وزير الداخلية يترأس الاجتماع الدوري المخصص لتتبع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة    فتح تحقيق تقني إثر حادث سقوط طائرة بمحيط مطار فاس سايس    كوت ديفوار تتجاوز السنغال بركلات الترجيح وتواجه المغرب في النصف    البطولة: نهضة الزمامرة يزيد من متاعب شباب السوالم في أسفل الترتيب بانتصاره عليه    مطار الشريف الإدريسي.. الأمن يوقف مهاجرا مغربيا بحوزته شحنة مخدرات كانت في طريقها إلى الخارج    فتح تحقيق تقني إثر حادث تعرضت له طائرة تابعة لشركة (إير أوسيان) بفاس    مهرجان "عرس الصحراء" في قلب درعة تافيلالت: سحر الفن في الراشيدية والريصاني    وزارة التجهيز تكشف تفاصيل سقوط طائرة بفاس وتفتح تحقيق    12 مليار درهم للمقاولات الصغرى مهددة بالتبخر كما حدث مع 13 مليار درهم للمواشي    بورصة الدار البيضاء.. الحجم الإجمالي للتداولات يتجاوز 534,9 مليون درهم    فوز ثمين ل"الكوديم" على آسفي    كيوسك القناة | قراءة في أبرز عناوين الصحف الاقتصادية الأسبوعية    الصين ترد على رسوم ترامب الجمركية.. وأمريكا تتمسك بموقفها    الشرطة توقف شابا متورطا في ترويج أجهزة غش مهربة    حركة "بي دي إس" تدعو لمقاطعة "جيتكس إفريقيا" بمراكش بسبب مشاركة شركات إسرائيلية    حكاية مدينتين "التبادل الثقافي بين طنجة وجبل طارق " عنوان معرض تشكيلي نظم بعاصمة البوغاز    مخيمات تندوف... سجن فوق تراب دولة ترعى الإرهاب    تطورات مثيرة في قضية إسكوبار الصحراء وهذا ما قررته المحكمة    درك الفنيدق يفك لغز وفاة فتاة عُثر عليها بسد أسمير    نشرة إنذارية: أمطار رعدية ورياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من مناطق المملكة من الجمعة إلى الأحد    مشروع لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية    مهرجان باريس للكتاب.. الخبير المغربي أمين لغيدي يحصل على جائزة تكريمية من مجموعة النشر الفرنسية "إيديتيس"    تأجيل مهرجان تطوان لسينما المتوسط    مجلس المستشارين.. افتتاح أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024-2025        نشرة إنذارية.. أمطار قوية منتظرة بالمملكة ابتداء من اليوم الجمعة    مجلة «أصدقاء ديونيزوس» تُخصص عددها 11 ل «جماليات السِّينما»    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    محمد صلاح يجدد العقد مع ليفربول    مقتل سائق بعد سقوط شاحنته من أعلى قنطرة بالطريق السيار قرب الميناء المتوسطي    ألف درهم للمشاركين في برامج الصحة    "الأحرار" يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويطالب بتثبيت وقف إطلاق النار    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    "الاستقلال" يطالب بتخليق الحياة العامة ومحاربة الممارسات غير الشفافة    السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    المغرب يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لضمان سلامة الأجواء في مناطق النزاع    الصين ترد على تصعيد واشنطن التجاري بورقة بيضاء: دعوة للحوار والتعددية بدلًا من المواجهة    إجراء قرعة جديدة لكأس أمم أفريقيا للشباب بعد التحاق تونس    في غياب الجماهير .. من يحسم صراع الدفاع وشباب المحمدية؟    اتهامات للمؤثرة الشهيرة "ميس راشيل" بتلقي أموال للترويج لحماس    الاحتكار آفة الأشْرار !    بطولة إسبانيا.. أنشيلوتي وريال مدريد تحت المجهر وبرشلونة للابتعاد    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    مصرع ستة أشخاص بينهم أطفال بسقوط مروحية في أمريكا    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    جامعيون ومسؤولون سابقون يرصدون صعوبات الترجمة بأكاديمية المملكة    عراقجي في الجزائر .. هل تُخطط إيران للهيمنة على شمال إفريقيا عبر قصر المرادية ؟    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر المستدام أو استدامة الفقر...
