قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن مواطنان مغربيان يتعرضان لمحاكمة الرأي وهما في حالة اعتقال، بكل من سطات وتيفلت، بسبب تعبيرهما سلميا بوسائل التواصل الاجتماعي، عن رأيهما في نمط الحكم بالمغرب وانتقادهما للأوضاع السياسية بالمغرب وفساد المسؤولين، محملين المسؤولية للملك في تصريحاتهما، ويتعلق الأمر بمحمد السكاكي المعروف “بمول الكسكيطة”، الذي اعتقل يوم 30 نونبر 2019 بسطات وأحيل على المحكمة بتهم مختلفة من بينها إهانة المؤسسات الدستورية، و”محمد بودوح” المعروف “بمول الحانوت” الذي تم اعتقاله ايضا يوم 9 دجنبر 2019، بتيفلت وأحيل على المحكمة بتهم إهانة المؤسسات الدستورية وإهانة هيئات منظمة بمقتضى القانون. وأضافت الجمعية في بلاغ لها، أنه قبل هذين المعتقلين، تم الحكم بالسجن النافذ ضد مغني الراب المعروف “بالكناوي”، بعد نشره، مع زميلين له، لأغنية تصب في نفس التوجه النقدي للدولة والمسؤولين عن تردي الأوضاع بالبلاد، كما حكم بالسجن النافذ، السنة الماضية، ضد المواطنة “عزيزة الحمري” بعد إعلانها في تسجيل لها لانتقادات صريحة لرئيس الدولة معتبرة إياه مسؤولا عن الظلم الذي تعرض له السكان في حيها بعين السبع بالدار البيضاء، بعد طردهم تعسفا من مساكنهم.
وأكدت الجمعية أن هذه الاعتقالات تؤشر على موجة جديدة من محاكمات الرأي تحت يافطة المس بالمقدسات، كالتي تابعتها الجمعية في الفترة السابقة لاندلاع حراك 20 فبراير، حين وضع عدد كبير من المواطنين والمواطنات في السجن بتهمة المس بالمقدسات، والتي تم بعدها إصدار القانون التراجعي المتعلق ب”قانون حظر إهانة رموز المملكة” والذي رفضته الجمعية بقوة آنذاك معتبرة إياه قانونا يستهدف حرية الراي والتعبير. وشددت الجمعية على أن هذه الاعتقالات والمحاكمات تشكل هجمة شرسة على المكتسبات في مجال الحقوق والحريات، وهي وإحدى أبرز مظاهر الردة الحقوقية التي تعرفها بلادنا منذ بضع سنوات. وسجلت الجمعية إدانتها لهذه الموجة الجديدة من الاعتقالات والمحاكمات بسبب انتقاد أوضاع الاستبداد والفساد في البلد، معتبرة إياها تجديدا لأساليب القمع لما قبل 2011، وتعميقا لأزمة الحريات التي يشهدها مغرب ما بعد انتكاسة 2014. واعتبرت الجمعية أن الدعوة إلى العنف وتأليب الناس ضد بعضهم، وتجريم الرأي المنتقد، وتشجيع قضاء الشارع كما جاء في تصريحات الوزير عزيز أخنوش باسم حزبه، هي سلوكات خطيرة تستدعي المساءلة وعدم الإفلات من العقاب لما تشكله من تحريض على العنف والكراهية وتهديد لحياة المستهدفين منها. وأبرزت الجمعية أن البيان الذي أصدرته النيابة العامة بخصوص اعتقال “محمد السكاكي”، يتضمن تشهيرا ومسا بقرينة البراءة بما عممه من معطيات شخصية لا علاقة لها بملف القضية تستهدف النيل من المعني بالأمر، مما يشكل إدانة مسبقة له، وتأثيرا على القضاء ومسا بمعايير وضمانات المحاكمة العادلة. وجددت الجمعية مطالبها بالإفراج الفوري عن مغني الراب الملقب ب “الكناوي” وبإطلاق سراح “مول الكسكيطة” و”مول الحانوت”، الذين يقبعون في السجن بسبب ممارسة حقهم، الذي يكفله لهم الدستور، في التعبير عن رأيهم بانتقاد الأوضاع في البلاد وتوجيههم النقد لمسؤوليها، وبإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين. كما طالبت الجمعية أيضا بوضع حد لسياسة الاستبداد والظلم والفساد والانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات، التي تعد السبب الحقيقي لشيوع تلك الانتقادات اللاذعة للحكام والمسؤولين، بذل اللجوء الى أسلوب القمع والترهيب والانتقام الذي لن يساهم إلا في تفاقم الوضع الذي تنتقده الأصوات المقموعة. وناشدت الجمعية كافة الهيآت الحقوقية ومختلف القوى الحية المناضلة من أجل الديمقراطية إلى وحدة الصف، وتنسيق الجهود للتصدي للهجوم على الحقوق والحريات، والوقوف ضد تسخير القضاء للانتقام من ممارسيها والتستر على انتهاكاتها المتواصلة.