اختيار قطر لتنظيم مونديال 2022 اثبت بلا مجال للشك والجدل الحقائق التالية والغنية عن التعريف: أولا: لا حدود لحماقات ونزوات ومغامرات رؤساء الأنظمة العربية الشمولية. فها نحن نرى مغامرا جديدا يضحي ويجازف بواردات دولة بكاملها ولمدة خمس سنوات لمجرد تسجيل اسمه في صفحات التاريخ. لمعرفة الحجم الحقيقي لأبعاد حماقة ومجازفة حاكم قطر وتأثيرها على استهلاك الاقتصاد القطري وربما إفلاسه بالكامل ومدى وحجم الفساد الفيفاوي في اختيار قطر لتنظيم مونديال 2022 علينا الوقوف عند تكاليف تأهيل البنية التحتية القطرية وتكاليف تنظيم البطولة ومقارنتها بحجم واردات قطر المالية زائدا طبيعة الصعوبات والتحديات التي سوف تواجه الملف القطري. أولا: قطر لا تملك ملعبا واحدا مؤهلا لاستضافة نهائيات كأس العالم حسب مواصفات وضوابط الفيفا. قطر سوف تبني تسعة ملاعب جديدة وتطور ثلاثة ملاعب قديمة بكلفة أولية مقدارها أربعة مليارات دولار. شخصيا اعتقد بأن الكلفة النهائية لإنشاء 12 ملعبا حسب المواصفات التي احتواها ملف قطر المقدم للفيفا سوف تصل إلى أكثر من ستة مليارات دولار وذلك لأن هذه الملاعب مجهزة بأنظمة تبريد لأرضية وسقائف المدرجات بناءا على تقنية لم تستخدم سابقا ولازالت لا تتعدى كونها مجرد نظريات وأفكار. هذه الملاعب الاثنى عشر لا فائدة لها قبل أو بعد استضافة كأس العالم فما هي الجدوى الاقتصادية لبناء ملعب يتسع إلى 85 ألف متفرج في مدينة (الظعاين) نفوسها 36 الف نسمة او ملعبا يتسع إلى 41 ألف متفرج في مدينة (الشمال) نفوسها 11 ألف نسمة أو ملعبا سعة 41 ألف متفرجا في مدينة (أم صلال) نفوسها 33 نسمة. ثانيا: قطر وعدت الفيفا ببناء 22 ملعبا في الدول النامية ثمنا على استضافة كأس العالم. ثالثا: مطار الدوحة الوحيد لا يكفي لاستقبال زوار حدث كاستضافة كأس العالم. لذلك سوف تشيد قطر مطارا جديدا بسعة 50 مليون مسافرا في السنة وبكلفة اجمالية مقدارها 13 مليار دولار لدولة نفوسها 350 ألف نسمة (قطريين) و500 ألف نسمة (أجانب). رابعا: قطر وعدت الفيفا على بناء 64 مجمعا سكنا (54 مجمعا غير موجودة في الوقت الراهن) لإيواء الفرق المشاركة, كل مجمع يحتوي على فندق بخمس نجوم سعة 316 غرفة مع شقق سكنية إضافية وذلك لاستضافة الفرق والصحفيين والشخصيات المرافقة للوفود مع ملعب تدريب مكثيف. كلفة بناء مجمعات الفرق تصل إلى عدة مليارات دولار. خامسا: بناء أكثر من 100 فندقا بسعة إجمالية تصل إلى 44 ألف غرفة زائدا بناء ميناء خاصا لإيواء البواخر السياحية مع تأجير بواخر سياحية بسعة 6000 شخصا. كلفة مرافق إيواء الضيوف سوف تصل إلى عدة مليارات دولار. سادسا: إنشاء جسر يربط قطر بالبحرين يحتوي على طريق بري وخط لسكك الحديد بكلفة تفوق العشرين مليار دولار. سابعا: إنشاء خط سكك حديد يربط السعودية بقطر بكلفة تزيد عن الخمسة مليارات دولار. ثامنا: إنشاء شبكة مترو تربط مدن قطر بكلفة تزيد عن العشرين مليار دولار. تاسعا: تحسين شبكة الطرق البرية بكلفة تزيد عن الخمسة مليارات دولار. عاشرا: توفير الحماية للفرق والزوار بحاجة إلى استيراد أكثر من مائة ألف رجل حفظ نظام. تكاليف حفظ النظام سوف يزيد عن المليار دولار. إحدى عشر: مشاريع البنية التحتية سوف تحتاج إلى استيراد أكثر من 300 ألف يدا عاملة زائدا ضيوف كأس العالم زائدا أجهزة الحماية والخدمات