منذ فترة الاتحاد الزاهية زمن المد السياسي التقدمي والنضال الديمقراطي، زمن الاشتعال وسنوات الرصاص، كان من يتكلم في الثقافة وعن الحركة الثقافية والفكرية في المغرب، ليس فقط اليوم ولكن منذ زمان، لابد وأن يكون يعبر ويجهر بمواقفه وآرائه وتوصوراته حول الأوضاع السائدة من أجل إصلاحها وتغيير أعطابها، إلا ويصدر سواء أأعلن ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن توجه سياسي معين وعن قناعات سياسية وفكرية وإيديولوجية هي التي تحكم المواقف والمبادئ التي يتبناها، بمعنى من المعاني أنه مسيس، وبالتالي فهو يمارس السياسة بشكل أو بآخر. يقول عديدون من الذين كانوا ينظرون إلى اتحاد كتاب المغرب كمنظمة ثقافية وفكرية قوية لها تأثيرها في المسار السياسي والاجتماعي للبلاد، منظمة تفعل في الأوضاع المتلاحقة والمحطات المفصلية والحاسمة في تاريخ البلد، ومنظمة لها مكانتها الرمزية، أن الاتحاد اليوم أصابه ما أصاب الأحزاب السياسية، من ترهل وتشرذم وانبطاح ، وتغيير في المرجعيات والقناعات والمواقف، وتنصل من الالتزامات والعهود ومن المبادئ والقيم. هل لا زال هناك اليوم ممن خبروا الاستفادة من المنافع والامتيازات، بدعوى أنهم حراس الاتحاد التاريخيون، على وزن القيادات السياسية والحزبية التي تقول أنها تستمد مرجعيتها من شرعية تاريخية، يحنون للتخندق في هياكل وأجهزة الاتحاد التقريرية من جديد؟ هل كل مثقف بين قوسين ممن سبق له أن مارس السياسة في فترة ذهبية، بتعبير العديد من المتنفذين، في الستينات والسبعينيات في صفوف الأحزاب التي كانت تسمي نفسها تقدمية وديمقراطية وعلى امتداد عمر اتحاد كتاب المغرب كانت لهم الحظوة والشلة لا زالوا يطمحون للعب نفس الدور، حتى ولو تغيرت الأوضاع رأسا على عقب وسقط القناع على القناع، وبعد أن عصفت رياح ثورات الربيع العربي بأعتى الديكتاتوريات العربية وطوحت بالزعامات الورقية التي كانت عصية على التزحزح من على كراسيها؟ هل ما أصاب أحزابنا والسياسة في هذا البلد من تهافت أعمى على المواقع والكراسي والمناصب، انتقلت عدواه حتى إلى الجمعيات والإطارات الثقافية، ومنها المنظمة العتيدة التي كانت، اتحاد كتاب المغرب؟ في المؤتمر الوطني الأخير للاتحاد دقت نواقيس كثيرة، مرورا بالمؤتمرات التي انعقدت قبل ما سمي بحكومة التناوب التوافقي وبعدها، حيث جرت مياه كثيرة تحت جسر مشهدنا السياسي والثقافي ، قرع أكثر من ناقوس، اتحاد كتاب المغرب اليوم في مفترق الطرق وفي مرحلة حاسمة، تزحزحت كثير من القناعات والمسلمات التي كانت تؤطر فكر ومواقف المثقفين في الستينات والسبعينات والثمانيات وحتى بداية التسعينات. اتحاد كتاب المغرب مطالب اليوم وفي هذه المحطة الحاسمة والفارقة في ظل ربيع الثورات العربية وتأثيراته الواضحة على مسار بلادنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في محطة مؤتمره الوطني إما أن يتجاوز الاتحاد الوضع الذي هو فيه ويتقدم إلى الأمام، وإلا لا قدر الله، سيكون للوضع ما يليه لا نريد أن تنتقل عدوى الأحزاب إلى الاتحاد ولا نريد أن يعيش اتحاد كتاب المغرب على إيقاع صرعات وانشقاقات، لأنه لا نتخيل أن يقع انشقاق وينشئ اتحاد آخر. فهل سيتخلص، إذن، الاتحاد من عدوى أعطاب الأحزاب السياسية؟ ذلك هو السؤال. صحفي وكاتب مغربي