يسعى هذا المقال التحليلي اٍلى أن يتناول بواسطة المقترب السوسيو- سياسي ظاهرة أضحت منتشرة في المجتمع رغم أنها لم تحظى بالقدر الكافي من الاٍنشغال العلمي ، وهي ظاهرة التوعية و التعبئة السياسية الاٍفتراضية ، والتي يقوم من خلالها أفراد معينون جالسون وراء حواسيبهم في غرفهم أو في غرف الاٍنترنيت الشعبية باٍدارة مسار التوعية الاٍفتراصية وما ينتج عنها من تعبئة الرأي العام على أساس نقد الأوضاع الاٍقتصادية والاٍجتماعية والسياسية والعمل على تعويضها بواقع آخر يسعون اٍلى أن تكون فيه تلك الأوضاع هي الأفضل من خلال توجيه الرأي العام الى الاٍحتجاج على تلك الأوضاع بالنزول اٍلى الشارع العام وتوجيه المطالب التي تمت بلورتها على هذا الأساس اٍلى السلطة الحاكمة على شكل لافتات وشعارات . فالمقال يتوخى التأكيد على أن شبكات الاٍنترنيت أدت اٍلى تراجع دور المؤسسات والوسائط التقليدية لصالح نمط جديد من أنماط التوعية و التعبئة السياسية قائمة على التواصل الاٍفتراضي بين مؤطرين مفترضين ومتلقين مفترضين ، وبروز نوع جديد من التعبئة خارج نسق المسلمات الميدانية والواقعية المعقدة والمتشابكة وأن التوعية و التعبئة السياسية لم تعد قائمة على أساس المعطيات الميدانية والواقعية وعلى حركية العنصر البشري داخل المجال الجغرافي الضيق بل أصبح للتوعية والتعبئة السياسية مفهوم عام وشامل يتجاوز المجال والاٍقليم ليعانق ماهو كوني واٍنساني في بعض الأحيان. الكلمات المفتاحية : التوعية – التعبئة – السياسي – الاٍفتراضي – شبكات الاٍنترنيت مقدمة : دأبت مقاربة علم السياسة على تناول موضوع التعبئة السياسية من منظور نظريات التواصل السياسي وعلم الاٍجتماع السياسي باعتبار أن الأدوار السياسية مقسمة في المجتمع بين مؤطرين تقليديين يقومون بدور التوعية والتعبئة السياسية من داخل نسق المؤسسات التقليدية الرسمية المؤطرة قانونيا في اٍطار الديمقراطية التمثيلية ومتلقين واقعيين منخرطين في العملية التواصلية باعتبارهم مستهدفين أساسيين لفعل التوعية والتعبئة السياسية ، في حين تتوخى المقاربة السوسيولوجية الاٍقتراب أكثر من نبض المجتمع لمعرفة الأشكال الجديدة للتوعية والتعبئة السياسية والتي تعتبر شبكات الاٍنترنيت من أبرزها والتي لم تعد تعترف بالحدود المرسومة من قبل تلك المؤسسات ، لذلك سأقوم في هذا المقال بالمزاوجة بين المقتربين في تحليل ظاهرة التعبئة السياسية الاٍفتراضية. سعت شبكات الاٍنترنيت لخوض غمار التعبير السياسي مع توقد أول شرارة من شرارات الحراكات الشعبية لسنة 2011 ، بل اٍن هذه الشبكات كانت وراء انطلاق الاٍحتجاجات الشعبية من حيث القوة التعبوية التي تتمتع بها دون سائر الوسائط والمؤسسات التقليدية ، فكان لحملات التحسيس بهشاشة الأوضاع الاٍقتصادية والاٍجتماعية والسياسية التي وجدت في شبكات الاٍنترنيت مجالا أرحب للتعبير الدور الحاسم في تجييش الناس ودفعهم للخروج الى الشارع العام ؛ ووجد المؤطرون لهذه الحملات من الوسائل والاٍمكانيات الاٍلكترونية ما ليس متيسرا في حالات التعبئة الجماهيرية الواقعية ، وهكذا قام هؤلاء باٍنزال العشرات من الهاشتاغات والصور والفيديوهات والعبارات التي تنتقد الأوضاع الاٍقتصادية والاٍجتماعية والسياسية ، والتي تلقى تجاوبا أسرع وأوسع من قبل عدد كبير من رواد المواقع والشبكات الاٍلكترونية ، وهكذا اٍستطاع أولئك المؤطرون تحقيق اٍنجازات مبهرة على مستوى التعبئة الجماهيرية بشكل أسرع مما يمكن أن تقوم به المؤسسات والوسائط التقليدية التي تشتغل على أرض الواقع ، فسرعة تداول المحتوى الاٍلكتروني وسرعة انتشاره ومدى تأثيره في المتلقين قضى في العمق على الطرائق التقليدية في التعبئة والتوعية السياسية ، بل وخلخل العديد من المسلمات الميدانية و وأربك المؤطرين التقليديين اٍن لم يكن قد قام باٍزاحتهم من المشهد السياسي و بتنحيتهم جانبا . اٍنطلق رواد شبكات الأنترنيت -Social médiats من الواقع المرفوض ليصوغوا اٍستراتيجيتهم التواصلية الجديدة والتي ترتكز على التوعية