بينما أثير جدل كبير في الأوساط التربوية ولدي الأمهات والآباء حول معالم الدخول المدرسي المقبل 2021/2020 في ظل تنامي جائحة فيروس "كورونا"، يثار اليوم نقاش جديد بعد أقل من على عشرين يوما من الدخول المدرسي الجديد الذي قال عنه الوزير أمزازي إنه "لم يحسم بعد وهل سيكون التعليم حضوريا أم عن بعد أم هما معا". ماذا يعني هذا؟
نبه الباحث التربوي منير الجوري أن "وزارة التربية الوطنية تعتبر التعليم عن بعد مجرد قرار بعدم الحضور للمؤسسة يمكن اتخاذه في أي لحظة ثم تستمر العملية التعليمية بشكل عادي. مع تغيير شكلي في مكان التلقي من الفصل الدراسي إلى الصالون المنزلي". وأشار الجوري في مقال له، نشره على صفحته الرسمية على الفايسبوك، أن " الوزارة تريد أن تقنعنا بأن ما سمته "التعليم عن بعد" منذ مارس الماضي وحتى نهاية السنة الدراسية، والذي لم تصدر بشأنه، أو لم تقم بشأنه، أية دراسة لتقويم الاستيعاب والتحصيل الدراسي خلاله، أنه ناجع وناجح ويمكن أن نستمر على منواله". ونبه إلى أن "الوزارة لا تعرف، أو لا تريد أن تعترف، أن التعليم عن بعد الذي اعتمدته في الموسم المنصرم يفتقد إلى الفعالية والنجاعة لأن السياق المغربي بيداغوجيا وتربويا واجتماعيا وتكنولوجيا وأسريا غير مهيأ له لا لوجيستيكيا ولا منهجيا ولا مناهجيا" . مقامرة هشة… وقال الجوري إن الوزارة تقامر بمنظومة هشة، إذ لم تُعِد ما يلزم من شروط ومستلزمات إنجاح تعليم عن بعد جاد وفعال. فإذا كان عذرها السنة الماضية هو فجائية الجائحة، فإنه لم يعد مقبولا اليوم ولا غدا. وعلى الوزارة أن توقف بروباكندا الأرقام الجافة وتنكب على وضع بروتوكول تربوي وبيداغوجي يراعي الظرفية. بروتوكول يلامس خمسة مستويات عاجلة. مداخل استعجالية للحل.. ويقترح الباحث التربوي الجوري "ملاءمة المناهج الدراسية مع التعليم عن بعد وتخفيفها وفق رؤية تربوية وبيداغوجية، وليس بحذف دروس بأكملها بجرة قلم كما اضطرت له السنة الماضية، وفي الوقت ذاته" فتح دورات وتوجيهات لعموم المدرسين في كيفية التعامل مع التسجيلات السمعية البصرية، وفهم منطق الصورة وتأثير الصوت واختلاف الدرس الحضوري عن الدرس عن بعد. وكيفية الاستغلال الأمثل لما هو متوفر من برامج ومواقع وتطبيقات واختيار الأمثل والأقرب للتأثير والإيصال". كما يدعو الباحث" توفير العدة اللوجيستيكية للإدارات والمدرسين والمتعلمين التي تسمح بمواكبة تعليم عن بعد دون تفاوتات أو فقر تكنولوجي، إلى جانب تعبئة الأسر وتوجيهها لكيفية تحمل مسؤوليتها في مواكبة أبنائها، واقتراح حلول للمشاكل التي لقيتها خلال التجربة السابقة" . ويشدد الجوري على أنه يتعين" حل إشكال صبيب الأنترنيت وتوقيع اتفاقيات دولة لجعله مجانيا في الخدمات التعليمية أو على الأقل تخفيض أثمنته وجعلها رمزية". واعتبر الباحث أن" هذه الإجراءات كفيلة بإعداد جيد لدخول مدرسي آمن، ولن تخسر الوزارة جهدها حتى إذا كان التعليم حضوريا مادامت توجهاتها الاستراتيجية تتضمن فكرة "التعليم عن بعد" في الأفق المتوسط، وأن لا فائدة من بلاغات لا تقول شيئا"، بحسب تعبيره.