تعالت أصوات من داخل المجتمع المدني بطنجة تطالب بتقييم المرحلة الأولى من عملية إعادة تشجير غابة كاب سبارتيل، التي اعتبروها تعرف تعثرات كبيرة، مطالبين بفتح تحقيق شامل وشفاف حول ما يرونه ضياعا لعدد كبير من الشتائل، وهو ما رأت فيه المديرية الإقليمية “للمياه والغابات” في توضيح لموقع “لكم”، “موقف يفتقر للدقة والمعلومة”. وفي هذا السياق، طالب محمد المنصور رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بفتح تحقيق شامل وشفاف حول صفقة إعادة التشجير وتهيء المنطقة، مسجلا في تصريح لموقع “لكم”، عدم اهتمام الجهات المسؤولة مع جميع التقارير التي أنجزت حول الموضوع، مشيرا إلى رابطته لم تتلقى أي رد أو توضيح حول ما جاء في التقرير الأخير الذي اعتبر أن عناصره وما تضمنه لا زالت قائمة ومهمة .
معطيات وأرقام حول برنامج تأهيل الغابة وكانت “مندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر”، قد أطلقت يوم 03 ماي 2018، برنامجا لإعادة تشجير غابة “كاب سبارتيل”، بعد الحرائق المتتالية التي عرفتها الغابة، بغلاف مالي إجمالي قدره 8 مليون درهم يمتد تنزيله إلى غاية عام 2023. وحسب المعطيات التي أفاد بها موقع “لكم” محمد النفاوي المدير الإقليمي لمندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر، فقد عهد بأشغال البرنامج إلى مقاولات كانت قد فازت بصفقاتها حسب المساطر المتبعة بهذا الخصوص، حيث تم إجراء دراسة خلصت إلى ضرورة تنقية المنطقة المنكوبة، قبل أن تنطلق عملية إعادة تأهيل وتشجير المساحات المتضررة، مشيرا إلى أنه تم غرس لحد الآن حوالي 96370 شجيرة من أصل 251 ألف كانت مقررة، موضحا أن الفارق لم يتم غرسه بسبب صعوبات تقنية واجهت العملية خاصة وأن جزءا من المساحة المبرمجة لم تعد صالحة للتشجير نظرا للتعرية وانجراف التربة، حيث شمل التشجير حوالي 200 هكتار وهو ما كلف ميزانية ناهزت مليون و400 ألف درهم. ودائما وفي سياق التشجير، فقد تم القيام بعملية تشجير تكميلي على مساحة 20 هكتار همت المنطقة المشجرة بنوع الصنوبر الكناري ذات خاصية تجديد فروعها بعد الحريق، كلف هذا الشق حوالي 117 ألف درهم. أما الشق الثالث من البرنامج، فقد تم فتح مسلكين غابويين، بكاب سبارتل ومديونة، على طول إجمالي 12,8 كيلومتر بكلفة 3 مليون و270 ألف درهم تضمن التدخل السريع لمكافحة الحرائق وفي الشق الرابع ولتعزيز شبكة اليقظة والمراقبة . ولتعزيز شبكة المراقبة واليقظة، حسب تفاصيل تنزيل البرنامج، فقد تم بناء برج للمراقبة في أعلى نقطة بالغابة يطل على جميع الاتجاهات والأطراف، وذلك لتعزيز خلية اليقظة والمراقبة لضمان وجود فرق تدخل سريع، بميزانية وصلت حوالي 224 ألف درهم. ملاحظات وانتقادات سجلت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين مجموعة من الملاحظات حول إعادة عملية التشجير التي قامت بها “المياه والغابات” في إطار برنامج تأهيل غابة كاب سبارتيل، وقال محمد المنصور في تصريح لموقع “لكم”، إن مضامين تقريرنا الأخير ما زالت عناصره قائمة رغم مرور أسابيع على إنجازه. واعتبرت الرابطة في هذا التقرير الميداني الذي تمت إحالته على موقع “لكم”، أن إعادة التشجير استثنت مساحات واسعة، وخصوصا في القسم الغربي القريب من المنارة، وكذلك القسم الشرقي الممتد من الوسط إلى منطقة مديونة شرقا، ثم الطريق الرئيسي شمالا، مؤكدة على أن الغابة نمت من تلقاء نفسها واستعادت عافيتها، بل حتى الأشجار المحترقة قد عادت إليها الحياة دون الحاجة إلى التدخل من أية جهة. وأبرز تقرير الرابطة أن “تحول مواضع الإنبات إلى حفر عارية وأرض جرداء خالية من النبات على صعيد كل المناطق المغروسة، أثر على الغطاء النباتي الطبيعي وحال دون نموه، مشيرا إلى أنه لو تركت الحالة على ما كانت عليه لنمت الغابة بشكل طبيعي، كما