صعدت الشركات المتعاملة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المنتظمة في إطار الجامعة الوطنية للكهرباء والإلكترونيات ، التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب ، من حدة لهجتها تجاه المكتب نتيجة تأخير أداء مستحقاته لها معتبرة هذا التأخير خطرا على عدد من المقاولات التي يعتبر المكتب زبونها الوحيد . هذا التصعيد ، بحسب بعض المصادر العليمة ،يخدم الرئيس المدير العام علي الفاسي الفهري والحكومة على حد سواء وليس العكس كما أوحى بذلك ما نشر في بعض الصحف ، إذ أنه يسمح بطرح مسألة كلفة إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء الرأي العام ومعها الصعوبات المالية الكبرى ، التي تشبه حالة إفلاس حقيقية ، للمكتب الوطني للكهرباء الذي ما يزال بنية قائمة الذات ومعزولة بأسوار متينة عن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ، رغم ما صرف من مال على عملية إدماج لم تتم. هذا ما يسمح بعودة الحديث عن مراجعة تسعيرة الكهرباء ذات الضغط العالي والمتوسط والضعيف ، التي يقررها رئيس الحكومة شخصيا ،بعدما تراجع حماس الحكومة لإلغاء صندوق المقاصة نتيجة ما وقع في سيدي يوسف بنعلي بمراكش في آخر السنة المنصرمة . وقد عاد هذا الموضوع إلى الرواج بصيغ غير مباشرة ليس فقط بإثارة ديون المكتب الثقيلة ، بل وأيضا بإثارة حجم الخسارة التي يتكبدها هذا المكتب نتيجة دعمه لكل كيلوات يستهلك الذي يكمل دعم المواد البترولية التي تستعملها محطاته الحرارية ، المنتجة للجزء الأكبر من الكهرباء ، حيث وصلت هذه الخسارة إلى 20 مليار درهم في متم سنة 2012 المنصرمة . وإذا كان المكتب يواجه مشكلة حقيقية نتيجة ارتفاع ثمن البترول غير قابلة للحل إلا بطريقتين : رفع التسعيرات ، كلها أو بعضها ، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك اجتماعيا واقتصاديا ، أو توفير دعم من طرف الميزانية ، التي تواجه عجزا كبيرا دفع إلى زيادة المديونية الداخلية والخارجية، فإن هناك أيضا مشاكل أخرى يواجهها المكتب ويمكن لحلها أن يقلص من كلفه ومصاريفه لايحسم فيها المدير العام ، الذي شغلته الكرة ، ولا تقترب منها الحكومة نظرا لحساسيتها . فالمكتب الوطني للكهرباء والماء مطالب بشراء كل الإنتاج الكهربائي الذي ينتج في المغرب بالسعر الذي يفرض عليه ، وخصوصا في فترة الدروة ، من طرف الفاعلين الخواص وبالارتباط بمصالح الهولدينغ الملكي الذي انتقل إلى ميدان الطاقة عبر شركة ناريفا ، كما أنه خاضع لإرث المكتب الوطني للكهرباء الذي تركز على مدى عقود والذي تترتب عليه أجور وتعويضات وامتيازات لا توجد في أي مؤسسة أو إدارة أخرى ، بمافيها المالية ومكتب التكوين المهني ومجمع الفوسفاط وبنك المغرب..، وكلف أخرى تتصل بالأعمال الاجتماعية التي تحصل على نسبة من رقم أعمال المكتب ، سواء كان رابحا أو خاسرا ، وهو إرث يحول دون استكمال إدماج الماء والكهرباء لحد الآن ، لأن العاملين في مكتب الماء لايستفيدون منها بنفس القدر، والكهربائيون لا يريدون الاقتسام . وبالإضافة إلى هذا الإرث ، هناك مشاكل حكامة معروفة في المكتب الوطني للكهرباء ، تفسر جانبا من ديونه لفائدة المقاولات ، حيث أن بعض المحتجين اليوم على تأخر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قد أأقاموا مقاولاتهم التي يعتبر المكتب زبونها الوحيد أو الأول واستفادوا من الصفقات في ظروف تدفع إلى الاشتباه في وجود وترسخ فساد وتبادل وتداخل المصالح بين الخاص والعام، وهم يضغطون اليوم من داخل المقاولات المتضررة فعليا لتسهيل تمرير قرارات يمكن أن تكون خطيرة على تنافسية الاقتصاد الوطني وعلى السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي. والبين أن الفاسي الفهري يوجد في حالة عجز قصوى على السباحة في مستنقع المكتب الوطني للكهرباء الذي ترك تسييره لنائبه ، والمسؤول السابق في مديرية المؤسسات العمومية بوزارة المالية ، وخصمه في نفس الوقت الذي يلقى الدعم من طرف الاتحاد المغربي للشغل ، أكبر مستفيد من الوضعية في المكتب الوطني للكهرباء مند تولي المرحوم محمد عبدالرزاق لمسؤولية نقابة الكهربائيين وأعمالهم الاجتماعية الغنية بعد الاستقلال وإلى حين وفاته متأثرا بفضيخة عقارية ، كما أنه عاجز عن إلزام مسؤولي مكتب الكهرباء بقبول عملية الاندماج التي يحاربونها بطرق مختلفة وإن كانوا يرغبون في أموال المكتب الوطني للماء الصالح للشرب التي تتجه هي أيضا نحو التقلص بالنظر إلى دخول المكتب لميدان التطهير. تجدر الإشارة أيضا إلى أن المكتب الوطني للكهرباء عاجز عن استرجاع ديونه على الوكالات السابقة التي انتقلت إلى التدبير المفوض الممنوح للفرنسيين في الدارالبيضاء والرباط والشمال ،لأن الشركات التي فازت بعقود التفويض ترفض الأداء وتعتبر نفسها غير معنية به بالرغم من أن عقود التفويض تجعلها ترث ديون الوكالات التي حلت محلها كما يجري في العالم ، والغريب في الأمر أنه لم يثر أمر هذه الديون التي تصل إلى ملايير السنتيمات إلا اليوم بينما يعود بعضها وأهمها إلى تسعينات القرن الماضي ،كما أن المكتب يجد صعوبة في تحصيل ديون على عدد من الوكالات ، التي يخترقها فساد كبير له ارتباط بالفساد الإداري والنقابي الذي عشش طويلا في المكتب الوطني للكهرباء وأيضا بفساد وزارة الداخلية . هل يطلب من المغربي المحدود والمتوسط الدخل ومن المقاولات آداء ثمن هذا العجز وهذا الفساد وعفا الله عما سلف ؟