بينما تجتاح العالم موجة من الرعب ،ويبحث الناس عن معلومات طبية تروي ظمأهم ، لمعرفة هذا العدو اللامرئي.. كورونا ..و طرق التحصن منه،و تتناسل وتختلف أسئلتهم القلقة حول أسباب الإصابة وأساليب الوقاية مركزين على هشاشة المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة ،فإننا ننسى في كل هذا الخضم وجميعا المرأة الحامل متأثربن بهذا الخوف العارم الذي يعم العالم : ربما اعتقادا منا وهذا أغلب الظن أنها مادامت في طور الخصوبة والشباب، فهي في منأى عن الخطر .لكن للحوامل هواجس قد لا يبحن بها حتى داخل العائلة. فالحامل هي زوجة. وغالبا ما تكون اما. وبالتالي لا تريد أن تزرع المخاوف أكثر داخل العائلة في هذا الوقت الذي تزداد فيه مسؤوليتها، ليس عن صحتها وصحة الجنين فقط، بل هي تمتد لتشمل تنظيم الحجر الصحي داخل البيت ووضع خطط الوقاية للزوج والأطفال. ويزداد الوضع تعقيدا كونها تحرم في هذه الظروف الصعبة من إشراف عائلتها الكبيرة على متاعبها مع الحمل .فالكل في بيته يمارس العزل والابتعاد الاجتماعي. لا أم ولا قريبات. كذلك قد لا تتيسر لها حتى متابعة الحمل بالشكل السلس الذي كان عليه الأمر قبل كورونا نظرا لانشغال المستشفيات بالضيف الثقيل كورونا. لذلك هذه المعلومات مهمة جدا لزرع بعض الاطمئنان لدى حواملنا. لنتذكر أن المرض جديد هو فيروس مستجد .أليس كذلك؟ قد باغت البشرية حين انبعث قبل ثلاثة أشهر في الصين. ولحد الآن أصاب مايفوق مليون إنسانا عبر العالم فتك منهم باكثر من مائة الف شخصا .عمر المرض كله 4 أشهر وعمر الحمل كما نعرف 9 أشهر. ولذلك يستحيل أن تكون لنا معلومات وافية عن سلوكه مع الحامل الآن. ربما يتيسر ذلك في العام المقبل عن طريق تحليل ملفات المرضى. والحوامل هم من ضمن هؤلاء المرضى بطبيعة الحال.وذلك من خلال اعتماد الذكاء الاصطناعي الذي يتمكن من تحليل المعطيات الضخمة Big data.اذن فهذه المعلومات قابلة للتبدل بمرور الوقت، لأننا لازلنا لم نتم ركن التعارف مع هذا الفيروس الخبيث. هل الحوامل معرضات أكثر للفيروس؟ .هذا هو أول سؤال يتبادر للذهن .لكن لا معطيات لنا لتقييم ذلك. ومع ذلك معلوم أن الحمل يتضمن تغيرات جسدية ونفسية ومزاجية نفسية ومناعية تجعل الحامل أكثر هشاشة وأكثر تعرضا للعواقب الوخيمة للتعفنات التنفسية ومن ضمنها نظريا الإصابة بفيروس كورونا .هذا على الأقل ثابث بالفعل بالنسبة لشقيقيه فيروس سارس ( 2004) وميرس(2012) والأمراض الفيروسية الأخرى كالزكام الذي يمكن تلقيح الحامل به.لكن في غياب لقاح ضد كوفيد 19 يبقى الاحتياط واجبا أكثر بالنسبة للحامل من خلال الالتزام بالإجراءات الاحترازية من قبيل غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون او المطهر الكحولي والابتعاد عن الحالات المشبوهة او بالأحرى عن الجميع. وكذا عدم لمس الوجه واليدين والعطس في مناديل ورقية والتخلص منها مباشرة في سلة النفايات وكذا اجتناب التجمعات البشرية .ولذا لا توجد أية توصية اضافية خاصة بالمرأة الحامل. هنا يثار سؤال آخر هل الحامل معرضة أكثر للمضاعفات؟ .الحقيقة أنه لا توجد دراسات حول آثار الإصابة على الحامل والمولود الجديد. هناك لحد الان تقريران عن 18حالة حملا كلهم في الفصل الأخير من الحمل.يبرزان أن الأعراض عند الحوامل مشابهة لغير الحوامل.حيث تمت 19 ولادة لأن حاملا كان لها توأمين.16 من المواليد الجدد ولدوا بقيصرية.6 عانوا من ضيق التنفس و6 ولدوا قبل الأوان. من الصعب جدا الخروج بخلاصات من هذه العينة الصغيرة جدا .