نشر في لكم يوم 29 - 07 - 2012

ما أن يحل الشهل المبارك حتى تفاجئك آلاف اللترات من الحريرة المتدفعة... فتفاجئك كل رمضان عبارات مثل: "اليوم تنطلق عملية توزيع المساعدات الغذائية بمناسبة رمضان" أو "لقد تم توزيع مساعدات غذائية على عدد من الأشخاص، إيذانا بانطلاق عملية توزيع الدعم الغذائي التي تقوم بها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بدعم من وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية"...
الأمر نفسه تعرفه بلدان المشرق تحت ما يعرف ب "موائد الرحمان" بالرغم من أنني ضد هذه الموائد وهذه العادات التي تكرس الفقر. نفس الأمر وفي نفس السياق تسمعه هنا وهناك عن محسن أردني يتبرع لصندوق الزكاة بثلاثة ملايين دينار لتوزيعها على الفقراء في شهر رمضان، وآخر سعودي يدبح الأضاحي للفقراء، وآخر مغربي يبني مسجدا... كل هذه الأمور مطلوبة وجميلة، ولكن وفي نفس الوقت كان الله في عون الفقراء وهم يلهثون وراء موائد الرحمان وسيظلون يلهثون وراء مثل هذه الموائد والتسابق للاستفادة من الأضحيات أو الأعطيات، ما دامت الدول تكرس هذا النمط من العمل الاجتماعي الذي يزيد المجتمعات الثالثية خمولا وجمودا وخنوعا بعيدا عن الكرامة والحرية وتحصين الهوية والإحساس بالمواطنة الكاملة...
ويبلغ الغلاف المالي الإجمالي المخصص لمثل هذه العمليات، التي تروم تقديم المساعدة للأشخاص المعوزين والمحتاجين لاسيما النساء الأرامل والمسنين والمعاقين الملايين...
لكن..! لنتخيل أنه في كل عام يختار المسؤولون واحدة من أكثر المناطق فقرا وتهميشا في المغرب وتمول بنفس الميزانية التي كانت لتفريق الحريرة وما إليه على المواطنين لبناء مشروع تنموي أو استثماري أو معمل أو تعاونية... يستفيد منها وبشكل بنيوي ومستدام تلك الجهة الأكثر فقرا والتي وقع عليها الاختيار من بين مناطق المغرب جميعا. ألن يكون هذا عملا بنيويا أفضل من دعم غذائي سنوي مصيره قنوات الصرف الصحي في نهاية الأمر..! لتفتح الأفواه من جديد في السنوات المقبلة للوقوف في طوابير طويلة للمسحوقين والمعدمين لتلقي مساعدات جديدة في شكل عادة مرضية جديدة تكرس "السعاية" و"الدونية" والتواكل والاستهلاك السلبي بدل الإنتاج الفعال...
فبدل الحريرة التي يتم بها تخليد الفقر ومأسسته، أنا أقترح أن الناس محتاجين إلى صندوق لبناء معامل بأحزمة الفقر لا يشتغل فيها إلا السيرورات والمعدمون والفقراء والآكلون من القمامة وحضيض المجتمع فكل واحد أنقد من وضعيته الكارثية ينقص من عالم "الشوهة المغربية" والجوع والجنون والمجون والإقصاء والتهميش والعالة إلى المواطنة والحياة الكريمة والصورة المشرفة وإلى الإنتاج بدل منطق الاستهلاك والعيش على حساب الآخرين.
آلاف مؤلفة من المتسولين يمكنهم الاستفادة وآلاف الملايير يمكن للمغرب إن كان جادا في القضاء على الفقر أن تصب في صناديقه من المنظمات العالمية والدول المانحة. فقط يحتاج إلى فكرة جيدة وإرادة حقيقية وائتمان المشروع في أيدي مسؤولين شرفاء ووطنيين والشروع بعدها في العمل الخلاق والمنتج إقتصاديا والبناء اجتماعيا.
