وخرق سافر للدستور المغربي وللمواثيق الدولية إن المكتب المديري للمركز المغربي للحريات النقابية، المجتمع عشية الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف يوم 10 دجنبر من كل عام . بعد وقوفه على واقع الحريات النقابية ببلادنا، وتدارسه وتقييمه للمأزق الذي آل إليه الحوار الاجتماعي بالمغرب جراء استمرار رفض رئيس الحكومة الجلوس إلى طاولة التفاوض مع الحركة النقابية المغربية حول مذكرتها المطلبية المشتركة المرفوعة إليه منذ أكثر من سنتين، والتي قوبلت بالتجاهل واللامبالاة والإهمال رغم المراسلات النقابية العديدة التي ذكّرت فيها رئيس الحكومة بأهمية فتح الحوار، وأكدت عبرها استعداد ها لمناقشة كل الملفات والقضايا بغية التوصل إلى توافقات ترضي مصالح مختلف الأطراف المعنية بعلاقات العمل = الحكومة – أرباب العمل – النقابات العمالية . وانطلاقا من قناعته الراسخة ان الحوار الاجتماعي اصبح السمة الطبيعية لعلاقات العمل المعاصرة ، والأداة الفعالة لتوعية وتحسيس كل طرف بخصوصيات المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية العميقة، وبالدور الموكول اليه، والدفع باتخاذ مواقف مشتركة لمواجهة تحديات العولمة رغم تباين مصالح الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين والحكوميين. فان المكتب المديري: 1. يعلن أن الحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي حق من حقوق الإنسان الأساسية التي تضمنه المواثيق والعهود الدولية الصادرة عن منظمتي الأممالمتحدة والعمل الدولية، ويحميه الدستور المغربي لعام 2011. 2. يعتبر قرار رئيس الحكومة تعليق الحوار الاجتماعي مع الحركة النقابية المغربية مخالفا لمقتضيات الدستور المغربي الذي ينص صراحة في التصدير، و في فصله الأول على "الاختيار الديمقراطي، والمقاربة التشاركية، ومبادئ الحكامة الجيدة "، وفي الفصل الثامن على أن " تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية "، و في الفصل 13 على أن " تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية ، و تفعيلها و تنفيذها و تقييمها ". 3. يرى أن القطيعة الحالية الذي تميز العلاقة النقابية الحكومية، وما ترتب عنها من تزايد درجات الاحتقان الاجتماعي ( مسيرات، اضرابات، اعتصامات، احتجاجات ...)، نتاج طبيعي لمقاربة رئيس الحكومة اللاديمقراطية /الاقصائية في تدبير الشأن العام، وفي وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية ، والتي يسعى من خلالها فرض قراراته بشكل فوقي انفرادي دون أي تشاور، ولو شكلي، مع الحركة النقابية المغربية ، ومع مختلف مكونات الحركة الاجتماعية والمدنية الديمقراطية والمستقلة. 4. يدعو رئيس الحكومة الى احترام مقتضيات الفصل 89 من الدستور الجديد الذي ينص على أن : " تعمل الحكومة على ضمان تنفيذ القوانين " ، و كذا الفصل 6 الذي يؤكد أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ، والجميع ، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية ملزمون بالامتثال له، وأن تعمل السلطات العمومية على توفير الشروط التي تمكن من مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية " ، ويطالبه بالإسراع بفتح حوار مع المركزيات النقابية حول مذكرتها المطلبية المشتركة ، واعتماد الحوار الاجتماعي ثقافة لا بديل عنها ، باعتباره إفرازا للتوجهات الديمقراطية ، وركن أساسي من أركان المجتمع الديمقراطي، والمنطق الوحيد الذي يضمن التوفيق بين الفعالية والمردودية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية و يخلق شروط السلم الاجتماعي والاستقرار والتنمية المستدامة . 5. يطالب الحكومة بالعمل على توفير الإطار القانوني لمأسسة الحوار الاجتماعي بشكل يسمح بتنظيمه و ضبطه وتشجيعه على جميع المستويات، ويضمن ممارسة الحق النقابي، ويؤمن الحرية النقابية، ويحث على تسوية نزاعات الشغل عن طريق الحوار والتفاوض واعتماد التوفيق والتحكيم الاختياري أساسا لكل النزاعات. 6. يدعو الحكومة إلى التصديق على الاتفاقيتين الدوليتين الصادرتين عن منظمة العمل الدولية، رقم 87 و 144 وإلى إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي، وإلى تشجيع المنظمات النقابية الديمقراطية والمستقلة على اعتبار أن وجود نقابات قوية وذات تمثيلية، عوض العمل على اضعافها وإنهاء وظيفتها، أداة فعالة لتضامن المجتمع وتماسكه واستقراره، ولمواجهة تحديات العولمة الاقتصادية الليبرالية الجديدة، عبر المساهمة في تطوير الإنتاجية والمردودية والقدرة على التنافسية . 7. يعتبر أن الحوار الاجتماعي سيمكن من إعادة الثقة والمصداقية في المؤسسات، وفي أدوارها ووظائفها التنظيمية والتأطيرية والتثقيفية والتربوية والتوعوية ( حكومة – نقابات – أحزاب سياسية – جمعيات ...) ، ويساعد على قيام ميثاق اجتماعي عادل منصف ومتوازن، يوفر الشروط والأجواء الملائمة لتحقيق التنمية العادلة، المتوازنة والمستدامة. 8. يعتبر حديث رئيس الحكومة عن إصلاح أنظمة التقاعد، كلام حق يراد به باطل أي الإجهاز علبها ، و يسجل أن عزمه تفكيكها يتناقض مع الفصل 31 من الدستور المغربي الجديد الذي ينص على " ضرورة تعبئة كل الوسائل ليستفيد المواطن من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي، والحق في التعليم والتكوين المهني والسكن اللائق ". 9. يعلن تضامنه المبدئي مع نضالات الحركة النقابية المغربية دفاعا على الحرية النقابية والحق في الحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي، ويناشد جميع القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية، والهيئات الحقوقية، ومختلف مكونات الحركة الاجتماعية الديمقراطية والمستقلة، إلى مساندة الطبقة العاملة المغربية وحركتها النقابية، ودعم نضالاتها من أجل فرض احترام الحرية النقابية والحق في الحوار الاجتماعي، باعتبارهما شرطين لا بد من توفرهما لتحقيق الديمقراطية الحقة والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للخيرات.