زائدا كوادر النقل التلفزيوني زائدا كوادر الاتصالات زائدا كوادر تقديم الخدمات سوف تحتاج إلى بناء محطات كهربائية جديدة ومحطات تحلية المياه ومستشفيات إضافية وما شابه ذلك من خدمات بكلفة إجمالية سوف تزيد عن العشرين مليار دولار. اثنى عشر: وبما أن لا طعم لكرة القدم بدون جمهور، فقد تعهدت قطر على استيراد 300 ألف متفرجا. كلفة نقل وإيواء وأجرة هذا العدد الهائل من الجمهور سوف يكلف الحكومة القطرية أكثر من عشرة مليارات دولار. لذلك سوف نجد بأن الكلفة الإجمالية لاستضافة كأس العالم سوف تزيد عن المائة مليار دولار أو ما يعادل ميزانية قطر الإجمالية لخمسة سنوات متتالية. المنشئات التي سوف تشيدها قطر لاستضافة كأس العالم كالملاعب والمجمعات السكنية والمطارات ومتروات النقل وخطوط سكك الحديد مع السعودية والبحرين ومحطات توليد الطاقة وتحلية المياه والمستشفيات الإضافية لا فائدة اقتصادية لها إذا أخذنا بنظر الاعتبار النمو الطبيعي لنفوس قطر. فقط الميزانية السنوية لصيانة هذه المنشئات سوف تكلف قطر ما يعادل خمس ميزانية الدولة. النقاط التالية توضح حجم وأبعاد مغامرة الفيفا: 1: إمكانية قطر في تأهيل بنيتها التحتية تعتمد بالدرة الأساسية على تخصيص قطر لنصف وارداتها من الغاز والنفط لفترة الاثنى عشر سنة القادمة زائدا محافظة النفط على أسعاره المرتفعة. انخفاض أسعار النفط سوف يؤثر على قدرة قطر في تمويل متطلبات استضافة كأس العالم. احد أهم أسباب الأسعار المرتفعة لبرميل النفط هو انخفاض قيمة الدولار الأمريكي نتيجة الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الولاياتالمتحدة حيث قيمة الدولار في الوقت الراهن يبلغ اقل من ثلث قيمته قبل خمس سنوات. في حالة انتعاش الاقتصاد الأمريكي وهذا أمر متوقع خلال السنتين القادمتين فأن ذلك سوف يؤدي تلقائيا إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مما يؤدي إلى إعادة أسعار النفط إلى معدلاتها الحقيقية (ما بين 20-30 دولار للبرميل الواحد) مما يؤدي إلى انخفاض واردات قطر السنوية الى اقل من سبعة مليارات دولار سنويا مما يجعلها عاجزة عن تلبية متطلبات استضافة كأس العالم ناهيك عن الإفلاس الكلي للحكومة القطرية. 2: خلال الثلاث سنوات الماضية مر الاقتصاد العالمي ولازال يمر بركود لم تكن له سابقة من قبل. هذا الركود أدى إلى تأجيل المشاريع العمرانية والإنمائية والصيانية في الدول المتقدمة والنامية. جميع المؤشرات تدل على قرب نهاية هذا الركود وبداية فترات نمو جديدة. في حالة حدوث ذلك فأن المباشرة مرة أخرى في مشاريع الإنماء والإعمار والصيانة عالميا سوف يؤدي إلى كثرة الإقبال على مواد البناء والتعمير مما يؤدي تلقائيا إلى زيادة سعرها وشحة وتأخر توفرها. هذا الأمر أيضا ينطبق على الأيادي والكفاءات الفنية وشركات التنفيذ العالمية. كل هذا سوف يهدد كلفة وجاهزية المنشئات القطرية. 3: الاعتماد على مطار واحد لاستقبال الفرق وكوادرها الفنية والإدارية والمشجعين والصحفيين والكوادر الفنية والخدمية والشخصيات السياسية والفخرية يمثل مجازفة ومغامرة لا مثيل لها. 4: استضافة 32 فريقا ومئات الآلاف من جماهير الفرق في منطقة جغرافية ضيقة لا يتعدى قطرها عن الثلاثين كيلو متر سوف يمثل تحديا امنيا وخدميا لا سابقة له. 5: لا احد يستطيع الجزم على نجاح تقنية التبريد المقترحة لأرضية ومدرجات الملاعب. إجراء مباريات كأس العالم في أجواء تصل فيها درجات الحرارة إلى 120 درجة فهرنهاتية مع رطوبة تصل إلى 100% سوف يفسد مباريات كأس العالم. 