تتوالى الانتقدات اللاذعة لمختلف السلطات المتدخلة والمعنية بما حصل في ضيعة لالة ميمونة، التي تحولت من ضيعة لإنتاج وتصبير الفراولة إلى أكبر بؤرة وبائية بالمغرب، أسهمت في تسجيل أرقام قياسية لمعدل الإصابات اليومية بالفيروس، منذ ظهوره بالمغرب في بداية شهر مارس الماضي. ومنذ أيام عدة، وعدد الحالات يتصاعد في بؤرة لالة ميمونة، ليبلغ ذروته أمس بتسجيل البؤرة ل457 حالة، في 24 ساعة فقط، في حين تم الإعلان صباح اليوم عن زيادة 151 حالة بجهة الرباطسلاالقنيطرة مرتبطة أساسا بهذه البؤرة، ويتجاوز إجمالي الحالات المصابة بعلاقة ببؤرة لالة ميمونة حسب مصادر نقابية أكثر من 600 حالة.
نشطاء: السلطات وعلى رأسها الداخلية تتحمل المسؤولية خالد البكاري، الناشط الحقوقي، اعتبر أن المسؤول الأكبر عن البؤرة هي وزارة الداخلية، فرغم تحميله المسؤولية السياسية للحكومة، لكنه اعتبر أنه من "المضيعة للوقت الحديث عن مسؤولية العثماني الذي ثبت بالواضح والخفي أنه مجرد قارئ للخطابات، وأنه مستثنى بإرادته من تدبير الجائحة، أما الحديث عن مسؤولية وزير الصحة الصامت الثاني بعد العثماني، فهو محاولة لإبعاد سهام النقد عن جهات أخرى، مسؤولية وزارة الصحة هي بعدية وليست قبلية". ويحمل البكاري المسؤولية الأساس لوزارة الداخلية على اعتبار "أنه تم تخويلها سلطات أكبر، سواء على المستوى المركزي أو على مستوى الولايات والجهات، لدرجة أن الولاة والعمال أصبحوا يقررون حتى في منسوب التخفيف". وبدوره، شدد عمر الشرقاوي، أستاذ الحقوق بالمحمدية، على عدم تحميل العاملات مسؤولية ما حدث في لالة ميمونة، واعتبر أن من يتحمل المسؤولية هي "السلطة التي اتخذت القرار ورجال الإدارة الترابية بالقنيطرة، وصاحب الشركة الذي تهاون في توفير الشروط الصحية"، مضيفا أن الكارثة تتطلب المحاسبة والمساءلة، وعلى رئيس الحكومة "أن يخرج لمخاطبة الناس وتقديم التوضيحات اللازمة". حقوقيون: تحذيراتنا قوبلت بالاستهتار وغياب المسؤولية ومن جهتها، وجهت العديد من الجمعيات الحقوقية أسهم الانتقاد لمختلف السلطات التي يتمثل واجبها أساسا في الحيلولة دون حدوث مثل هذه الانتكاسات، وفي هذا السياق اعتبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في المدن المرتبطة بهذه البؤرة، أن استمرار السماح بالعمل في هذه الوحدات لتصبير الفراولة، رغم ظهور مؤشرات قوية على إمكانية تفشي الوباء في صفوف العاملات، كان خطأ جسيما، خصوصا مع التحذيرات المتكررة التي سبق أن أطلقتها جهات عدة، والتي تعاملت معها الجهات المعنية بالاستهتار وغياب حس المسؤولية، إرضاء لأرباب الوحدات الصناعية. وحمل فرع العصبة بالقنيطرة المسؤولية لرئيس لجنة اليقظة بالإقليم، والمندوب الإقليمي للصحة، بسبب التراخي والتهاون في تطبيق القانون، والاستهتار بالتدابير، كما أكد على التقصير في المسؤولية من طرف السلطات المحلية ومفتشية الشغل وأرباب العمل الذين لم يتخذوا الاجراءات الاستباقية. وفي نفس السياق، أشار منتدى المناصفة والمساواة، الإطار الموازي لحزب التقدم والاشتراكية، أن النساء العاملات بالوحدات الصناعية والفلاحية هن الأكثر عُرضة لانتهاك الحقوق الإنسانية في فضاءات الشغل، وحمل مسؤولية هذا الانفجار الوبائي أولًا إلى المُشَغِّلين الذين لم يتقيدوا بقواعد الوقاية والاحتراز، ثم إلى الجهات المُفترض أن تُراقِبَ مدى احترام هذه الوحدات الإنتاجية للتدابير الصحية، التي قررتها السلطات العمومية المختصة. نقابيون: الوضع يسائل أدوار عدة جهات ولابد من المحاسبة كما لقيت هذه الانتكاسة الصحية، انتقادا واسعا من مختلف الأطر النقابية الوطنية، التي أكدت على تحذيراتها المستمرة للمسؤولين مما يمكن أن يحدث من كوارث وبائية بالوحدات الصناعية والإنتاجية، بسبب غياب التدابير اللازمة وغياب المراقبة. وفي هذا الإطار، قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إن الوضع الحالي في بؤرة لالة ميمونة يسائل دور وزارة الشغل في مراقبة وفرض تنفيذ البروتوكولات الصحية الوقائية وقانون الشغل وكل الإجراءات المرتبطة بحفظ الصحة والسلامة المهنية، إضافة إلى أنه يسائل وزارة الداخلية التي تابعت آلاف المواطنين لخرقهم إجراءات الحجر الصحي في مقابل غض الطرف عن أرباب العمل المستهترين. كما اعتبرت النقابة أن هذا الوضع يسائل نقابة أرباب العمل، وما إذا كانت رؤيتها لاستئناف الإنتاج وإنعاش الاقتصاد ينبنب على حساب أرواح العمال، كما أن الوضع الحالي بلالة ميمونة يفند خطاب رئيس الحكومة في البرلمان البعيد عن الواقع والمنتشي بانتصار ونجاح وهمي. ودعت الكونفدرالية إلى جانب فعاليات نقابية وحقوقية ونسائية بمحاسبة كل المسؤولين عن هذا الوضع، وفرض احترام القانون وسلامة الأجراء، لتفادي تكرار مثل هذه الفاجعة.