الدراسة انجزت قبل سنتين فهل ستعيد ورقة بنموسى إنتاجها أم أنها ستكون بديلا عنها؟ في شهر نوفمبر الماضي، قرر الملك تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعداد نموذج جديد للتنمية في الأقاليم الجنوبية. لكن هذا العمل تم إنجازه سنة 2011 من طرف مكتب الاستشارات الأمريكي ماكينزي McKinsey بتكلفة 20 مليون درهم. هذه الدراسة التي أشرفت عليها وزارة الداخلية ووكالة تنمية أقاليم الجنوب، بقيت طي الكتمان إلى اليوم. تقرير: كريستوف غيغان لقد أكد المجلس الأعلى للحسابات بعد افتحاصه لتدبير وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية وجود إخفاقات في الحكامة في المنطقة: عدم وجود استراتيجية واضحة، فشل في تتبع المشاريع، غياب الشفافية وضعف التنسيق. لقد توصل المجلس إلى نفس الاستنتاجات التي سجلها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الورقة التأطيرية التي قدمها للملك في بداية يناير 2013. في ردوده على ديوان مجلس الأعلى للحسابات المتضمنة في تقريره السنوي، يشرح أحمد حجي مدير وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، أن دور وكالته لا يتعدى مواكبة المشاريع التي قررها وأطلقها وموَّلها شركاء آخرون (وخاصة وزارة الداخلية بالنسبة لمشاريع التنمية البشرية، الوطنية، و صندوق الحسن الثاني، والوزارات والمؤسسات العمومية المعنية بالمخططات القطاعية المختلفة). فهل يعتبر قرار محمد السادس في نوفمبر الماضي بتكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعداد نموذج جديد للتنمية في الأقاليم الجنوبية، مرتبطا بهذه الاختلالات؟ يبدو أن وكالة الجنوب فوجئت بهذا القرار: لقد أكد أحمد حجي للمجلس الأعلى للحسابات أن وكالته هي التي كُلفت سنة 2011 بوضع استراتيجية جديدة للمنطقة. "[...] لقد تم انتداب الوكالة لقيادة دراسة مستقبلية بهدف التمكن من التوفر على رؤية استراتيجية حول تنمية الأقاليم الجنوبية في عام 2020. على هذه الدراسة المطلوبة من قبل السلطات العمومية أن تتوصل إلى جرد للموجودات. على ضوء تقييم شامل ودقيق يغطي السنوات الخمس والثلاثين من الجهود المبذولة، وأيضا إلى بلورة تعاقد "أهداف- وسائل" حقيقي يمكن إبرامه بين الدولة والجهة". بل إن أحمد حجي يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال استشراف إصلاح مقبل للقانون الأساسي للوكالة: "وهكذا فإن هذه المقاربة الجديدة للسلطات العمومية بشأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة ومتطلبات تطبيق استراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية من جهة أخرى، سيدفع بتطور دور وكالة الجنوب من خلال توجيه استراتيجي ثاني." وحسب المجلس الأعلى للحسابات فهذه الدراسة الاستراتيجية في أفق عام 2020، كانت قد طُلبت في عام 2010 من طرف عباس الفاسي الوزير الأول آنذاك، لكي تجزها شركة ماكينزي الأمريكية تحت إشراف وزارة الداخلية ووكالة تنمية الجنوب، وكلفتها 20 مليون درهم بتمويل من الميزانية العامة للدولة. قدمت شركة ماكينزي مذكرتها التأطيرية عام 2011 بالإضافة إلى إنجاز معظم المخططات القطاعية التي أطلقتها الدولة منذ عام 2000 (المخطط الأزرق للسياحة، مخطط التجارة انطلاق، مخطط المغرب الأخضر، مخطط هاليوتس لصيد البحري، وما إلى ذلك)، فقد اشتغل مكتب ماكينزي على موضوع التنمية الجهوية للمملكة من خلال إنجازه لتصميم الاستراتيجية التنموية لمنطقة سوس ماسة درعة 2010-2015. فيما يتعلق بالأقاليم الجنوبية، فقد تم الإطلاق الرسمي للدراسة في يونيو 2011 في مدينة العيون، بحضور والي الجهة خليل الدخيل ومدير وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية والمنتخبين المحليين. كان الهدف من الاجتماع تقديم "الأهداف والمراحل والمنهجية لإعداد دراسة حول برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأقاليم الجنوبية في أفق 2020"، حسب ما ذكرته آنذاك وكالة الأنباء الرسمية. وفقا لصحيفة ليبراسيون، فإن دراسة ماكينزي تضمنت أيضا "تطوير خارطة طريق تقوم على نهج تشاركي بين كل الفاعلين من مختلف قطاعات التنمية، ومن شأنها أن تستجيب إلى تطلعات المنطقة و تحترم خصائصها" وقد شمل الجدول الزمني لهذه الدراسة ثلاث مراحل رئيسية هي: جرد للواقع، وضع الاستراتيجية وأخيرا وضع خطة لتنفيذها. كان المفروض أن يبدأ مكتب ماكينزي في تسليم تقاريره الأولى في نوفمبر 2011. لكن وبعد مرور عام، فإن النتائج لم يتم الإعلان عنها والسلطات لا تحب الحديث عن الموضوع. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل سيقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعادة بلورة استراتيجية جديدة أم سيكتفي فقط بتنفيذ التوصيات والخلاصات التي توصل لها مكتبالاستشارة ماكينزي؟ --- المصدر: عن موقع "لكم. كوم" النسخة الفرنسية