أجمع اعلاميون مغاربة في دولة قطر على أن الورقة التأطيرية المتعلقة بإعداد أرضية نموذجية للتنمية في الاقاليم الجنوبية للمملكة ،التي قدمها مؤخرا رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، شكيب بنموسى، أمام جلالة الملك محمد السادس في اكادير، تشكل نقطة تحول جذرية في مقاربة التنمية بالأقاليم الجنوبية. وأكدوا في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء في الدوحة أن هذه الورقة تشكل بما لا يدع مجالا للشك خارطة طريق ورؤية استراتيجية جديدة في مقاربتها التشخيصية والتشاركية، ومبدعة وواقعية في أهدافها وبأبعادها الاقتصادية والإجتماعية والثقافية وحتى السياسية. وفي هذا الصدد يرى ،خالد أدنون ، الاعلامي في (قناة الجزيرة) ان الورقة التأطيرية من حيث الشكل استندت على مضمون خطاب 6 نوفمبر 2012 في الذكرى 37 للمسيرة الخضراء، مبرزا أن ذلك يعكس العناية التي يوليها جلالة الملك لشؤون المواطنين الحيوية ولكن بمقاربة استراتيجية. وأكد أن المجلس "اعتمد في إعداد النموذج مقاربة تشاركية تصبو ضمان مشاركة جميع الفاعلين والمواطنين ،وما" المبادرة لكم" إلا صورة من صور هذه المقاربة التي تضع الإنسان ،مواطن الأقاليم الجنوبية للمملكة ،محور النموذج التنموي. أما من حيث المنهج الذي اعتمدته الورقة التأطيرية ، فيرى ادنون ،أنه منهج سلك سبيل أحدث طرق التحليل العلمي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ،عبر تحديد الرؤية والأهداف وقبل هذا تشخيص الوضع الحالي عبر ما يسمى بتحليل (سووت) أي تعداد نقاط القوة والضعف والمخاطر ثم البدائل المقترحة، مشددا على أن هذا النموذج "جاء علميا مقاربة ومنهجا من خلال استناده إلى معطيات ووقائع علمية. وفي قراءته لمضمونها، يعتبر خالد أدنون، "أن الورقة المقترحة في تعاطيها مع التنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة ،لم تغفل النماذج السابقة من أجل الاستفادة منها سلبا أو إيجابا "، مؤكدا أنها كانت "صريحة في طرح بعض نقاط الضعف والإشكاليات التي تعوق الاقلاع الاقتصادي للمنطقة رغم الاهتمام الخاص خلال السنوات الماضية. ولاحظ ان النموذج المقترح "يعتمد مبدأ التدرج لإقلاع اقتصادي وثقافي واجتماعي للأقاليم الجنوبية للمملكة التي لم يغفل المجلس التأكيد على مكانتها في النسيج الوطني والجهوي والإقليمي، وهذا انتقاد آخر وصريح لقصر نظر المقاربات السابقة. النموذج أو الورقة التأطيرية ، في نظر خالد أدنون ، "ليست إعلانا بالنوايا بل وصلت إلى حد اقتراح خطة عملية، وهذا يشكل خطوة إلى الأمام تحسب للمجلس وخاصة عند تعداده للمحاور الخمسة وهي القطاع الخاص، الاجتماعي الثقافي، التنمية البشرية، تدبير المدينة، والحكامة مسجلا في هذا الصدد اهمية تخصيص محور خاص للإعلام والثقافة اعتبارا لمكانتهما في النسيج الوطني. وخلص إلى أن النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية "سيشكل بحق نقطة تحول حقيقية في التعاطي مع مفهوم التنمية بهذه الأقاليم ضمن بعدها الوطني والجهوي والإقليمي، وسيخرجنا من دائرة التعامل بالنوايا مع قضايا هذه الأقاليم، إنها بحق رؤية استراتيجية ل 10 سنوات أو 15 سنة المقبلة. من جهته ،اعتبر الصحافي محمد افزاز، المسؤول عن القسم الاقتصادي بصحيفة (العرب) القطرية ومراسل (الجزيرة نت ) للشؤون الاقتصادية، أن مبادرة اطلاق الورقة التأطيرية لنموذج التنمية بالأقاليم الجنوبية تشكل "استمرارا لمسلسل المبادرات التي اتخذها المغرب للاهتمام بهذه الاقاليم علي غرار المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ووكالة تنمية الاقاليم الجنوبية. وتأتي هذه المبادرة ، يقول أفزاز ، "لتأكد جدية المغرب وإصراره الكبير على تنزيل مضامين مقترح الحكم الذاتي لإنهاء النزاع بالصحراء دونما ارتهان لتبدل مواقف بعض الاطراف الاقليمية والدولية ضمن رؤية متقدمة تستلهم مضامين الدستور الجديد، وتستند إلي توجيهات جلالة الملك خاصة في خطاب 6 نوفمبر الاخير، وإرادة الحكومة والأحزاب ومكونات المجتمع المدني في احداث التغيير الشامل الذي يستجيب لمتطلبات مرحلة ما بعد الربيع العربي. و سجل انه في اللحظة التي تتحرك فيه الآلة الديبلوماسية لإيجاد حل سياسي ونهائي لمشكلة الصحراء، "فإن آلة التنمية تأبي الا أن تبحث لذاتها عن نموذج متقدم يحقق الإقلاع الاقتصادي لأقاليمنا الصحراوية علي قاعدة " المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها" ، حتي اذا حانت لحظة الحسم في ملف الصحراء باعتماد الحكم الذاتي تكون المناطق الجنوبية في كامل جهوزيتها لإنجاح هذا الاستحقاق الكبير. وبالمحصلة ، يضيف أفزاز، "سيكون المغرب بإطلاقه لهذه المبادرة قد خط مسارين متوازيين في التعاطي مع قضية الصحراء المغربيةº خط ديبلوماسي وسياسي يستند الى آلية المفاوضات وخط تنموي يستند الي مفهوم الجهوية المتقدمة او الموسعة. واعتبر أنه سيكون من المهم اعتماد مقاربة تشاركية في بلورة النموذج التنموي الجديد الذي نرى انه سيكون باكورة النماذج التنموية التي ستعتمد لدي التطبيق الكامل لمفهوم الجهوية الموسعة ، مبرزا أن من شأن اعتماد هذه المقاربة أن تضفي شرعية اكبر علي هذا النموذج وتضمن دعما سياسيا ومدنيا وإجماعا وطنيا متزايدا لترجمته على أرض الواقع. وأكد أن المغرب سيكون مطالبا بÜ" بلورة نموذج تنموي يأخذ في الاعتبار خصوصية المناطق الجنوبية للمملكة من جهة بنياتها الثقافية وتشكلاتها الاجتماعية والسياسية مثله مثل أي نموذج تنموي آخر يتطلع المغرب لإطلاقه في مناطق أخرى تكريسا للمضمون الحقيقي للجهوية الموسعة. من جهته، اعتبر الإعلامي امحمد العيشي ،الصحافي بقناة (الجزيرة الانجليزية) أن الورقة التأطيرية المتعلقة بإعداد أرضية نموذجية للتنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة تجاوزت المقاربات السابقة خاصة من حيث دعوتها لإشراك المجتمع المدني في عملية التنمية. وأكد العيشي أن ما تزخر به الأقاليم الجنوبية للمغرب من خيرات وموارد يساهم في جعلها نموذجا رائدا للتنمية في باقي مناطق المغرب. ويرى انه يتعين التعامل مع هذه الورقة كمنعطف حقيقي في التعاطي مع ملف الصحراء المغربية ككل.