هو عليه الأمر في المناطق التي لم يشملها الحفر، والمثال هي المواقع التي تتواجد بها شجرة ميموزة التي نمت وترعرعت بشكل تلقائي، وكذلك شجر الصفصاف والعرعار، والتايدة أيضا، حيث أن حجم كل هذه الأشجار يفوق بكثير حجم المغروسات المرتبطة بالمشروع . في ذات السياق، سجل التقرير، عدم قيام المقاولة المكلفة بمواكبة عملية الغرس بالسقي المنتظم للمغروسات التي يفترض فيها أن تكون في حجم النباتات الطبيعية التي نمت بجوارها وتجاوزتها في النمو بكثير . أغلب الشتائل أصبحت فاقدة للحياة من الملاحظات المثيرة التي سجلها التقرير، وهي أن أغلب الشتائل أصبحت فاقدة للحياة، لأنها لم تشهد أي نمو منذ غرسها، والدليل هو عدم استفادتها من التساقطات المطرية طيلة السنة الماضية، مما يؤكد فشل هذا المشروع الذي لا يشكل إلا منصة لإهدار المال العام. وأشارت الوثيقة إلى أن الغابة لم يتم تطعيمها بأصناف أخرى من الأشجار ذات القيمة البيئية والمردودية العالية، من أجل إغناء الغطاء الغابوي والحفاظ على تنوعه، وهو ما اعتبرته الوثيقة محاولة للاقتصاد في كل شيئ وإنجاز هذا المشروع بأقل تكلفة. ملاحظات حول المسالك المنجزة أما بخصوص المسالك الطرقية المنجزة بواسطة المادة الرملية، فقد اعتبرها تقرير الرابطة أنها تحتاج إلى مزيد من التسوية وإعداد جداول تصريف المياه الشتوية لحمايتها من الانجراف وضياع التربة تحت تأثير تدفق السيول الجارفة ، مؤكدا حاجة تلك المسالك إلى الإغلاق في وجه العموم حفاظا على الغابة، والحد من العوامل التي تهدد الغطاء الغابوي وتتسبب في وقوع الحرائق، كما سجل التقرير غياب نقط التزود بالماء عن قرب. تثمين بعض ما أنجز التقرير لم يفته تثمين ما تم إنجازه من طرف إدارة المياه والغابات بخصوص هذا المشروع، مؤكدا على حق الرأي العام في معرفة كل التفاصيل عند انتهاء الأشغال، مناشدا اعتماد نفس المعايير في التعاطي مع ملف كل المناطق الغابوية بإقليم طنجة التي تتعرض للحرائق والاعتداءات. وأكد التقرير على أن الدافع الأساسي لاهتمام بهذا الموضوع كان هو الخوف على مصير تلك الغابة التي نخشى عليها من الضياع على غرار باقي المناطق الغابوية بالإقليم التي أصبحت مهددة بالانقراض، ضاربا ما تتعرض له غابة الرهراه، بوبانة، الهرارش، كزناية، دار الشاوي من اعتداءات كمثال على ذلك، ثم قسم من غابة السلوقية نفسها التي يتم تجريدها من الغطاء الغابوي بهدف تحويل مساحات وسط الغابة إلى أراضي زراعية في أفق تملكها من طرف الخواص، حسب ما ذهب إليه التقرير. توضيحات رسمية ومن برج المراقبة المنتظر أن ينطلق العمل به قريبا، أوضح المدير الإقليمي للمياه والغابات، لموقع “لكم” الذي نزل مع المسؤول للوقوف على حقيقة ملاحظات المجتمع المدني، أن الغلاف المالي المخصص للمشروع (8 مليون درهم) لم يتم صرفه كاملا لحد الساعة، مشيرا إلى أن برنامج التدخل لم يستكمل بعد نظرا لأن اشغال صيانة المساحات المشجرة وكذا فتح مصدات الحرائق الغابوية سيتم انجازها سنتي2020 و2021 . وفي ما يتعلق بالشتائل التي لم تنجح عملية غرسها، اعتبر المدير الاقليمي أن الأمر لا يمثل أهمية كبيرة ولن تؤثر على نجاح عملية التشجير، مؤكدا أن الأمر طبيعي في حالة عملية التشجير، وأن المديرية الاقليمية ستتدارك هذا الأمر أثناء عملية الصيانة المبرمجة سنة 2020 وذلك باستبدال الشتائل الميتة بأخرى حية، مذكرا أن مندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية الغابوية والمياه والغابات، تبقى المتدخلة والممولة الوحيدة لإنجاز هذا المشروع. من جهة أخرى، عبر المدير الاقليمي عن استعداه للتعاون مع هيئات المجتمع المدني بطنجة، والانخراط في برامج للتحسيس والتوعية وتنظيم أيام خاصة بالغابة مع تعبئة الساكنة، مؤكدا على ان دور الجمعيات يمكن أن يكون مفيدا على هذا المستوى.