وقعَ أزيد من 40 صحفية وصحفيا مغربيا، بلاغا تضامنيا مع سليمان الريسوني رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم” جراء اعتقاله على خلفية التحقيق للاشتباه في ارتكاب أفعال “هتك العرض بالعنف” و”الإحتجاز” حسب صك اتهام النيابة العامة، مشددين على عدم الانسياق إلى ردود أفعال “متشنجة” أو”اصطفافات” تبنى على روابط مهنية أو شخصية أو أنماط حياة أو هويات جندرية مدينين استخدام بعض الجهات لمنطق “مهنة الشياطين” و”مجتمع الملائكة”. وقال بلاغ الصحافيين المغاربة إنهم يأملون في أن تبقى هذه القضية في إطارها الطبيعي كتحقيق قضائي بشأن واقعة تهم مواطنين مغربيين، بما يمليه عليهم ضميرهم وواجبهم المهني من التزام بالموضوعية والحياد وتعامل مع الوقائع وليس الافتراضات، ووعي بضرورة حفظ حقوق جميع أطراف هذه القضية.
وسجل البلاغ ما أسماه ب”تواتر وتكرار عدد من الممارسات والوقائع والتحركات” والتي قال إنها تطرح علامات استفهام كبيرة وشكوكا جدية حول طبيعة هذا الملف، وإذا ما كان الأمر يتعلق فعلا وفقط بإنفاذ القانون، وفي نفس السياق أشار البلاغ إلى أنَّ الطريقة التي تم بها اعتقال سليمان الريسوني تعسفية وتشوبها خروقات ، كما أن قيام الشرطة القضائية ببحث تمهيدي حول أفعال منسوبة لأي مواطن، لا تخول لها بأي شكل من الأشكال في غياب الطابع التلبسي إلقاء القبض عليه بدعوى الامتثال للتحقيق. وقال البلاغ أيضًا إن سليمان الريسوني كان ولا يزال يتوفر على جميع الضمانات للامتثال للمساطر والإجراءات القضائية الجاري بها العمل في مثل هذه القضايا، كما أن الاعتقال الاحتياطي في الأصل يعتبر تدبيرا استثنائيا، وكشفَ أن الأفعال المنسوبة لسليمان الريسوني بناء على تدوينة مواطن مغربي حول وقائع يفترض أنها حصلت وتعود لسنتين خلت، لا زالت وإلى الآن تعوزها القرائن والدلائل وهو ما تثبته إحالة الملف على قاضي التحقيق، كما أنها -الوقائع- في حاجة إلى إجراء تحقيق عميق ومفصل ودقيق ومتأن يتسم بالنزاهة والاستقلالية بعيدا عن التأثيرات الخارجية والضغوط المختلفة والحسابات المسبقة والانطباعات الشخصية. وطالب بلاغ الصحافيين المغاربة بعدم معاملة أي طرف من الأطراف معاملة تفضيلية وتمييزية سواء على أساس مهني أو اختيار جنسي، وعبروا عن رفضهم لإقحام واستغلال ملف “الأقليات الجندرية” من طرف الدولة أو من يدور في فلكها تحت غطاءات وقبعات متنوعة لتصفية الحسابات والتجييش والانتقام من الزميل سليمان الريسوني بسبب ما يخطه من كتابات نقدية وآراء قوية مزعجة لجهات واسعة داخل أجهزة الدولة. “مهنة الشياطين” و”مجتمع الملائكة” واستغرب البلاغ إصرار بعض الجهات الحقوقية على الحديث عن “مجرم” و “ضحية” بهذا اليقين وبمنطق “مهنة الشياطين” و”مجتمع الملائكة” دون أدنى احترام لقرينة البراءة، في محاولة لا تخطؤها العين لتضليل الجمهور وتهييء مناخ موات لتقبل إدانة رئيس تحرير يومية “أخبار اليوم” كما استنكر التصريحات المحرضة على الكراهية والمشهرة بالمصرح وميولاته الجنسية واختياراته الشخصية. وقال البلاغ في هذا الإطار إنَّ سليمان الريسوني كان وما زال ومنذ تفجر هذه القضية وخروجها إلى الرأي العام، الطرف الأضعف في هذه القضية غير المتكافئة، فهو من انتهكت حقوقه واستبيحت حياته الشخصية بالوصم والتشهير بشكل ممنهج ومنسق قبيل وبعد توقيفه سواء من طرف منصات إعلامية معروفة بأنها خاضعة لحماية السلطة بل وتوجيهاتها، أو أفراد محسوبين على الوسط الحقوقي، سواء في الفضاء العام أو الخاص، مشيرًا