6: في حالة فشل قطر على استيراد أو استقطاب الجماهير فإن هناك احتمالية أن تقام مباريات كأس العالم بدون الحضور الجماهيري. في مونديال 1978 منع فيفا النقل المباشر لنهائيات كاس العالم في البلد المضيف من أجل الحث على الحضور الجماهيري. 7: ماذا يحصل لو تغير نظام الحكم في قطر أو توفى حاكم قطر. 8: لا أحد يضمن قدرة قطر على تمويل وإكمال المنشئات المقترحة. 9: ماذا يحصل في حالة تعرض قطر الى عاصفة رملية وهي ظاهرة كثيرة الحدوث في الأشهر التي تنظم بها مسابقة نهائيات كأس العالم. دولارات قطر قد أعمت بصيرة الفيفا كليا فلم يتعظ من تجربة المكسيك في استضافة مونديال 1986. لكن هذه المرة لم يغامر الفيفا بملف قطر لوحده ولكنه ومن اجل إيجاد تبرير مقنع يضعه أمام الإعلام العالمي فقد منح حقوق استضافة مونديال 2018 إلى جمهورية روسيا مع علمه المطلق بحجم فساد الحكومة الروسية وسيطرة المافيا الروسية على جميع أوجه الحياة حيث في تبريره لمنح اولمبياد 2022 لقطر ادعى الفيفا بأن الغرض من اختيار روسيا وقطر كان من اجل توسيع شعبية كرة القدم وهذا عذر أقبح من الذنب نفسه. في منطقة الشرق الأوسط التخلف الكروي المرادف لتخلف جميع أوجه الحياة سببه فساد حكوماتها وليس لضحالة شعبية اللعبة فكرة القدم هي الوسيلة الترفيهية الوحيدة لمنطقة الشرق الأوسط حيث يفطم أطفال الشرق الأوسط على كرة القدم, لذلك فهم ليسوا بحاجة إلى تعريفهم بكرة القدم بل هم بحاجة إلى ساسة أكفاء. اما بخصوص قطر فما تملكه من منشئات ومرافق رياضية وبنية تحتية يكفي لاحتياجات قطر ليس في الوقت الراهن ولكنها أكثر من كافية لاحتياجاتها للعشرين سنة القادمة، فلذلك فهي ليست بحاجة إلى بناء مرافق رياضية جديدة أو فنادق أو مطارات أو وسائل نقل، فكل ما سوف تنفقه قطر من اجل استضافة كأس العالم (مائة مليار دولار) لا يحتاجها الاقتصاد القطري والمواطن القطري ولا فائدة أو استخدام لها خارج حدث تنظيم كأس العالم لذلك نستطيع أن نستنتج بأن المائة مليار دولار التي سوف تنفقها قطر سوف تصرف من اجل أن يقول حاكم قطر بأنه استضاف نهائيات كأس العالم، فمثلما ضحى صدام بأرواح أكثر من مليوني عراقي وأهدر أكثر من سبعة آلالاف مليار دولار في حماقات لم يكن غرضها سوى أن يتحدث الإعلام العالمي عن صدام فأن تنظيم قطر لنهائيات كأس العالم أشبه بحروبات صدام من ناحية الغرض والغاية. وفي الختام اترك القارئ مع مختطفات من ردود الصحافة العالمية بخصوص قطر 2022: تعرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لموجة من النيران الكثيفة عبر وسائل الإعلام العالمية بعد اختيار روسيا وقطر لتنظيم نهائيات كأس العالم 2018 و2022 على الترتيب. ووصفت صحيفة "داجبلاديت" النرويجية اختيار قطر بأنه "أكبر مزحة في تاريخ كرة القدم" فيما تحدثت صحيفة "اكسبريسن" عن نتيجة "كارثية". ووجهت مدافع وسائل الإعلام اتجاه الفيفا في الفترة الأخيرة وكيلت له الاتهامات ووصفها البعض بأنه مركز الفساد في العالم في حين اتهم البعض الأخر الفيفا بالسير في اتجاه تحالف المال والسياسة بدلا من ترجيح ملفات مثل إنجلترا وأمريكا وأسبانيا/البرتغال. وتحدثت