قدم المركز المغربي للحريات النقابية، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تقريره عن الحريات النقابية، مشيرا الى ان سنة 2019 شكلت انتكاسة حقيقية في مجال الحرية النقابية. وسجل المركز المذكور، في بلاغ له توصل موقع”لكم” بنسخة منه، في اطار اطلاق الحملة الوطنية ضد الهجوم على الحريات النقابية بشراكة مع الاتحاد المغربي للشغل، أن سنة 2019 تميزت بتصاعد وعنف و شمولية الهجوم على الحق النقابي و الحق في التفاوض والحوار والإضراب، مشيرا إلى “لجوء المسؤولين للمقاربة الأمنية “القمعية”التي تذكرنا بما عرف بسنوات الجمر والرصاص”، موضحا”وهذا ما تجسد في الطرد التعسفي لأسباب نقابية، و في المساس بسلامة وأمن العمال وفي حملات المتابعات والاعتقالات التي مست النقابيين ومداهمات منازلهم و ترهيبهم عائلاتهم كما حصل لعمال مطار محمد الخامس “.
وأكدت الهيئة أنه بعد تدارسها للحالة المزرية التي أصبحت عليها الحريات النقابية بالمغرب خلال سنة 2019، لمواقف وتوجهات ممارسات الأطراف الحكومية، تؤكد بأن الحرية النقابية جزء لا ينفصل عن باقي حقوق الإنسان الأساسية، المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( المادة 23)، و في العهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية ( الفصل 22 )،و الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية ( المادة الثامنة)،وفي الاتفاقيات والإعلانات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وبشكل خاص الاتفاقيتين 87 ،في شأن الحرية النقابية وحماية الحق النقابي . وفي سياق متصل، سجل المركز المذكور، ارتفاع ضحايا الانتهاكات الخطيرة للحرية النقابية خلال هذه السنة، مذكرا بارتفاع أعداد المطرودين لأسباب نقابية، خاصة في القطاعات والمؤسسات الإنتاجية المعروفة بتجريم العمل النقابي، و في المناطق الصناعية الحرة ، بحيث تم تم طرد 1576 عاملا و نقابيا، بالدار البيضاء وحدها و 23 آخرين بقطاع التدبير المفوض للنظافة بالسعيديةو تاوريرت. وحسب بلاغ الهيئة المذكورة، فإن “السلطات ترفض تسليم وصولات إيداع المكاتب النقابية، بتواطئ مع أرباب العمل الجشعين، مما يشكل خرقا سافرا للدستور المغربي الذي ينص في الفصل الثامن على أنه “يتم تأسيس النقابات … بكل حرية”، و على أن “تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية , و على إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية “، إلى تأكيده على “احترام وحماية الحريات و الحقوق الأساسية”. وندد المركز المذكور باستمرار اعتقال و محاكمة المسؤولين النقابيين، بمقتضى الفصل 288 من القانون الجنائي الموروث عن العهد الاستعماري، و ذلك بدعوى عرقلة حرية العمل”، بتالإضافة إلى “قمع و تعنيف المسيرات السلمية و الحضارية ( الأساتذة اللذين فرض عليهم التعاقد – حاملي الشهادات – الممرضين – الأطباء)، مطالبا بإنصاف المتضررين من السياسات الحكومية اللاشعبية، التي عملت على تفكيك قطاعات الوظيفة العمومية، و الإجهاز على الخدمات العمومية، و توسيع دوائر الهشاشة، كما حصل بقطاعي التربية و التكوين، و الصحة العمومية من جانب آخر، دعت الهيئة نفسها، إلى تشجيع النقابات العمالية و حمايتها من الانتهاكات التي تطالها و إبرام عقد اجتماعي، يقوم على الشراكة الفعلية، و مأسسة التشاور و التفاوض و الحوار مع الحركة النقابية، بما يضمن استقرار العلاقات المهنية،و تدبير جيد و مرن لنزاعات الشغل يصون الحقوق الأساسية للأجراء، و يوفر شروط تحقيق أهداف المقاولة المواطنة، خاصة رفع تحديات المنافسة و الإنتاجية و الجودةو التنمية. وطالب المركز السالف الذكر السلطات بتفعيل الديمقراطية التشاركية الذي ينص عليها الدستور المغربي ، و ذلك بإشراك النقابات العمالية ذات التمثيلية، في وضع السياسات العمومية، من خلال مشاورات و حوارات قبلية معها ،ضمانا للاستقرار الاجتماعي ،و التوازنات المجتمعية، داعيا إلى إعادة مشاريع قوانين الإضراب ،و النقابات المهنية، و الوظيفة العمومية , إلى مؤسسة الحوار الاجتماعي، و البحث عن صيغ توافقية، تحتكم للمرجعيات الدولية الخاصة بالحريات النقابيةو تحترم الدستور المغربي ،كما وقع إبان وضع مدونة الشغل . ودعت الهئية نفسها الدولة المغربية إلى “المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 لمنظمة العمل الدولي، و إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي ،تفعيلا لاتفاقي أبريل 2003 و 2011 ولتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،الداعمة لإلغاء هذا الفصل / العار و يطالبها بالسهر على احترام الحريات و الحقوق النقابية “، مطالبة بعدم التدخل في الشأن النقابي الداخلي، و الشروع في تسليم وصولات الإيداع المستوفية للشروط القانونية المنصوص عليها بمدونة الشغل ،و بظهير 17 يوليوز 1957 ،بشأن النقابات المهنية، المعدل والمتمم بموجب الظهير رقم : 01 00 1 ، الصادر في 9 ذي القعدة 1420 ،الموافق ل 15 فبراير 2002 . وفي ذات السياق، اعتبر المركز المغربي للحريات النقابية، “أن حماية الحريات و الحقوق النقابية ليس شأنا نقابيا صرفا، بل قضية مجتمع بجميع قواه الوطنية و الديمقراطية و التقدمية ،الاجتماعية و السياسية، الحقوقية، المدنية و الشبابية، داعيا مكونات هذه الحركة الاجتماعية الديمقراطية و المستقلة، إلى دعم و مساندة الحركة النقابية المغربية في مواجهة تحديات العولمة النيوليبرالية ، ومخططات تحالف الحكومة / أرباب العمل الحالي ،المعادية للديمقراطية و للحقوق الإنسانية و العمالية” . ويرى المركز أن تجاوز الوضع الحالي المتسم باستهداف وجود و مستقبل الحركة النقابية العمالية ، يتطلب الإسراع بخلق ميزان قوة نقابي / عمالي جديد، قادر على ردع أعداء و خصوم الطبقة العاملة المغربية و على الدفاع عن حقوقها , و صون مكتسباتها , و حماية كرامتها ، مؤكدا أن الأمر يتطلب تجاوز العوائق / العوامل الذاتية و الموضوعية التي تميز الحالة النقابية الراهنة و بدء ورشة إعادة بناء وحدة الحركة النقابية المغربية , ذات الهوية العمالية الخالصة و على أساس مبدئي الاستقلالية و الديمقراطية الداخلية”.