قال القاضي عبر الحميد مبركي عضو المجلس الوطني ل “نادي قضاة المغرب”، إن القاضي ليس هو المسؤول الوحيد في قضية تزويج القاصرات، على اعتبار أنه يطبق النصوص القانونية فقط ولم يخلقها. وأوضح مبركي، الذي كان يتحدث في ندوة نظمت يوم السبت بالرباط، لمناقشة موضوع “تزويج القاصرات وتعديل المادة 20 من مدونة الأسرة”، أن الإشكالية في زواج القاصرات والقاصرين، تكمن في مدونة الأسرة وبالضبط في مادتيها الرابعة والتاسعة، حيث أن الأولى لم تحدد سن الزواج فيما جعلت التاسعة أهليته في 18سنة، مع ترك استثناء وامكانية تزويج من هم أقل من سن ال 18 دون تحديد مفهوم “الأقل سنا”. وأضاف القاضي، في نفس الندوة المنظمة من طرف “منظمة بدائل للطفولة والشباب” بمناسبة الذكرى 30 لاعتماد “الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل” ، أن القانون هو الذي ينص على زواج القاصرين، ولم يترك للقاضي كامل سلطة اتخاذ القرار، حيث أنه ملزم بمراعاة مصلحة الفتاة عبر الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي وامكانية موافقة النائب الشرعي، مع امكانية منح تصريح الزواج رغم رفض النائب الشرعي في حال كان الزواج يصب في مصلحة طالبة الزواج. وأكد عضو المجلس الوطني ل “نادي قضاة المغرب”، في عرضه حول “زواج القاصرات في المغرب بين الاجتهاد القضائي والنص التشريعي”، على أن النصوص القانونية غير كافية، مشددا على أن القضاة يحاولون جاهدين تجاوز هذا الخصاص عبر الاستماع للفتاة بمعزل عن أبويها والاستماع للخاطب ومراعاة فارق السن بين طالبي الزواج، رغم عدم الزام النصوص القانونية للقاضي بذلك. من جهته طالب أحمد حمومي نائب رئيس “بيت الحكمة” بضرورة اعتماد مصطلح تزويج الأطفال عوض تزويج القاصرات. وأشار حمومي، في تقديمه لقراءة رأي “المجلس الاقتصادي ولاجتماعي والبيئي” في موضوع تزويج الطفلات بالمغرب،إلى أن المغرب ملزم بالقضاء على زواج من هم دون ال 18سنة، واصفا هذا الزواج بالزواج القسري، باعتبار أن أحد الطرفين فيه طفل عاجز عن التعبير عن دراية عن موافقته الواعية والكاملة والحرة للزواج، ناهيك عن كونه انتهاكا لحقوق الإنسان. وأكد حمومي في مداخلته، على أن القانون لوحده غير كافي لوضع حد لظاهرة تزويج الأطفال، منتقدا مدونة الأسرة التي اعتبر أنها الا تنسجم كليا مع الاتفاقيات الدولية والدستور المغربي، داعيا إلى ملائمة مدونة الأسرة مع مقتضيات الدستور، في احترام الاتفاقيات الدولية من خلال العمل بكيفية خاصة على نسخ المواد 20 21 22. واختتم نائب رئيس بيت الحكمة تقديمه لرأي “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، حول تزويج الطفلات بالمغرب، بالتأكيد على ضرورة اعتماد المغرب لعبارة “تزويج الأطفال”، في تطرقه للظاهرة وتسريع مسلسل القضاء على هذا النوع من الزواج، بالإضافة لتشجيع النقاش العمومي بخصوصه. يذكر أن الأرقام الحديثة تتحدث عن قفزة في أعداد القاصرات المزوجات، واللواتي تزاوج عددهن 32 ألف سنة 2018، دون الأخذ بعين الاعتبار زواج الفاتحة والزواج بالتعاقد “الكونطرا”، في ظل “الضعف والتأطير” القانوني للظاهرة، وعدم وجود مواد قوية تضبطه أو تمنعه. فقد كشفت النيابة العامة في تقريرها السنوي حول الوضع الجنائي لسنة 2018، عن استمرار ارتفاع نسبة زواج القاصرات، إلى جانب إحصائيات المحاكم الشرعية والتي تتحدث عن ارتفاع وثيرة الاستجابة لطلبات تزويج القاصرات إلى 90 في المائة، بتزويج أكثر من ثلاثين ألف فتاة قاصر سنويا.