قالت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة إن تقرير مجلس المنافسة حول سوق الدواء بالمغرب متواضع وغير مكتمل ولم يأتي بجديد عن كل التقارير السابقة ،حيث وقف على مجموعة من الاختلالات التي أصبحت متقادمة وأرقام متداولة لم يتم تحيينها منذ بداية العقد الحالي . وأحيانا أرقام مضللة تسوقها جهات للتغطية على ارتفاع أسعار بعض الأدوية و على الأرباح الحقيقية لبعض الشركات المحتكرة للسوق الوطنية. وأوضحت الشبكة في تقرير لها، صدر اليوم الاثنين 29 يونيو الجاري، وصل موقع "لكم"، نظير منه، أن 15 شركة تحتكر أزيد من 70 في المائة من السوق الوطنية، في غياب أية إشارة للأسباب الحقيقية التي كانت وراء تراجع الإنتاج الوطني المحلي والاكتفاء الذاتي من ما يقارب 75 في المائة إلى اقل من 60 في المائة حيث لم يعد المغرب قادر على تأمين إنتاج وطني محلي كافي لتغطية حاجياته في الاستهلاك المحلي بعد تراجع عدد من الشركات على الاستثمار بالمغرب وعملت على نقل وحداتها الصناعية إلى موطنها الأصلي أو إلى الخارج بحثا عن "الملاذات الضريبية " لكن بعضها ظل يستورد ويروج لبضاعته دون توفره على وحدات صناعية محلية، والاعتماد أكثر استيراد مواد أولية بأقل الأثمان من دول تفتقد الجودة والفعالية، وبيع منتوجها بسعر مرجعي أعلى وبتكلفة اقل . الصناعة الوطنية للأدوية محاصرة ونبه التقرير ذاته إلى أن "الصناعة الوطنية للأدوية محاصرة وتجد نفسها غير قادرة على الصمود أمام المنافسة الدولية الشرسة ونتيجة لمنطق الاحتكار والمضاربات والعراقيل البيروقراطية الصادرة عن مديرية الأدوية والتدخلات السياسية لفائدة لوبي الاحتكار الذي يعتمد فقط على الواردات من الخارج ويستفيد من امتيازات الترخيص السريع وفرض أسعاره ومن الصفقات العمومية ، خلافا للصناعة المحلية الوطنية المثقلة بالضرائب المختلفة ومن ضيق السوق الوطني المحلي وعدم تشجيعه على استعمال جميع قدراته وطاقاته الإنتاجية". وتساءل التقرير: "كيف يمكن الحديث عن المنافسة الشريفة والنزاهة في ظل منطق الاحتكار في المنظومة الدوائية والثقل الضريبي على ما هو وطني وفرض الضريبة على القيمة المضافة على الأدوية بنسبة 7 في المائة وهي اعلي المعدلات الضريبية في العالم". وسجلت الشبكة، وفق تقريرها، "تشجيع شركات أجنبية محتكرة للسوق وتتصدى للدواء الجنيس، وهي التي كانت وراء ظاهرة خطيرة تتمثل في فقدان أدوية أساسية وضرورية للحياة بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة والتي عاشها المغرب في السنوات الأخيرة وأدت إلى وفيات دون أن تعلن عنها وزارة الصحة ". أدوية مغشوشة ومزورة والأخطر ما في الأمر، حسبما نقله تقرير الشبكة، "إغراق السوق الوطنية بأدوية مغشوشة ومزورة تهدد صحة المواطن ، فان الملاحظ هو تراجع جودة عدد من الأدوية التي تسوق داخل الوطن في القنوات القانونية والمؤسساتية لا تحترم المعايير الدولية في الجودة والفعالية بسبب اللجوء إلى شراء واستعمال اقل جودة من الصنف الثالت او الرابع ،مما يضعف الفعالية والجودة لهذه الأدوية مقارنة مع أدوية مماثلة يتم اقتنائها من أوروبا". وفي هذا الإطار، حمل تقرير الشبكة "مديرية الأدوية التابعة لوزارة الصحة المسؤولية الأولى والرئيسية في كل هذه الاختلالات ولم يشر لها التقرير بالرغم من صدور تقارير حول فضائح خطيرة هذه المؤسسة التي تدبر المجال الدوائي بالمغرب هذا فضلا عن غياب حقيقي لتوفير كلفة إنتاجية تنافسية وهوامش للربح معقولة وفي متناول أوسع الطبقات الشعبية للرفع من حجم الاستهلاك الوطني ، رغم أن الرقم 450 درهم للفرد ظل نفسه". وأشار إلى أنه "لم يتغير منذ أزيد من ربع قرن وهذا غير صحيح بسبب ارتفاع حجم الاستهلاك وارتفاع رقم المعاملات المباشر للصناعة الدوائية من 11 مليار درهم إلى أزيد من 15 مليار درهم وفائض تجاري إضافي يبلغ 7,8 مليار درهم وما تحققه عدد من الشركات من إرباح خيالية ، من جانب الاستهلاك