عاد الامير مولاي هشام العلوي ابن عم الملك محمد السادس الى المشهد الاعلامي المغربي، ولاول مرة، من باب القضاء، بعد ان قرر رفع دعوى قضائية ضد احد قيادي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارضة. وقالت مصادر مقربة من مولاي هشام انه طلب من محاميه امس الاثنين الشروع بالإجراءات القانونية لرفع الدعوى القضائية ضد عبد الهادي خيرات عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمسؤول عن صحيفة الاتحاد الاشتراكي لسان الحزب بسبب اتهام هذا الاخير للامير بنهب اموال الدولة. وأورد موقع "الف بوست" بيانا قال إنه للأمير مولاي هشام، وجهه إلى إلرأي العام يوضح فيه أسباب لجوءه الى القضاء، ومما جاء فيه: "وجه القيادي الاشتراكي والنائب البرلماني السيد عبد الهادي خيرات ضدي اتهامات بنهب المال العام وتهريب الأموال للخارج في ندوة عمومية تناقلتها وسائل الاعلام. وسبق وأن تعرضت في الماضي لمحاولات متعددة للمس بشخصي والنيل من سمعتي، إلا أنني أحجمت عن اللجوء إلى القضاء لأن الأمر كان يتعلق بخصوم الديمقراطية وصادر عن لوبيات أمنية ولوبيات ذات مصالح، و عن صحفيين لا تتمتع أقلامهم بالاستقلالية. أما الحالة هذه، فقد تغير الوضع وبات مختلفا، وقررت اللجوء الى القضاء لأعرض عليه الاتهامات الصادرة عن السيد خيرات للبث فيها، وما دفعني إلى اتخاذ هذا القرار أسباب على رأسها إن الديمقراطية تقتضي تحمل المسؤولية مع المحاسبة، سواء تعلق الأمر بالممارسة أم بالتصريحات لاسيما عند صدور اتهامات عن ممثل للشعب جرى اختياره للدفاع عن مصالح هذا الشعب وتمثيله أحسن تمثيل. وإضافة الى ذلك، إن الاتهامات صادرة عن مسؤول ينتمي إلى حزب ذو تاريخ عريق وهو الاتحاد الاشتراكي، وليس عن شخصية محسوبة على الصف المعادي للديمقراطية. وفي الوقت ذاته، أنا مطالب أمام الرأي العام المغربي والهيئات الأجنبية وزملائي فيها بتقديم جواب على هذه الادعاءات. وبناء على كل هذه الاعتبارات، أعلن لجوئي الى القضاء بصفتي مواطنا له مسؤوليات وحقوق، كما أعلن استعدادي للخضوع لأي مساءلة ومحاسبة أمام الجهات المخولة حول كل ما يتعلق بهذه الاتهامات، وطلبت من ممثلي القانونيين الكشف عن كل المعطيات في هذا الشأن". ونقلت صحيفة "المساء" عن عبد الهادي خيرات قوله في ندوة بمدينة بني ملال وسط المغرب ان الامير مولاي هشام متورط في نهب اربعة مليارات سنتيم (4 ملايين دولار ونصف) وتهريبها خارج البلاد. واوضح خيرات في محاضرته يوم الخميس الماضي أن كثيرا من مؤسسات الدولة تعرضت للنهب قبل وصول حكومة التناوب التي تراسها الزعيم الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي 1998، وأن لائحة الذين كانوا متورطين تضم الأمير مولاي هشام بمبلغ مالي وصل إلى أربعة مليارات وقال ان الأمير (هشام) كان يقول كلاما أحمر بالخارج مقابل أن يتم تهريب أموال المغرب لمناطق أخرى. وقال خيرات حسب الصحيفة إن حكومة التناوب اكتشفت أن الملايين كانت قد سرقت من مالية بنك 'القرض العقاري والسياحي' وأن جل المؤسسات مسروقة، خصوصا