بعد أن كتب عن الموضوع عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مصطفى الرميد وزير الدولة بالمكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، وفي الوقت الذي يؤكد فيه أعضاء من الفريق البرلماني لنفس الحزب وجود “بلوكاج” بمشروع القانون الجنائي بسبب نقطة الإثراء غير المشروع لا غير، نفى وزير العدل محمد بنعبد القادر وجود أي شيء من هذا القبيل، مشددا أن هذه النقطة “نقاشا مفتعلا” على حد تعبيره. بنعبد القادر، الذي حل ضيفا على برنامج حديث مع الصحافة بالقناة الثانية، أمس الأحد، اعترف مع ذلك بأنه لا يفهم لماذا هذا النقاش مفتعلا بهذه الدرجة، بينما يوجد في مشروع القانون الجنائي مقتضيات أخرى كثيرة على قدر أكبر من الأهمية، يضيف الوزير، و”الحال أيضا أن الجميع بدون استثناء منخرط في قضية محاربة الفساد”.
وتابع الوزير الاتحادي، في إجابته عن أسئلة الصحافيين، أن جعل نقاش مؤسساتي مركزا في نقطة مفتعلة كمسألة الإثراء غير المشروع، وذلك من أجل فرز من مع الفساد ومن يقف ضد هذه الظاهرة، يعتبر “شيئا خطيرا للغاية”، موضحا أنه إذا كان الإثراء غير مشروع فهو غير مشروع من أساسه. وعاد بنعبد القادر، في معرض أجوبته، لتأكيد ما سبق أن صرح به بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي، خلال تعقيبه على سؤال تقدم به الفريق الاشتراكي حول “أسباب تأخر إخراج مشروع القانون الجنائي”، بقوله إن الحكومة الحالية لم يسبق لها مناقشة الموضوع مطلقا على طاولة المجلس الحكومي، وبالتالي “لا يمكن الحديث عن أي خلاف داخل الحكومة على نقطة معينة بمشروع القانون الجنائي”. وفي تفسير كون مشروع هذا القانون موجود بالبرلمان منذ نحو أربع سنوات يرى الوزير أن هذه مسألة عادية نظرا لطبيعة وخصوصية القانون الجنائي. “قانون من هذا الحجم مرتبط بالقاعدة المعيارية للضبط الاجتماعي والوظائف السيادية للدولة في الأمن وترتيب العقوبات وردع الجريمة عادي وطبيعي أن يأخذ وقته الكافي قبل المصادقة عليه”، يقول بنعبد القادر. وأكد الوزير أن النقاش الدائر حول إمكانية سحب القانون غير مطروح بتاتا، بل إن السحب يُتناول فقط على صفحات المنابر الإعلامية، مجددا التأكيد أن الحكومة الحالية لم تناقش مشروع القانون الجنائي، متسائلا عن سبب عدم الأخذ بهذه “البديهية” وفق قوله. وإذا كان من الصحيح أن أثناء إعداد مشروع القانون الجنائي كان حزب الاتحاد الاشتراكي الذي ينتمي إليه الوزير يوجد بصفوف المعارضة، فإنه أشار إلى ضرورة التوفر على تصور خاص بالسياسة الجنائية بالمغرب ورؤية خاصة تستحضر تطورات المجتمع المغربي ومقتضيات الدستور، قائلا إن القانون الجنائي الحالي “غير دستوري”. ودعا وزير العدل إلى تبني سياسة جنائية الجديدة، موضحا أن الفكر الجنائي الجديد يتحدث عن سياسات قطاعية يمكن أن تكون سياسة جنائية وقائية، مستشهدا بأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في محاربتها للهشاشة هي على المدى البعيد سياسة جنائية وقائية، نفس شيء فيما يخص التربية والتعليم. وختم بنعبد القادر بالإشارة إلى أن المغرب يعرف نوعا من التضخم التشريعي في النصوص القانونية الجنائية، بحيث كلما استجد مشكل اجتماعي يتم إصدار نص قانوني زجري بشأنه، مطالبا بضرورة الاحتكام إلى المستجدات الدستورية على مستوى الحقوق والحريات.