العمومي والنفقات العمومية الخاصة بوزارة الصحة التي تتجاوز 2 مليار درهم سنويا 90 في المائة منها دواء جنيس كما ان صناديق التامين الإجباري عن المرض تحول سنويا ما يقارب 83 في المائة من نفقات التشخيص والعلاج إلى القطاع الطبي الخاص تمثل فيها الأدوية ما يقارب 40 في المائة . فضلا الطب الذاتي Automédication ، وما تجنيه خزينة الدولة من ملايير الدراهم من خلال فرضها للضريبة على القيمة المضافة على الأدوية تصل إلى 7 في المائة خلافا للأغلبية الساحقة من الدول الأوربية والإفريقية". تقارير لا تفيد بالمقابل، اعتبر تقرير الشبكة أن "جائحة فيروس كرونا سارس كوف -2 تساءلنا من جديد حول مجموعة من التقارير الموجهة والتي لاتفيد في شيء في ضمان الأمن الدوائي وتحقيق المنافسة الشريفة والنزاهة، إن لم تأخذ بعين الاعتبار في وضع السياسات والاستراتيجيات والخطط العلمية والتكنولوجية على مختلف مستويات المنظومة الدوائية بصورة متكاملة ومتوافقة مع احتياجات ضمان الأمن الدوائي للمواطنين والقضاء على الريع والاحتكار". وأشار إلى ان "الدواء يتعلق بحياة المواطنين وصحتهم واعتماد الحكامة الجيدة، وتكريس مبدأ الشفافية، والنزاهة، والمراقبة الصارمة حيث لا يمكن الحديث عن الأمن الدوائي ما مل تكن هناك ضامنة أن تلك الأدوية ذات صلة بالاحتياجات الصحية ذات الأولوية تستوفي للمعايير المقبولة للجودة والأمان والفعالية، وضمان لضامن حصول المريض على الدواء الفعال ذي الجودة العالية". ومن أجل تحقيق مبدأ الصحة للجميع، دعت الشبكة في تقريرها ل"وجوب توفر نظام للرقابة الدوائية من قبل مؤسسة مستقلة ، وحماية البراءة والابتكار، وتشجيع الصناعية الدوائية الوطنية وتطوير التكنولوجية الطبية لإنتاج الأدوية الجنيسة وتشجيعها لتغطي على الأقل 60 في المائة وتحقيق الاكتفاء الذاتي ، وخلق مختبرات مرجعية جهوية التكافؤ الحيوي bioéquivalence ، وتمكين المغرب من لعب دور مركزي في تغطية حاجيات الدول الإفريقية في الأدوية والمنتجات الصحية والتجهيزات الطبية والأجهزة الالكترونية والرقمنة في الصناعة الدوائية الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير". خلق وكالة وطنية لسلامة الأدوية واعتبر أن " المنافسة الشريفة والنزيهة تقتضي خلق وكالة وطنية لسلامة الأدوية للمنتجات الدوائية والغذائية وضمان استقلال هذه المؤسسة الوطنية المخول لها تدبير وتسيير ومراقبة جودة وفعالية الأدوية في مختلف سلاسل الإنتاج والتوزيع والاستهلاك وحصر اللائحة الحقيقية الشفافة للأدوية المرخص لها بالمغرب بشكل رسمي، وسحب كل الأدوية التي لم يعد مسموح باستهلاكها او ترويجها على المستوى الدولي". كما دعا ل"بناء آليات تنظيمية بين الوكالة الوطنية للأدوية واليقظة الدوائية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية في افق الجمع بينهما في هيئة الغذاء والدواء و مراجعة النظام الضريبي على شركات الأدوية وعلى الصيدلي وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة على جميع الأدوية والمنتجات الصحية الضرورية للعلاج والحياة ودعم وتشجيع الفاعل الصيدلي الذي يتعامل مباشرة مع المواطنين في هامش ربح يضمن عيشهم الكريم والمساعدين الدين يشتغلون معهم". كما طالب ب"إصدار قانون إمكانية الاستبدال الدوائي كما هو عليه الحال في اغلب الدول، لتخفيف العبئ على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، خاصة ان مساهمة الأسر المغربية مرتفعة جدا تتجاوز 54 في المائة من النفقات الإجمالية للصحة من أجل تعزيز ةتسهيل عملية الولوج للدواء بالنسبة ملك الطبقات الشعبية وتحديد لائحة الأدوية التي تعطى دون وصفة طبية وتشجيع البحت العلمي ومنظومة للذكاء الاصطناعي يمكنها أن تسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة ابتكار الأدوية الجديدة مع تقليل الحاجة إلى الاختبارات المعملية التي تستهلك قدراً كبيراً من المال والوقت".