صندوق التقاعد والسياش، مؤكدا أن المتورطين في تلك الجرائم كانت محاكماتهم عادلة بعيدا عن التشهير ورد أموال الشعب التي سرقت. وقال المقربون من الامير هشام الذي لاتربطه علاقات ايجابية مع ابن عمه الملك محمد السادس والذي فوجئ بالاتهامات التي وجهها اليه القيادي الاشتراكي سيصدر بيانا تفصيليا خلال الايام المقبلة. وقالت نفس المصادر ان هذا الامير هشام تفاجأ بالاتهامات وعنفها، ولم يفهم صدور اتهامات من هذا النوع وبدون أدلة من فاعل ومسؤول سياسي ينتمي الى حزب عريق كالاتحاد الاشتراكي، كما لم يفهم لماذا اختاره بالإسم دون غيره وأن 'خيرات يعرف جيدا خريطة الفساد في البلاد، ولنفترض أن الأمير ارتكب ما يدعيه، فلماذا التزم (خيرات) الصمت طيلة هذه المدة حتى الآن ولم يجرؤ على اتهام بعض المقربين من الملك الذين يتحدث الجميع بتطاولهم على المؤسسات العمومية، وبالمقابل تطاول خيرات على الأمير مولاي هشام المعروف بانتقاده لاستغلال مؤسسات وأموال الدولة بشكل غير قانوني'. ونفى عبد الهادي خيرات ما نسب إليه من تصريحات، الا ان مصادر صحيفة 'المساء' قالت ان الجريدة نشرت تقريرها استنادا لما ورد في المحاضرة وبأن التسجيل متوفر لديها، و'نحن مستعدون لنشر اي توضيح في الموضوع'. وقال المقربون من الامير هشام انه وبعد تأكده من صحة الاتهامات التي اطلع عليها في البدء في جريدة المساء قرر اللجوء الى القضاء، ومن المنتظر أن يصدر بيانا توضيحيا للرأي العام المغربي يشرح فيه أسباب اللجوء الى القضاء. وتبرز هذه المصادر أن الأمير وجد نفسه أمام تحدي حقيقي، فهو لا يعتمد على الدولة المغربية للدفاع عنه، ولكنه مجبر على اللجوء للقضاء للدفاع عن شرفه كباقي المواطنين رغم إدراكه بأن الأمر يشكل سابقة لكونه يحمل لقب أمير. واضافت أن الأمير الملقب ب'الأمير الأحمر' ورغم أنه أخذ هذه الاتهامات بالجدية الكاملة لأنها صادرة عن مسؤول سياسي ومن حزب مسؤول، فقد علق ساخرا 'مستعد للمحاسبة، ولا أطلب الاستفادة من مبدأ 'عفا الله عما سلف' في اشارة سخرية لتصريح رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران بالعفو عن ناهبي المال العام. ونقل عن الامير هشام 'أنا ضد منطق عفا الله عما سلف' وأنه رغم وضعه الاعتباري كأمير، فهو مستعد للمثول أمام القضاء في حالة ما إذا ثبت تورطه في 'نهب' أو 'اختلاس' أموال عمومية من مؤسسات الدولة. وقال موقع 'الف بوست' ان الأمير هشام اقترض من البنك العقاري والسياحي ما مقداره ثلاثة مليارات و500 مليون سنتيم (3 ملايين يورو) لبناء مجمع سياحي في شمال المغرب، وشكل هذا المبلغ 15 بالمائة من مجموع الميزانية التي رصدت للمشروع وكان فيه شركاء من الخارج، وأنه جرى احترام جميع الاجراءات القانونية المعمول بها في طلب القرض وعند التسديد، وتجاوزت الفوائد ضعفي المبلغ المقترض وأن الأمير تحمل بصفته الشخصية مسؤولية تسديد القرض رغم الصعوبات التي كانت تجتازها الشركة صاحبة المشروع وسدد 12 مليار سنتيم أي ثلاثة أضعاف القرض. --- المصدر: عن جريدة "القدس العربي" وموقع "ألف بوست"