قناة برلمانية تعني: توسيع النقاش السياسي حتى لا يظل محصورا بين أروقة وكواليس غرف البرلمان، و ليطال الفضاء العام والرأي العام الوطني، وتشارك في صنعه كل الحساسيات وأطياف المجتمع.. القناة البرلمانية المرتقب أطلاقها يمليها مبدأ تعزيز دور الإعلام في تطوير الممارسة البرلمالية في المغرب، والمشاركة السياسية، ومن هذا المنطلق نطرح مجموعة من التساؤلات التي قد تحمل بعض التصورات والطموحات التي يمكن أن تكون عليها قناة برلمانية متخصصة " قناة موضوعاتية"، تعنى بالشأن البرلماني وتساهم في إرساء أسس الديمقراطية الحقيقية في بلادنا. ولعل البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة والتساؤلات ستكون بمثابة مداخل لطرح مختلف الآراء والتصورات حول موضوع قناة برلمانية مغربية، تنضاف إلى باقي قنوات القطب الإعلامي العمومي. إذا كنت الحاجة إلى قناة تلفزيونية متخصصة بالشأن البرلماني، تمليها ضرورة أن تكون قناة موضوعاتية ومنبراً حراً لخدمة العملية الديمقراطية، عل اعتبار أن مسؤولية الإعلام البرلماني هي ليست فقط من اختصاص وزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بل تقع أيضاً على عاتق مجلس الأمة ، من خلال إطلاق قناة برلمانية خاصة بالمؤسسة التمثيلية والتشريعية، تتعدى تغطية الجلسات واجتماعات اللجان وغيرها من أمور البرلمان إلى وضع خريطة برامج متنوعة وشاملة. منذ سنوات والحديث يروج عن إنشاء قناة تلفزية برلمانية خاصة بالبرلمان المغربي بغرفتيه: غرفة مجلس النواب وغرفة مجلس المستشارين، لإطلاق قناة تلفزية تعنى بشؤون البرلمان المغربي كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الدول التي دخلت تجربة إطلاق قناة برلمانية كفرنسا وبلجيكا وهولندا وغيرها من البلدان. هل خلق قناة برلمانية بالمغرب هدفه فقط اجتذاب الناخبين في المناسبات الانتخابية سواء التشريعية أو المحلية أم لإطلاع المواطن المغربي على درجة التزام ما التزم به المرشح خلال حملته الانتخابية والتعهدات التي قطعها على نفسه أمام ناخبيه الذي انتخبوه وأوصلوه إلى قبة البرلمان وبالتالي تصبح القناة البرلمانية وسيلة لضمان ولائه في أفق ما سيأتي من استحقاقات انتخابية؟؟ أم أن إطلاق قناة برلمانية هو حق من حقوق المؤسسة التشريعية في أن تتوفر على أداة إعلامية تغطي أنشطتها، وتواكب أشغال جلساتها الأسبوعية خلال الأسئلة الشفوية وكذا أشغال لجنها ومداولاتها؟؟ هل ستضمن القناة البرلمانية المتخصصة في الشؤون البرلمانية التغطية الشاملة غير المتحكم فيها زمنيا وسياسيا وأمنيا لمختلف الأنشطة التشريعية للبرلمان المغربي على علاته بخلاف التلفزات العمومية المنتمية للقطب العمومي؟؟ أو أن خلق قناة تلفزية خاصة بالمؤسسة التمثيلية هو مسألة عادية وطبيعية تماما كخلقها لمحطة إذاعية أو لموقع على شبكة الإنترنيت؟؟ أم أنها ستبرز بالفعل مصداقية المستوى التشريعي في محاسبة المستوى التنفيذي لنواب الأمة وتناقش استراتيجيات عمل الأغلبية والمعارضة على حد سواء بكل شفافية ومصداقية؟؟ أم أنها ستكون قناة البرلمان قناة كلاسيكية مكرورة كما تقدمه القناة الأولى في جلسات الأسئلة الشفوية الأسبوعية للغرفتين معا؟ السؤال الكبير والعريض الذي يطرح نفسه بقوة عندما نتحدث عن قناة برلمانية. هو: أية تجربة إعلامية ستستنسخها قناة البرلمان المغربي المرتقبة؟؟ من هذا السؤال نخلص إلى طرح بعض الأفكار المتواضعة على شكل أماني ومتمنيات مشروعة للشكل الذي يطمح كل مغربي أن تكون عليه قناتنا البرلمانية إذا رأت النور على الأمد القريب: أول تجربة لخلق قنوات تلفزية برلمانية انطلقت من كندا وتبعتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم ألمانيا فيما بعد ثم فرنسا بقناة مشتركة بين الجمعية الوطنية الذي هو البرلمان الفرنسي ومجلس الشيوخ الفرنسي. القنوات البرلمانية في الدول الديمقراطية التي قطعت أشواطا كبيرة في حرية الإعلام والتعددية إنما إنشاؤها يهدف بالضرورة إلى توسيع النقاش كي لا يبقى محصورا بين أروقة محدودة داخل كواليس مقرات غرف البرلمان ليطال الفضاء العام والرأي العام الوطني وتشارك في صنعه كل الحساسيات وأطياف المجتمع. القناة البرلمانية عليها أن تكون مستقلة في تمويلها ولا تخضع لرحمة نسبة المشاهدة أو المستشهرين، القناة البرلمانية تتبع المشهد السياسي الوطني والجهوي والمحلي سواء بسواء, هذا بالإضافة إلى متابعة أعمال اللجن والمناقشات العامة. ولعل الدور الأساسي لقناة برلمانية هو العمل على تقريب المواطن من السياسة ومصالحة المواطن مع السياسة، نظرا للعزوف الذي عبر عنه المواطن في أكثر من محطة انتخابية، من خلال شبكة برامج تناقش وتطرح ملفات وقضايا المواطن وعلاقته بالعمل السياسي.لان المواطن شريك للمنتخبين إلى جانب المجتمع المدني في تسيير وتدبير الشأن العام. على القناة البرلمانية أن تنفتح على كل المتدخلين في العملية السياسية وتدبير الشأن العام، سياسيين ومثقفين وخبراء وباحثين وفنانين وجمعويين وكل أطياف ومكونات المجتمع المغربي وأن تعكس التعددية اللغوية والثقافية والفكرية والسياسية بطبيعة الحال. القناة البرلمانية عليها أن تنخرط في خدمة المرفق العام تخبر المواطنين، تثقفهم وتكونهم حتى يساهموا عن قناعة وطواعية في الحياة العامة من خلال شبكة برامج متنوعة تربوية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها كثير.