل لسنة 2020 المغرب في المرتبة الثانية والسبعين عالميا. وبخصوص الأشخاص في وضعية إعاقة، فلم تبادر الدولة إلى إعداد خطة استراتيجية من شأنها الحدّ من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لجائحة كورونا على الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالتالي تسهيل حياتهم اليومية، وذلك ما رصدته الجمعية من خلال وقوفها على حجم الإهمال الذي طالَ هذه الشريحة المجتمعية في مختلف البرامج الوزارية المتعلقة بالوباء. وبالنسبة لقضايا الهجرة واللجوء، اتسمت سنة 2020 المتزامنة مع الحجر الصحي، باستمرار تردي الأوضاع العامة للمهاجرين وطالبي اللجوء، وتفاقم المشاكل المرتبطة بالاستقرار، وبالحق في التنقل وبالتسوية الإدارية وبتوفر الحد الأدنى للعيش الكريم.