أفاد مجموعة من الأساتذة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة أن كليتهم حالة من التردي والتدهور المضطرد والمتواصل الناتج عن سلوكات غير مسؤولة لإدارتها وكذلك لبعض الأساتذة الذين يدورون في فلك العمادة مستصغرين أنفسهم وحاطين من قيمة الأستاذ الباحث الذي من المفروض أن يكون مثالا للجدية والتفاني والعطاء. وأضاف هؤلاء الأساتذة، الذين وصفوا أنفسهم ب"الغيورين على مؤسستهم"، قائلين "لعل الظاهرة المثيرة للانتباه أكثر بهذه المؤسسة تتمثل في غياب الأساتذة مع بداية كل دخول جامعي وبداية كل فصل دراسي دون تعليل هذا الغياب ودون حتى القيام بأي تعويض للحصص كما تقتضي ذلك الأعراف والتقاليد الجامعية المتعارف عليها وطنيا ودوليا". لكن الأكيد، بحسبهم، بالنسبة لكلية الآداب بالجديدة،فالمشاركة في الندوات الدولية والتنقل لإلقاء المحاضرات والمساهمة في مختلف اللقاءات الثقافية والعلمية ليس هو سبب تخلف بعض الأساتذة عن القيام بواجبهم، بل يعزى ذلك لداء عضال أصاب الكلية منذ عشرات السنوات وما زالت تعاني منه بل استفحل في الفترة الأخيرة وزادت حدته. وفيما اعتبروا أن لا أحد يجادل في تنقل الأساتذة القادمين من مدن أخرى وعدم استقرارهم بالجديدة كما أن لا أحد يجادل في حق أي كان في أن يقطن بالمدينة التي أراد أو يرغب في الاستقرار بها، شددوا على أن ذلك لا يجب أن يكون سببا في الإخلال بالواجبات وعدم القيام بالمهام التي تتطلبها مهنة أستاذ باحث، من تدريس وتأطير وبحث علمي، ناهيك عن بعض الأعباء الأخرى التي انضافت مع الإصلاح البيداغوجي والتي أضحت تتطلب جهدا مضافا وعناية فائقة. ويرون أن معضلة كلية الآداب بالجديدة تكمن في أن تنقل الأساتذة القادمين من مدن أخرى، بل حتى من دول أخرى، وأن هذه المعضلة أضحت ظاهرة طاغية ومستفحلة. "فهنالك مجموعة البيضاء ومجموعة الرباط وما جاورها ومجموعة مكناس، وبل حتى مجموعة فرنسا"، يقول الأساتذة، مضيفين أن الظاهرة تشمل كل الشعب والمسالك بدون استثناء من لغة وأدب إنجليزي، لغة وأدب عربي، لغة وأدب فرنسي، جغرافيا، تاريخ، دراسات إسلامية وسوسيولوجيا. وبحسبهم دائما، فإن السؤال الذي يطرح بحدة هو لماذا تتساهل إدارة كلية الآداب مع بعض ممارسات الأساتذة المتنقلين أو بالأحرى الرحل، وتغض عنها الطرف بالرغم من أنها تخل بالواجب وتسيء لسمعة الأساتذة الباحثين وللكلية بصفة عامة؟. وأشاروا إلى أن هنالك من الأساتذة الرحل من يلقي دروسه ويجري امتحاناته ويدخل النقط ويؤطر بحوث طلبته في يوم واحد، لكي لا يضطر للمبيت بمدينة الجديدة ولكي يقلص مكوثه بها لأقصر مدة ممكنة، كما هنالك من الأساتذة من يجمع دروس أسبوعين في يوم واحد، لكي لا يضطر للقدوم إلى مدينة الجديدة كل أسبوع". وتساءلوا "أو ليس هذا نوع من العبث والاستخفاف برسالة الأستاذية والذي تزكيه إدارة كلية الآداب بالجديدة عن طريق سكوتها بل وتواطئها المكشوف؟"، مشيرين إلى أن هناك من الأساتذة من لا يدرس إلا خلال فصل واحد من السنة الجامعية ليلتحق بأسرته المقيمة في الخارج، بالرغم من أن مجلس الكلية سبق له خلال إحدى دوراته أن اتخذ قرارا يحظر فيه التدريس خلال فصل واحد. "فما هي أسباب و مسوغات صمت إدارة كلية الآداب بالجديدة عن هذه الظاهرة التي أضحت تسيء للمؤسسة وللجسم الجامعي بصفة عامة؟"، يضيف الأساتذة متسائلين، قبل أن يخلصوا قائلين "لا شك أن السبب الرئيسي هو أن عمادة كلية الآداب استطاعت الاستفادة من حياد وسلبية الأساتذة الرحل الذين لا يتسببون في أية مشاكل نظرا لبعدهم وانشغالهم وعدم ارتباطهم المباشر واليومي بالمؤسسة. والأدهى من ذلك أن بعض العارفين بخبايا الأمور يرون أن إدارة المؤسسة تمكنت من استمالة أو تطويع بعض هؤلاء الأساتذة واستغلالهم كأصوات موجهة في انتخابات مجلس الكلية ومجلس الجامعة وباقي الهيآت الجامعية. وحسب هذه المصادر، فلا عجب أن ترى بعض هؤلاء الأساتذة يحضرون بكثافة كلما تعلق الأمر بالانتخابات وهم الذين يتخلفون عن إلقاء دروسهم ومحاضراتهم، فيالها من مفارقة عجيبة. وإن كنا نتمنى أن تكون هذه المعطيات الأخيرة خاطئة لكي لا يصير الأستاذ الباحث أداة انتخابية في يد أي كان، لكن للأسف، لها من الوقائع ما يؤكدها ويزكيها". وأضافوا أن إدارة كلية الآداب بالجديدة تتقاعس في اتخاذ التدابير اللازمة لردع وزجر كل من تأخر عن أداء واجبه بالشكل المطلوب ووفقا للمساطر الإدارية المعمول بها. ولعل الاستفسارات الشكلية التي أرسلتها الإدراة للأساتذة المتغيبين مع بداية الدخول الجامعي الحالي 2010/2011 بعد غياب للبعض دام أزيد من شهر تظهر طبيعة هذا التواطؤ الضمني. فلا أحد من هؤلاء المتغيبين علل بشكل مقنع غيابه بل منهم من يحمل جواز سفره تاريخ دخول من الخارج إلى المغرب بعد شهرين عن بداية الدخول الجامعي الرسمي. فلماذا لم تحرك المساطر يا ترى ضد هؤلاء الأساتذة المتقاعسين الذين يتخلفون عن أداء الواجب والذين يسيئون للجسم الجامعي وللجامعة بصفة عامة. ولنا عودة في موضوع بعض الظواهر المشينة الموجودة بكلية الآداب بالجديدة لأن الصمت أصبح لا يخدم سوى المفسدين".