إلى أن سليمان تعرضَ إلى محاكمة الرأي العام والماسة باعتباره الشخصي من طرف “صحافة صفراء وجهات محسوبة على الجسم الحقوقي” التي سارعت لإدانته ومهاجمة منظمات حقوقية ذات مصداقية وطنية ودولية طالبت بتوفير شروط محاكمة عادلة وإقامة تحقيق نزيه واستنكرت الخروقات التي شابت اعتقاله. وأدانَ البلاغ محاولات أطراف من هيئة دفاع المصرح توسيع دائرة المشتكين عبر الاتصال بمواطنة لا تربطها أي علاقة مع المشتبه به على أساس أنها ضحية مفترضة، وهو ما ذهب إليه ومع الأسف المصرح أيضا، وقال البلاغ إنها كلها معطيات تزيد من تعميق شكوكنا السابقة حول شبهة الاستعمال السياسي لهذه القضية، فيما نخشى أن يكون استمرارية لمسلسل مستمر في الزمان لاستهداف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان المخالفين أو المنتقدين للسلطة بتهم ذات طبيعة جنسية، والتي أصبحت أسلوبا ونمطا قائم الذات. واستحضر البلاغ بعضًا من الوقائع التي اعتقل بناءً عليها صحافيين وصحافيات بذرائع وتكييفات أخلاقية، ويحدث أن يكون لهؤلاء الصحافيين (ت) أو المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها مواقف وآراء نقدية لا تعجب السلطات، وتسبقها وتتبعها حملات تشهير أو مضايقات، وتشوب عملية اعتقالهم أو التحقيقات خروقات عديدة، أبرزهم توفيق بوعشرين المحكوم ب15 سنة سجنًا بتهم تعلقة بالاعتداءات جنسية، وهشام المنصوري بتهمة المشاركة في الخيانة الزوجية، وهاجر الريسوني رفقة خطيبها بتهمة الاجهاض الغير القانوني. الصحافيون ليسوا فوق القانون وقال البلاغ إنَّ الصحافيين ليسوا أبدا فوق القانون، ولا يقول بذلك إلا أصحاب النوايا السيئة، مشيرًا إلى أن الصحافيين كانوا ولا يزالون مؤمنين بأن المواطنين متساوون أمام القانون، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون الانتقائية المفضوحة التي يجري بها التعامل مع ملفات يوجد الصحافيون طرفا فيها قياسا بملفات من ذات النوع والطبيعة والاتهامات، وحيث إن قانونا واحدا يحكم بين المغاربة جميعا، نرى أنه من التمييز الصريح التعامل بتشدد أو استثنائية مع ملفات الصحافيين في مقابل إعمال المرونة والتخفيف في قضايا مشابهة. وطالب البلاغ بحماية حقوق الصحافي سليمان الريسوني كاملة، وبالإفراج الفوري عنه ومتابعته في حالة سراح ضمانا لقرينة البراءة و للمساواة بين أطراف الدعوى، وتمكينه من تقديم وسائل وأدلة دفاعه وهو حر علما أن الحبس الاحتياطي يعتبر تدبيرا استثنائيا فقط. ونحن ندعو إلى تصحيح هذا الوضع، نؤكد أن المعني بالأمر يحقق جميع الشروط ويتوفر على كل الضمانات للامتثال للإجراءات القضائية والقانونية التي يجري بها العمل. وأكد المصدر ذاته على ضرورة التحقيق النزيه الذي قد يفضي إلى المتابعة كما قد يفضي إلى عدم المتابعة، وكذا ضمان شروط المحاكمة العادلة، بعيدا عن منطق محكمة “الرأي العام” كما شدد على ملحاحية وراهنية سؤال استقلال السلطة القضائية وأجهزة إنفاذ القانون عن أي تأثيرات أو ضغوط أو توجيه. ورفضَت الموقعات والموقعون على البلاغ حملات التحريض والتشهير بالمصرح واستهدافه بسبب ميولاته الجنسية، وقال “كلنا نستغل هذه المناسبة لتجديد الدعوة إلى إلغاء جميع القوانين التي تميز بين المواطنين على أساس الميولات أو الهويات الجنسية، فإننا نذكر الرأي العام أن منصات إعلامية متخصصة في التشهير وتحظى بالحماية كانت أول من بادرت إلى إقحام “الميولات الجنسية ” للمصرح في هذه القضية، في محاولة لصرف الأنظار وخلط الأوراق.