هذه السنة انتبه عدد من المدرسين والمدرسات بأسلاك التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي إلى وقوع الساهرين على إعداد الاختبارات الإشهادية(باكالوريا\ نهاية السلك الإعدادي) في عدد من الأخطاء،تفاوتت فداحتها من اختبار إلى آخر.غير أن هذه ليست المرة الأولى التي يتنبه فيها هؤلاء لمثل هذه الأخطاء،وإن كان يعاب عليهم الصمت وتجاوز الأمر،ما جعل المسؤولين عن الاختبارات بمنأى عن المحاسبة،خاصة وأن كثيرا من أعضاء اللجان والمكاتب المكلفة بإعداد الاختبارات أو انتقاء نماذج مما يعده المدرسون منها،لا يكفون عن إعطاء الدروس للغير بشأن التقيد بعدد من الشروط والمواصفات الصارمة،والالتزام بما تنص عليه مدونات الاختبارات من تدقيق وضبط للأسئلة واختيار النصوص الملائمة لمواصفات التخرج أو للكفايات المستهدفة لدى المتعلم،وغيرها مما يحفظه عن ظهر قلب أغلب المشتغلين بحقل التعليم. ونود أن نتوقف سريعا عند بعض من نماذج الاختبارات المشوبة بالأخطاء والتشويش،على سبيل المثال لا الحصر،مع التأكيد على أن ما يتسرب من الأخطاء والالتباس إلى الاختبارات كان من الممكن أن نعتبره أمرا واردا ولا يدعو لكل هذا القلق والاحتجاج ،لو أن الأمر تعلق بعمل فرد، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبلغ الكمال والنموذج المثالي الذي تراهن عليه المذكرات والمدونات التي تصدرها الوزارة الوصية،ويوصي به القائمون على وضع المناهج والبرامج الدراسية.لكن عندما يتعلق الأمر بعمل تشرف عليه هيئات ولجان تضم من يفترض فيهم الكفاءة والأهلية لتولي أمر خطير كتمرير اختبار إشهادي على نطاق واسع،فإن لا عذر لهؤلاء ولا تبرير لأخطائهم،خاصة عندما تبلغ درجة من الخطورة لا ترتفع،مثل ارتكاب خطأ معرفي فادح،أو مخالفة معايير أولية منصوص عليها لا تحتمل اجتهادا إلا بالإتيان بما يعلل استبدالها بمعايير بديلة. وقبل أن أضرب بمثال أخير للامتحان الجهوي الموحد لنيل شهادة السلك الإعدادي للموسم الدراسي المنتهي 2011\2012،في مكونات مادة اللغة العربية بأكاديمية جهة تازة-الحسيمة-تاونات،أذكر ببعض ما بقي عالقا في ذاكرتي من نماذج أخطاء استوقفتني السنة الماضية،واختار منها واحدا على سبيل المثال لا الحصر.ففي السنة الماضية انتبه عدد من الأساتذة المكلفين بالحراسة إلى أخطاء غير مقبولة تسربت إلى الاختبار الخاص بمباراة وطنية لولوج مهنة التعليم الابتدائي،وبالتحديد اختبار باللغة الفرنسية في موضوع عام حول قضايا التربية والتكوين، الذي أدرج ضمن إطار المباراة الوطنية لتوظيف أساتذة التعليم الابتدائي من الدرجة الثانية برسم سنة 2011، وهي أخطاء تراوحت بين الصرفي والنحوي.ومن هذه الأخطاء أشارهؤلاء مثلا إلى إدراج مطالب ضمن خانة الأسئلة مع أنها جاءت في صيغة إنشائية لا تنتهي بعلامة الاستفهام.أما الأسوء فهو أن لا ينتبه أعضاء لجان وطنية مكلفة بإعداد الاختبارات،يفترض أن يكونوا على أعلى درجة من اليقظة والمسؤولية،لأخطاء صرفية ونحوية من في المطلب الأول للمفرد الغائب بدلا من الجمعrencontrerقبيل إسناد الفعل الذي يعود على التلاميذ،وعكس الأمر في الحالة الثانية،حيث أسند الفعل بالمطلب الثاني للجمع بدل العائد عليه الاسم المفرد،ثم في constituer يصل الفعل الذي à المطلب الثالث تم إسقاط الحرف الرابط بعناصر الجملة التالية.remédier و أثارت هذه الأخطاء استغرابا واستنكارا وسط هيئة التدريس بالنظر إلى خطورة الموقف وحساسيته بالنسبة لفئة مقبلة على ولوج مهنة التعليم والتدريس، حيث يمثل تعلم كيفية تجنب الأخطاء على مستوى استعمالات اللغة رهانا أساسيا لنجاح العملية التعليمية برمتها. فقد شاع في السنوات الأخيرة ضبط هذا النوع من الأخطاء في الاختبارات الوطنية والجهوية في عدد من المواد بمستويات السنة النهائية لسلكي التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي،فضلا عن الركاكة التعبيرية الشائعة التي تميز أغلب ما يقدم من مواد الاختبارات في التعليم الأساسي،وهو ما يثير استفهامات كثيرة بشأن المعايير المعتمدة لتنصيب أعضاء اللجان المكلفة بإعداد الاختبارات أو انتقاء المواضيع المقترحة من طرف المدرسين،ومدى جدية هؤلاء في التعامل مع أمر في مستوى حساسية الاختبار بما يتناسب مع الشروط التي تحددها المذكرات الوزارية المعتمدة .