ونتساءل هاهنا بصيغة أخرى ومن جانب آخر؛ لماذا لا تخرج المساعدات عن مسار معين محدد مسبقا؟ لماذا تنحصر إسهامات الموسرين في بناء المساجد وتوزيع الأضاحي وتوزيع الحريرة وموائد الرحمن..؟ لماذا لا تتسع الحسنات والإسهامات إلى بناء المدارس وتشييد المعامل أليس من الأهمية بمكان مثلها مثل التعييد للفقراء وتوزيع الحريرة على المسحوقين..؟ ما أقصده هو أن العالم يتغير والمنطق عليه أن يتغير أيضا بما يتوافق وتغير العالم ويفي بحاجاته ومتطلباته وأساليب اشتغاله. وهنا أستحضر المثل الصيني الشهير القائل "علمني كيف أصطاد سمكة ولا تعطني عشر سمكات كل يوم".
تخيلوا معي كل رمضان كم تستطيع الدولة من خلال جمع التبرعات من أجل بناء معامل ومنشآت اقتصادية، وتخيلوا لما تعلن النتائج من خلال الصحافة وفي الإعلام من خلال البرامج الوثائقية والتقارير المفصلة عن مردودية هذا الإسهام المنتج، كم سيزداد الناس تشجيعا للمساهمة ذاتيا ومعنويا وماديا في النهضة الإقتصادية والتنموية والإجتماعية.
تخيلوا معي الأموال التي تضيع في الحريرة كل رمضان لو تم تجميعها لبناء مصنع يشتغل طول السنة كم من الأسر ستستفيد منه وطيلة السنة. وأما الحريرة فتنتهي بانتهاء رمضان وأما الفقر فهو مستمر، وأما الصدقة فتنقطع لأنها ليست جارية كمدرسة أو جامع أو غرس أو معمل...
لا بد من تغير للمنطق؛ منطق اليد السفلى المتعطشة دوما للصدقة، إلى اليد المحتاجة والتي علينا منحها الفرصة للبناء والعمل والإنتاج فيكون ذلك وقفا للفقر وتنمية للبلد ونقل فئات واسعة من المجتمع من الاستهلاك وحياة العالة إلى حياة الإنتاج والإعتماد على الذات.
ومن المحفزات، يمكن القيام بتكريم سنوي لأكثر المنعشين الاقتصاديين والتنمويين المغاربة بجوائز تكريمية وشواهد رمزية على مواطنتهم وإسهامهم الوطني في التنمية.
إننا نرى أنه مهما طال بنا الزمن فنحن مطالبون بتغيير مبدأ الترقيع والانتقال إلى حلول بنيوية تقتلع الفقر من جذوره ولا تكرسه وتؤسس له عبر مؤسسات هبوية ومانحة تستديم الفقر وتمأسسه.
إن الفقر في العالم محتاج للتجارة وليس للمساعدة لأن المساعدة تكرس وضعية الشخص الذي نساعد وتبقيه على ماهو عليه بل تزيد من أعدادهم، بينما التجارة وإدماجهم في سوق العمل يؤدي بهم إلى الإنخراط والفعل والإنتاج والوجود الفاعل لا الوجود السلبي تقول الباحثة "نورينا هيرتس" في كتابها "السيطرة الصامتة-الرأسمالية العالمية وموت الديموقراطية-". ونحن المغاربة الشرفاء الأحرار لا نريد لا "لاكريمة" ولا حريرة ولا زيت ولا سكر ولا هبة ولا فيرمات... نريد سواعد مغربية تعمل وتكسب، نريد كرامة للمغربي، نريد أمانا داخل مخافر الشرطة، نريد عدلا داخل المحاكم، نريد حرية وديمقراطية وحقوقا...
وأنتم أيها الشباب المغربي حين تلتقون الملك لا تطلبوا ريعا أ و كريمة أو صدقة، أو وظيفة... اطلبوا فرصة لبناء الوطن، أطلبوا فرصة لتنمية وإصلاح مدنكم بمشروع أو جمعية أو مؤسسة، أطلبوا من الملك أن يهتم بقريتكم، أطلبوا منه شيئا يفيد بلدكم، أنسوا ذواتكم وتذكروا الوطن فالوطن أبقى منكم... أرجوكم تحدثوا له عن الوطن...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.