من بين العجائب في بلادنا الحبيبة أننا نستورد الوزراء من الخارج وكأن البلد خاوية من رجالها و نسائها، والحديث هنا طبعاً عن السيد محمد الوفا الذي وجد نفسه وزيراً للتربية الوطنية بعد أن كان سفيراً للمغرب في البرازيل والهند. ما العلاقة بين الرجل وبين التربية الوطنية ؟ ما هي مؤهلات الرجل ليخطط لمستقبل أبنائنا ؟ ماذا قدم الرجل لبلادنا في الهند والبرازيل لنكافئه بوزارة التربية الوطنية ؟ الله أعلم. ولأن الرجل أتى فعلاً للوزارة من بعيد فقد ظهرت عليه معالم "الدوخة ديال الطيارة" يوم المجلس الوطني الأخير لحزب الاستقلال، وأبدع في تهديد نواب الوزارة وسب المدراء والأساتذة، بل إن السيد الوزير المحترم جداً سب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية و ردد في مناسبتين عبارة "هداك اوباما باباه". و بطبيعة الحال أوباما لن يصدق ما يقال لأن بن لادن زعيم القاعدة لم يكن يتجرأ أن يقول مثل هذه العبارة أمام الكاميرات، لكن في بلد العفاريت والتماسيح كل شيء يصبح ممكناً. و بما أن السيد الوزير أتى فعلاً من بعيد فقد أجزم بأن الاكتظاظ في المدارس بالمغرب جد مستحيل، بل وحتى مدارس أمريكا لا تتوفر على ما تتوفر عليه مدارس المغرب و اختصر مشاكل التعليم في المغرب ببساطة في الأساتذة الغير المتفانين في عملهم و "المفشين". هذا هو تحليل المسؤول الأول عن التربية والتعليم في بلادنا، ولم يمض عن آخر خطاب للملك والذي أعلن فيه بكل صراحة افلاس المنظومة التعليمية سوى شهر واحد . فكيف سنعالج الإفلاس بالإفلاس إذاً ؟ فاقد الشيء لا يعطيه طبعاً، والسيد محمد الوفا لا يملك شيئاً ليعطيه للقطاع أصلاً. فالسيد الوزير لم يفهم بعد أنه يسير القطاع الأكثر حساسية اليوم في المغرب، فالتعليم هو الأساس وهو السبيل الأوحد للخروج من الأزمة على جميع الأصعدة لأن التعليم هو قاطرة التنمية و به تبنى الحضارات و تتقدم الأمم. لم يقدم السيد الوفا أي جوابٍ على الخطاب الملكي الأخير الذي أعلن فشل البرنامج الاستعجالي للتعليم، ولا تتوفر الحكومة المغربية الحالية على أي استراتيجية واضحة وأهداف محددة في ما يخص التعليم. ما الفرق بين الدخول المدرسي لسنة 2011/2012 ودخول هذه السنة ؟ ليس هناك أي فرق يذكر. ما زلنا ننافق أنفسنا ونبحث عن سبب تخلفنا في مكان ما، لكن الخلل واضح و ظاهر : منظومتنا التعليمية فاشلة ولا تنتج عقولاً تفكر ولا سواعد تنتج، وإذا اعْوَجَّتْ منظومة التربية والتعليم اعْوَجَّتْ منظومة الأخلاق في البلد واعْوَجَّتْ منظومة الإنتاج. فكل برامج التنمية والتصنيع والنمو تُبْنَى على منظومة التعليم، وكل ما يراهن عليه البلد على المدى القريب أو البعيد مرتبط بمنظومة التعليم. و باختصار شديد :إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة.