الشعب يريد إسقاط الفساد " شعار يتردد في جميع التظاهرات والمسيرات التي يعرفها المغرب، وأصبح يتداول في الفضاء العمومي بشكل يومي مند 20 فبراير 2011. هذا المفهوم الذي يشكل عقبة أمام سعادة المغاربة ورفاهية المجتمع خاصة الفئات الأقل حظا في الاستفادة من خيرات الوطن، تم تمويهه وجعله إمعة يصعب الإمساك بها ، وبالتالي يصعب القضاء عليه وكأنه شبح ورعاياه يصفهما رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران "بالعفاريت " الذي من المستحيل الإمساك بهم ، وتدل هذه الأخيرة في المخيال والثقافة الشعبيين بأنهم أشرار يجب اتقاء شرهم عدم إزعاجهم وتركهم يفعلون ما يردون . فهل الفساد ورعاياه فعلا يستحق إن نصفهم بهدا الوصف ؟ فما هو هدا الفساد الذي لا نستطيع القضاء عليه ؟ تعرف منظمة الشفافية العالمية الفساد بأنه استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة، وعرفه البنك الدولي بأنه إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، فالفساد يحدث عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز أو رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح للمنافسة العامة ، كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة تقديم رشى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة لتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين . كما يمكن الفساد أن يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة، ويتمثل كذلك في تبذير المال العام من قبل الحاكمين على حساب حاجات ملحة للفئات عريضة من المجتمع. أما الفساد السياسي هو إساءة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيين من اجل تحقيق الربح الخاص ومن اجل زيادة قوتهم وثرواتهم ، هدا النوع من الفساد يسمى الاستبداد ، ولا يحتاج الفساد السياسي إلى دفع الأموال بل قد يتخذ شكل " تجارة النفوذ " لمنح الافضليات والامتيازات التي تسمم الحياة السياسية والديمقراطية . يؤدي الفساد إلى نتائج سياسية واقتصادية واجتماعية في غاية الخطورة . فهو يؤدي أولا : إلى انخفاض في مستوى الأداء الحكومي ، ويشيع أجواء من عدم الثقة وينشر الإحساس بالظلم والحكرة ويعرض شرائح من الشعب إلى الضياع والحرمان،ويؤدي ثانيا:إلى تقويض الشرعية السياسية للدولة أي التسبب بإضعاف الدولة وهيبتها، وعند ذلك تتهاوى الرقابة والمتابعة وينتشر جو الفساد . إن انتشار الفساد لا يؤدي إلى إضعاف موقف الدولة في الداخل فقط ، بل يضعف موقفها الخارجي أيضا ، ففي الداخل يعزف أصحاب الكفاءات العالية من الشرفاء عن الوظائف الدولة ، ويتهافت عليها الطامحون ذوو الضمائر العفنة الذين لا يضيرهم التفريط بمصالح الوطن. إن الفساد لا يعوق الاستثمار فقط ، وإنما يعوق التنمية الاقتصادية أيضا ورفع من كلفتها ، ويلجا بعض المستثمرين قبل إبرام عقودهم إلى الاطلاع على تقارير منضمات الشفافية ذات المصداقية . أما المستثمرون الذين يهمهم الربح السريع والعالي فيسالون عن" مفاتيح الفساد"وعن رجال الأعمال المحليين من أصحاب النفوذ. هذا هو الفساد وانعكاساته على الدولة والمجتمع ، تبقى الإرادة الحقيقية في القضاء عليه بين محك الخطابات الرسمية الداعية إلى الحكامة وتخليق الحياة العامة واقع الفساد مستمرا في الانتشار . كل رعايا الفساد وتجار النفوذ ولوبياتهم وارتباطاتهم داخليا وخارجيا واضحة لذا الجميع ، فكان على رئيس الحكومة أن يقول للمغاربة بأنه لا استطيع القضاء على الفساد سيكون معذورا ، لكن تبرير عجزه بان المفسدين هم "العفاريت" فهذا استهزاء بكل الذين منحوه أصواتهم وتحالف ضمني معهم . بنا حزب العدالة والتنمية مشروعه الانتخابي الذي منحه المغاربة ثقتهم على محاربة الفساد وإسقاط الاستبداد يبدو عاجزة عن القيام بما وعد به رغم توفره على كل الوسائل القانونية لاتخاذ اجراءت تحد من هدا الوباء الذي ينخر البلاد . تتوالى الخطب الرسمية منذ مطلع العهد الجديد ببناء دولة الحق والقانون والقيام بإصلاحات شمولية لكن تظل هده الإصلاحات وفيا للشعار السلحفاة خطوة إلى الأمام لكن لكل خطوة حساباتها . الفساد يبقى أخطبوط ضخم له رأس واحد يتطلب طبيب جراح متشبع بالقيم الوطنية لاستئصال هذا الداء من جذوره لكي يعيش كل المغاربة في كرامة وحرية . ناشط بحركة 20 فبراير