ولكن اذا أسقطنا على عائلة كورونا، فسارس وميرس لهما المضاعفات الآتية خلال الحمل : ارتفاع نسبة كل من الإجهاض والولادة قبل الأوان و كذا حالات موت الجنين داخل الرحم.واحيانا يتسببان في تشوهات خلقية لدى الجنين اذا كانت الإصابة في الفصل الاول من الحمل حيث تجري مرحلة التخلق بسبب تأثير الحرارة على تنسج الأعضاء. تتساءل أيضا الحوامل: هل ينتقل فيروس كورونا للجنين؟. ما تقوله التقارير والمعلومات الشحيحة لحد الآن، أن الفيروس ينتقل بالعدوى من خلال الاحتكاك المباشر بالأشياء والأسطح الموبوءة او من خلال رذاذ المريض .ولا توجد دلائل أن الحامل تنقله للجنين سواء خلال الحمل عبر المشيمة او خلال الولادة عبر السبيل التوالدي او بعد الولادة عبر الرضاعة .فحسب تلك الدراسة المحدودة العدد لم تسجل أية حالة إصابة بالفيروس عند المواليد الجدد .كما أنه لم يتم رصد الفيروس لا في السائل الامنيوسي ولا في حليب الأم.ولم يتم أيضا تسجيل حالات لانتقال الفيروس مباشرة من الام للمولود الجديد.صحيح هناك حالات لدى الرضع لكن لم يعرف الأطباء كيف تم ذلك .في آخر دراسة صينية بالطبع تم نشرها يوم 16 مارس في مجلة علمية محكمة لطب الأطفال تم عرض حالات أربع ولادات كانت كلها مطمئنة.الامهات الحوامل كن مصابات بالفيروس ووضعن بمستشفى واهان مهد المرض الأول.ولكن لم تظهر أعراض المرض على أي من المواليد الجدد.عند ثلاثة مواليد كان الاختبار بحثا عن آثار الفيروس سلبيا. اما المولود الرابع فرفضت أمه أن يخضع للاختبار .ما أورده الأطباء أن مولودين اثنين عانيا من طفح جلدي بسيط، بينما ظهر مشكل تنفسي لدى واحد لكنه عولج بإجراءات بسيطة.اذن لا خلاصات ممكنة.الاخطار تظل إذن غير معروفة على وجه التدقيق لدى المواليد الجدد لا على المدى القصير ولا على المدى البعيد.ولذلك أوصى البحث من باب الاحتياط بعدم ترك المولود الجديد مع امه.بالنسبة للرضاعة لا دليل على تسرب الفيروس لحليب الام، حيث أجري اختبار على حليب 6امهات مصابات كانت نتيجته خلوه من الفيروس.وكذلك كان الأمر بالنسبة لفيروس سارس الذي لم يوجد له أثر في حليب الأم بل على العكس كانت هناك أجسام مضادة ضد الفيروس. وفي الاخير أوصى الأطباء أن الأم المصابة التي شوفيت عليها أن ترضع مولودها حسب ماورد في المجلة الأمريكية لطب النساء والتوليد . لكن يتبقى سؤال أخير :هل الدواء( المعجزة ) الذي يعالج الملاريا (الهيدروكسي كلوروكين) ممكن إعطاؤه عند الحامل .الجواب نعم . لا مضاعفات على الحوامل السليمات من اي امراض اخرى تكون أحيانا مرافقة للحمل كالسكري…الخ. اما بالنسبةالمواليد الجدد فلا يمكن معرفة هل هناك أعراض جانبية ام لا،ولكن يتم لحد الان استبعاد الحوامل والأجنة لأنه لا توجد دراسات حول الكلوروكين والمرأة الحامل.رغم انه عندما تكون هناك حالة استعجال بسبب امراض اخرى مزمنة لدى الحامل تتطلب العلاج بالكلوروكين كالملاريا و مرض الذئبة، فإنه يعطى للمرأة الحامل لأن حياتها قد تكون في موضع الخطر. اما بخصوص المضاد الحيوي ازيتروميسين وفيتامين س اللذان يعطيان معه فلا مشكلة معهما . في الحالات البسيطة نعالج فقط الأعراض. اما في الحالات الشديدة يمكن للطبيب أن يوازن بين الفائدتين المتحصلتين وضع الحامل تحت الكلوروكين من عدمه أليست هذه أخبارا سارة نسبيأ للحوامل في خضم هذا التسونامي غير المسبوق من الأخبار السيئة او من الاخبار الزائفة؟؟؟؟. دامت لكن الصحة ومزيدا من الحجر الصحي وولادة سعيدة بعيدا عن فيروس كورونا. بروفيسور الولادة والنساء بمستشفى الولادة السويسي الرباط.