نالت الشاعرة الأميركية لويز غلوك الخميس جائزة نوبل للآداب على ما أعلنت الأكاديمية الأميركية المانحة للجائزة. وأوضحت الأكاديمية في حيثيات قرارها أن غلوك كوفئت "على صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعا عالميا على الوجود الفردي". صوت مليء بروح الدعابة وأشاد رئيس لجنة جائزة نوبل، أندرس أولسون، بصوتها "الصريح الذي لا هوادة فيه"، قائلاً إنه مليء بروح الدعابة والذكاء اللاذع. وأضاف أن مجموعاتها الشعرية ال12، بدءاً من كتاب "Faithful and Virtuous Night" وصولاً إلى كتاب "The Wild Iris" تتميز بالسعي إلى الوضوح، وقارنها مع الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون في "شدتها ورفضها قبول مبادئ الإيمان البسيطة". وأوضح أولسون "في قصائدها، تستمع الذات إلى ما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولكن حتى لو لم تنكر غلوك أبداً أهمية طابع السيرة الذاتية، فلا يجب اعتبارها شاعرة دينية". وتعد غلوك المرأة السادسة عشرة التي تفوز بجائزة نوبل، والأولى بعد الروائية الأمريكية من أصل أفريقي توني موريسون في 1993، وهي الكاتبة الأمريكية السوداء الوحيدة التي حصلت على جائزة نوبل في الأدب عن مُجمل أعمالها. أبرز شعراء الأدب الأمريكي المعاصر ولويز غلوك هي من مواليد عام 1943 في نيويورك وتعيش في كامبريدج، ماساتشوستس. وهي أستاذة للغة الإنجليزية في جامعة ييل، نيو هافن، كونيتيكت. ظهرت الشاعرة لأول مرة في عام 1968 مع أغنية Firstborn، وسرعان ما اشتهرت كواحدة من أبرز الشعراء في الأدب الأمريكي المعاصر. حصلت على العديد من الجوائز المرموقة، من بينها جائزة بوليتزر عام 1993، وجائزة الكتاب الوطني عام 2014. نشرت لويز غلوك 12 مجموعة شعرية وبعض مجلدات المقالات عن الشعر، تتميز جميعها بالسعي إلى الوضوح، الطفولة والأسرة، العلاقة الوثيقة مع الوالدين والأشقاء، كموضوعات ظلت محورية معها. تستلهم من الأساطير والزخارف الكلاسيكية بدأت غلوك كتابة الشعر في سن مبكرة، متأثرة بالأساطير اليونانية والقصص الكلاسيكية التي تعلمتها من والديها. تسعى غلوك إلى تحقيق العالمية، وفي هذا تستلهم من الأساطير والزخارف الكلاسيكية الموجودة في معظم أعمالها أصوات ديدو، وبيرسيفوني، ويوريديس -المهجورون والمعاقبون والمخدوعون- هي أقنعة للذات في التحول، شخصية بقدر ما هي صالحة عالميًا. في قصائدها، تتحدث عن ذاتها لما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولا يمكن لأحد أن يكون أصعب منها في مواجهة أوهام الذات، ولكن حتى لو لم تنكر غلوك أبدًا أهمية خلفية السيرة الذاتية، فلا ينبغي اعتبارها شاعرة دينية. من خلال مجموعات مثل "The Triumph of Achilles" عام 1985)، و"Ararat" عام 1990، وجدت لويز جمهورًا متزايدًا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وخارجها. وفي مجموعة "أرارات" تتحد 3 خصائص لتتكرر لاحقًا في كتاباتها: موضوع الحياة الأسرية، الذكاء الصارم، وشعور راقي بالتأليف يميز الكتاب ككل. وأشارت غلوك أيضًا إلى أنها أدركت في هذه القصائد كيفية استخدام الإلقاء العادي في شعرها، حيث النغمة الطبيعية المخادعة ملفتة للنظر، كما تواجه صورًا مباشرة وحشية تقريبًا للعلاقات الأسرية المؤلمة، ولا أثر في أعمالها للزخرفة الشعرية. لويز غلوك ليست منخرطة فقط في ظروف الحياة المتغيرة، بل هي أيضًا شاعرة للتغيير الجذري والولادة الجديدة، حيث يتم تحقيق القفزة إلى الأمام من إحساس عميق بالخسارة. هنا نص للويز غلوك ترجمته الشاعرة السّورية رشا صادق بعنوان "أغنية صباحيّة": كان العالم ضخماً للغاية. ثمّ كان صغيراً. آه صغيراً جدّاً. صغيراً لدرجة أن يسعَه عقلٌ. عديمَ اللون. كلّه عبارةٌ عن حيّزٍ داخليٍّ: لا شيء يدخل أو يخرج. لكنّ الزمن تسارعَ إليه بأيّ حالٍ، ذلك كان البُعدَ التراجيديّ. أخذتُ الزمن على محمل الجدّ في تلك السنوات إن كنتُ أتذكّر بدقّة. غرفةٌ مع كرسيٍّ، نافذة نافذةٌ صغيرة، تملؤها الأشكال التي يرسمها الضوء في فراغها العالمُ كاملٌ دوماً، ليس كسرةً من شيءٍ ما، مع الذات في المركز. وفي مركز الذات، حزنٌ ظننتُ أنّني لن أتجاوزه. غرفةٌ مع سريرٍ، طاولة. ومضاتٌ من الضوء على الأسطح العارية. كانت عندي رغبتان: رغبة أن أكون آمنة، ورغبةٌ أن أحسّ. وكأنّ العالم يتّخذ قراراً ضدّ الأبيض لأنّه يكره الاحتمالاتِ وأراد عوضاً عنها مادّة: صفائح من الذهب حيث يضربُ الضوء. في النافذة، الأوراق المحمرّة لشجرة الزان النحاسيّة. بعيداً عن الركود، الأشياءُ، الوقائعُ مدغمةً أو محاكةً معاً: في مكانٍ ما الزمنُ يتقلقل، الزمن يبكي كي يُلمَسَ، كي يُجَسَّ، الخشبُ المصقول يلمع بعلاماته الفارقة من ثمّ كنتُ مجدّداً طفلة في حضرة الثراء دون أن أعرف مم صنع ذلك الثراء.