صحيفة بليك السويسرية عن أن "الفيفا ليس عليه أن يثبت أنه لا يهتم بالمشجعين، ما يؤخذ في الاعتبار هو الحرية الضريبية، الوفرة المالية، وزهو (رئيس الفيفا جوزيف بلاتر) بإهداء الكتلة الشرقية والشرق الأوسط، كأس العالم". ومن جهتها أوضحت صحيفة "لا جازيتا ديللو سبورت" الإيطالية أن اختيار روسيا وقطر كان دليلا نهائيا على أن "السياسة هي ما يهم، والمال أيضا". وأكدت صحيفة "فرانكفورتر الجيماينة تسايتونج" أن عملية التصويت أظهرت وجود شيء خاطئ بالفيفا". وأشارت الصحيفة الألمانية إلى أن "حياة الفيفا ورئيسه تحطمت مجددا، الكثيرون سيعتبرون أن شعار الفيفا /من أجل مصلحة اللعبة/ مجرد مزحة". ووصل الأمر بصحيفة "بيلد" الأوسع انتشارا في ألمانيا أن طالبت باستقالة السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وقالت الصحيفة "منذ أن تم إيقاف اثنين من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا بسبب شبهات فساد، بات مقبولا احتمال أن تباع روح كرة القدم مقابل دولارات النفط. التجارة والفساد انتصرا في زيوريخ على كرة القدم. رئيس الفيفا سيب بلاتر لم يتمكن من الحيلولة دون ذلك. عليه أن يستقيل فورا". من جانبها، أشارت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج" إلى أن "التعبيرات العسكرية تبدو مناسبة أكثر لهذه المناسبة. المعركة اشتعلت، والمنتصران دولتا روسيا وقطر الغنيتان اللتان تستضيفان المونديال للمرة الأولى لم تخرجا دون جروح. قرار إسناد مونديالين مرة واحدة تم اتخاذه من أجل تخطيط عقود البث التليفزيوني والتسويق على مدى طويل". بيد أن الصحيفة التي تصدر من فرانكفورت استدركت "لكن هذه الخطة تحولت إلى كارثة بالنسبة للفيفا. كما لو كان الأمر تحت عدسة، ظهرت للعالم سخونة المنافسات الرياضية الكبرى، والطريقة التي يحدد بها الفساد والتربيطات عمليات تصويت ديمقراطية". واعتبرت صحيفة "سوديوتشه تسايتونج" أن عملية الاختيار التي تمت أمس في زيوريخ ليس لها سوى نهاية واحدة: تعزيز نفوذ رئيس الاتحاد. وقالت الصحيفة "منح المونديالين إلى روسيا وقطر يمثل عملا نموذجيا في التخطيط: الطريقة التي استطاع بها رئيس الفيفا سيب بلاتر تعزيز سلطته في الاتحاد مانحا حدثين كبيرين. الفائزان اللذان خرجا من الظرفين هما روسيا وقطر، لكن الفائزين الحقيقيين يسميان سيب بلاتر وفلاديمير بوتين". وتابعت "بالنسبة لبلاتر، كان الحدث هروبا إلى الأمام. باختيار روسيا تم ضمان حفنة مغرية من الأصوات التي يحتاج إليها لإعادة انتخابه في 2011. التأثير الهائل لبوتين في العالم الرياضي قد يضمن له نحو 12 صوتا بين الجمهوريات السوفيتية السابقة". وأضافت "باختيار قطر، تمكن بلاتر من استعاد ود خصمه الألد رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام، رجل الأعمال المقيم بالدوحة الذي كان يرغب مؤخرا في منافسة بلاتر (على رئاسة الفيفا). الآن سيعرف ما هي قيمة مونديال 2022". وأكدت صحيفة دايلي ميرور البريطانية أن "إنجلترا لم تخسر حقوق استضافة كأس العالم 2018 بسبب وسائل الإعلام البريطانية، لقد خسرت بسبب الفساد الذي تحاربه وسائل الإعلام البريطانية". ونقلت صحيفة "ذا صن" عن تيري فينابليز المدرب السابق لإنجلترا "الفيفا والكيه جي بي، هما المنظمتان الوحيدتان اللتان تعيشان في السر على هذا الكوكب".