وقد بلغت أحيانا الأخطاء درجة من الخطورة حين تعدت الجوانب اللغوية لصياغة المطالب والأسئلة إلى أخطاء منهجية ومعرفية فادحة،ما ينم عن جهل واضح لأصحابها بالحد الأدنى المطلوب توفره في الأشخاص المنتمين لحقل التعليم من المعارف والكفايات،وافتقار لشرط الكفاءة المطلوبة في مثل هذه المهام والتكليفات.والحال أن الوطن لا تعدمه الكفاءات في مجالات مختلفة،ولا يمكن قبول استمرار مثل هذه المهازل وكأن شيئا لم يحدث. هذه السنة أيضا جاءت بعض الاختبارات مخيبة وشابتها الكثير من الهفوات والأخطاء،كما هو الشأن بالنسبة للامتحان الوطني للباكالوريا في دورته العادية،خاصة بالنسبة لمادة اللغة العربية\مسلك الآداب والعلوم الإنسانية،والذي أثار انتقادات مدرسي المادة،لمخالفته للكثير من المنصوص عليه بالمذكرات الوزارية والإطار المرجعي المنظم لامتحان اللغة العربية،ابتداء من اختيار نص ضحل محتوى ولغة ومنهجا لكاتب مغمور،ومن مصدر قديم لا يليق بامتحان إشهادي بمستوى الباكالوريا ومتجاوز معرفيا،وليس انتهاء بخلو الاختبار من سلم التنقيط المنصوص عليه بالإطار المرجعي،وصياغة ركيكة ومشوشة للأسئلة والمطالب،حيث يغيب مبدأ التدرج ،فضلا عن الملائمة والدقة والوضوح في الصياغة وغيرها من المواصفات المتعارف عليها رسميا وبيداغوجيا. وهذا أيضا ما ينطبق في عناصر كثيرة على الامتحان الجهوي الموحد لنيل شهادة السلك الإعدادي لهذه السنة بأكاديمية جهة تازة-الحسيمة-تاونات،ولنفس المادة.فالغريب أن مادة مثل اللغة العربية، حيث تطغى هواجس الدقة اللغوية وتحضر بقوة مطالب الوضوح والتماسك في صياغة الأسئلة،هي الأكثر عرضة لمثل الأخطاء التي ألمحنا إليها أعلاه.فعلى مستوى نص الانطلاق،يلاحظ أنه أيضا قديم ومقتطف من إحدى أعداد مجلة العربي لسنة 1976!ولكاتب مغمور مثلما رأينا بالنسبة لامتحان الباكالوريا المشار إليه أعلاه،وكأن النصوص نادرة إلى هذا الحد الذي يدفع لاختيار نص متجاوز معرفيا، خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع له علاقة بالبيئة وظاهرة التلوث الهوائي التي شهدت تحولات وتطورات تجعل معارف السبعينات في هذا الموضوع ،إن لم يكن في حكم التخلف المعرفي، فعلى الأقل ناقصة ومحدودة بالنسبة لثقافة عصرنا. الملاحظة الثانية تهم كذلك سلم التنقيط،حيث يستغرب المرء منح التلميذ نصف نقطة 5،0مقابل الإجابة الصحيحة على المطلب الثاني لمكون القراءة،الذي يطلب منه بيان علاقة العنوان بالجزء الأخير من الفقرة الأولى،والتي لا تناسب المجهود المفترض بذله لأدراك تلك العلاقة،وهو أيضا ما يسري كملاحظة على المطلب الثالث حيث لا يعقل أن نمنح نصف نقطة مقابل شرح كلمتين بالمرادف والضد. غير أن المطلب السابع يمكن أن يثير خلافا حقيقيا بين المدرسين، بخصوص الإجابة المحصورة التي تضمنتها ورقة عناصر الإجابة وسلم التنقيط،وهو المتعلق باستخلاص قيمتين يحيل عليهما النص،بحيث نفاجأ بأن الإجابة المقترحة حصريا تقول بتضمن النص لقيمة إنسانية وأخرى أخلاقية،دون توضيح المقصود بالتحديد بالقيمة الإنسانية ولا أيضا المراد بالقيمة الأخلاقية،مع ما يسود هذا النوع من المطالب عادة من غموض حتى على مستوى النصوص المدرسة،نتيجة ما يكتنف هذا النوع من التحديدات من تشوش وتباينات في استعمال اللغة والمفاهيم غير المضبوطة بمرجعيات واضحة ومتواضع عليها. أما عن الفذلكة ،التي تقدم ولا تؤخر، فنجد لها مثالا في الصيغة التي ورد بها المطلب الرابع من مكون النصوص،حيث لم يكن من داع لإيراد المطلب على ذلك النحو المتكلف :"كثف النص في فكرة عامة تترجم مضمونه"،عوض أن نقول باختصار ووضوح:أبرز أو استخلص الفكرة العامة أو المحورية للنص.أليس من مواصفات وضع الفروض والاختبارات صياغة المطالب والأسئلة بلغة واضحة ومفهومة لدى المتعلم،وتجنب كل ما من شأنه أن يشوش على فهمه للمطلوب أو يعسر أمر استيعابه؟