وأخيرا قرر امحند العنصر "زعيم" الحركة الشعبية ووزير الداخلية في آن واحد أن يمارس السياسة.. لقد امتلك الرجل الشجاعة، وشرب من لبن السباع، ليكشف أن في المغرب "مجموعات لا يرضيها أي شيء، لأن لها منظوراً آخر وهو تغيير النظام كلية". أطلق هذا الاكتشاف غير المسبوق، وهو يتحدث لجريدة الحياة اللندنية (الثلاثاء 13 نوفمبر 2012) عن "وصفة" المملكة المغربية التي جعلتها تنجو من مآسي الثورات العربية. ويبدو أن العنصر لم يجرؤ على هذه المغامرة غير محسوبة العواقب إلا بعد أن جلس على مقعد وزير الداخلية، الذي ظل كل من تعاقبوا على الجلوس عليه أوفياء لإلصاق التهم بالناس في ظلمات الليل كما في واضحة النهار. غير أن العنصر لم يمتلك الجرأة ليحدد من هي هذه "المجموعات" التي تريد تغيير النظام المغربي كلية. ولابد أنه يقصد ب"التغيير كلية" استهداف كل مكونات هذا النظام التي يحددها دستور فاتح يوليوز العظيم في الملكية والدستورية والديمقراطية والبرلمانية والاجتماعية! انسجاما مع منطوق هذا الدستور الذي يعرف النظام المغربي بأنه "نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية". لقد اكتفى فقط بالحديث عن مجموعات، دون أن يحددها بالاسم. ومع أن العنصر لم يكشف إن كانت هذه المجموعات نائمة أم مستيقظة، فقد أبلى البلاء الحسن في هذا التصريح. فهو لم ينتبه إلى أنه اعترف بملء الفم بأن في المغرب "مجموعات"، وليس مجموعة واحدة، تريد تغيير النظام بصفة كلية؛ أي "إسقاط النظام". وهو المعنى الذي يفيده تعبير وزير الداخلية، الذي لا يمكن أن يطلق الكلام على عواهنه، وإنما بالاستناد إلى معطيات وأدلة وحجج يمكنه منها كرسي الداخلية. وهذا الاعتراف وحده يستحق عليه الوزير الحركي في الحكومة الإسلامية تهنئة. فهو على الأقل لم يمارس التعتيم على مسعى ترغب فيه "مجموعات" في المغرب. وكيفما كان الحال، فإن مطلب إسقاط النظام، أو تغييره كلية بتعبير العنصر، في زمن الربيع العربي هو المطلب الأكثر تسويقا في الداخل كما في الخارج. يبقى على العنصر أن يكمل خيره ويتم أجره، فيكشف لنا عن لائحة هذه المجموعات، كما يجري الكشف هذه الأيام عن لائحة الكريمات والمقالع والمحتلين للسكن الوظيفي... وهلم جرا وشرا.