يبدو ان النزاع في الصحراء الغربية احد اقدم النزاعات في العالم، بات في مأزق بعد ان قرر المغرب سحب ثقته من المبعوث الخاص للامم المتحدة كريستوفر روس. واحدثت الحكومة المغربية المفاجاة الاسبوع الماضي بوصفها مواقف الدبلوماسي الامريكي كريستوفر روس المكلف بهذه النزاع القانوني الثقيل ب "المنحازة وغير المتوازنة"، لكن الاممالمتحدة عادت وجددت "كل ثقتها" في مبعوثها. وتتهم الرباط الدبلوماسي الاميركي بالانحياز لموقف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) المدعومة من الجزائر والتي تريد تنظيم استفتاء حول مستقبل الصحراء الغربية. وعادت السلطات المغربية لتبني موقف رسمي اكثر ليونة بتصريح الوزير المنتدب للشؤون الخارجية يوسف عمراني مؤخرا ان "المغرب يبقى ملتزما بجدية (...) في جهود الاممالمتحدة لتجاوز الطريق المسدود". لكن العديد من الخبراء المغاربة يرون ان قرار المغرب بسحب ثقته من روس قد تسبب في عواقب سلبية. وقال مدير مركز الدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات عبد الفتاح البلعماشي لوكالة فرانس برس "هذا القرار سيمنع اي تقدم في النزاع وسيكون له اثار مباشرة على مسار المفاوضات (مع البوليساريو) التي تعاني سلفا من الفشل المتتالي". وسبق للعديد من المبعوثين الامميين ان فشلوا في محاولة ايجاد اتفاق بين الاطراف الفاعلة من اجل حل سياسي للنزاع. واضاف الخبير "كان يمكن للحكومة المغربية ان تحتج رسميا بدل ان تتخذ مثل هذا القرار، لان الامين العام للامم المتحدة هو من يقرر سحب الثقة او تجديدها في روس". وفشلت اخر جولة من المفاوضات غير الرسمية في ضاحية نيويورك بين المغرب والبوليساريو. وبحسب البلعماشي فان "تسع جولات من المفاوضات بين المغرب والبوليساريو لم تؤد الى اي نتيجة, هناك مازق". وتحمل الرباط على المبعوث الاممي عدم اتباع المحادثات غير المباشرة ب"اتصالات مباشرة". وجاء قرار الرباط كرد فعل على تبني مجلس الامن في 24 ابريل قرارا ينتقد تعامل السلطات المغربية مع القبعات الزرق التابعين للامم المتحدة ومع الصحراويين. كما طلب من المغرب "تحسين وضع حقوق الانسان" في هذه المنطقة التي يسيطر عليها. والصحراء الغربية مستعمرة اسبانية سابقة ضمها المغرب في 1975. وتعرض الرباط حكما ذاتيا واسعا في الصحراء الغربية مع حكومة وبرلمان محلي تحت سيادتها, لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر ترفض الخطة المغربية وتشدد على "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" من خلال استفتاء. واعتبر الباحث في المعهد الجامعي للبحث العلمي مصطفى نعيمي ان"النزاع تازم، لكني اعتقد ان روس اراد ان يلعب ورقة الاستفتاء والمغرب يرفض هذا الخيار". واوضح نعيمي في اتصال مع وكالة فرنس برس "يريد المغرب بهذا القرار ان يوجه رسالة تحد الى كل الذين يفضلون خيار الاستفتاء. يريد ان يظهر انه غير قابل للتفاوض في في هذه النقطة، لكن في المقابل لا يوجد اي حل في الافق". وردا على الموقف المتشكك للمغرب، اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "ثقته التامة بكريستوفر روس" موفده الى الصحراء الغربية, وهو الموقف الذي تبنته كذلك الجزائر. اما فرنسا حليفة المغرب التقليدية فاعلنت انها "تجدد دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية التي هي الاقتراح الواقعي الوحيد المطروح اليوم على طاولة المفاوضات والتي تشكل قاعدة جدية ذات مصداقية للحل في اطار الاممالمتحدة". بينما لم تعلن واشنطن التي عبرت في فبراير عن دعمها لحل "يقبله الطرفان" موقفا رسميا من القرار. ودعت جبهة البوليساريو السبت من الجزائر الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند الى دعم "حق الصحراء الغربية بالوجود" من اجل تعزيز السلام في المتوسط ومن اجل تسهيل بناء مغرب عربي.