والتعبئة الاٍفتراضية ، ولقد أدى الاٍنحباس السياسي لماقبل الحراكات الشعبية لسنة 2011 ومانتج عنه من معضلات اٍقتصادية واٍجتماعية اٍلى نوع من الاٍقصاء الاٍجتماعي لفئات عريضة من المجتمع خاصة فئة الشباب ، هؤلاء الذين وجد أغلبهم نفسه في مواجهة مباشرة مع شبح البطالة بعد سنوات متواصلة من التحصيل الدراسي والعلمي في الجامعات والمعاهد ، لم يكونوا راضين على واقعهم الذي فرض عليهم جراء السياسات الاٍقتصادية والاٍجتماعية اللاشعبية للحكومات ، فقرروا معارضة هذه الحكومات في البداية وممارسة النقد والتحسيس بالواقع المرفوض ، وهكذا تمت صياغة أسس تواصل سياسي جديد قائم على نشر كم هائل من المعلومات والمعطيات التي تهدف الى نقد ذلك الواقع وبلورة المطالب عبر شبكات الاٍنترنيت التي أصبح لها متعهدين جدد غير أولئك التقليديين الذين كانوا مكبلين بالبيروقراطية الحزبية ، وأدت سرعة نشر وتداول المعلومات والمعطيات في شبكات الاٍنترنيت التي تروم اٍلى نقد الأوضاع الاٍقتصادية والاٍجتماعية وربطها بفشل السياسات المتبعة اٍلى اٍستقطاب أتباع ومتعاطفين بل ومؤطرين اٍفتراضيين يعملون وفق أجندات فردية في الغالب على التحسيس بضرورة تجاوز الأغلال التي تفرضها الأوضاع المرفوضة والاٍنطلاق نحو تأسيس أسس وقواعد تعبوية جديدة تهدف الى نقد الواقع بغية تجاوزه نحو الأفضل في البداية قبل أن يتحول ذلك النقد اٍلى دعوة صريحة إلى إسقاط الأنظمة السياسية مع تزايد زخم العملية التواصلية الاٍفتراضية وانخراط أأأأأعداد هائلة من الرافضين في هذا المشروع السياسي الاٍفتراضي . اٍن ما يميز التوعية والتعبئة السياسية الاٍفتراضية هو كونها لم تعد لها قواعد جاهزة معروفة مثلما كان لنظيرتها التقليدية ، كما أن المتعهدين لهذه لم يعودوا هم أنفسهم المتعهدين القدامى والذين يظلون قابعين في المقرات الحزبية ينتظرون ما ستسفر عنه المؤتمرات والهيئات المركزية ، بل اٍن سرعة المبادرة لدى هؤلاء تتجاوز سقف كل التوقعات المحتملة ؛ فليس لها مكان خاص ولا زمان خاص وأعضاؤها ليسوا معروفين وأماكنهم ليست معروفة أيضا كما أنهم لايعرفون بعضهم ولا يتقاسمون نفس المرجعية الأيديولوجية في الغالب ، لذا فمكانها هو المجال الأرحب لبشكات الاٍنترنيت وزمانها هو الزمن السياسي الممتد واللامرئي ، غير أن هذه الاٍستراتيجية التواصلية الجديدة واٍن كانت تتخذ من العالم الاٍفتراضي نقطة لانطلاقها فاٍنها تستهدف في النهاية تغيير الواقع الذي ترى منذ البداية أنه ليس واقعها المرغوب ، وهكذا فالتغيير السياسي الاٍفتراضي يبدأ بالتوعية لينتقل إلى التعبئة ثم إلى النزول إلى الشارع ورفع المطالب التي تمت بلورتها في العالم الاٍفتراضي . أولا : التعبئة السياسية الاٍفتراضية والفضاء العمومي الاٍفتراضي سعى أحد رواد المدرسة النقدية أو مدرسة فرنكفورت وهو يورغن هابرماس – Yurgen Habermas الى بناء نظرية أطلق عليها اسم { الفضاء العمومي } هذا الفضاء بحسبه هو مجال تداولي بامتياز للآراء المختلفة أيا كان منشؤها سياسيا أم دينيا أم اٍجتماعيا أم اقتصاديا ، هدفه تحقيق فعل تواصلي لمناقشة جل الأمور التي تدخل في دائرة اٍهتمام الشأن العام ، وهذا الفضاء العمومي هو فضاء ديمقراطي شبيه بالأكورا- Agora الاٍغريقية يتم فيه تداول الآراء والمعلومات بحرية تامة ، وبحسب هابرماس فلابد من شرط الحرية لتحقيق الفضاء العمومي ، من أجل تحقيق عدالة اٍجتماعية تقوم على الفعل التواصلي[1] ، ورغم المآخذ التي أخذت على هذا الطرح الهابرماسي من قبل العديد من الفلاسفة والمفكرين الاٍمبريقيين خاصة حنة أرندت –Hana Arandt ونانسي فريزر- Nancy Fraser ، باعتبار الفضاء العمومي الذي يدعو اٍليه هابرماس –Habermas تؤطره الأيديولوجيا الليبرالية – البورجوازية ، ولايمكن تعميمه نظرا لحصره داخل الأنموذج البورجوازي- الويستفالي ، اٍلا أن الفكرة في حد ذاتها فكرة حسنة بالنظر اٍلى اٍمكان تجاوز معيقاتها الاٍمبريقية وكذا مآزقها النظرية والفلسفية ، و بالرغم من اٍنتفاء شرط الحرية الاٍ أنه يمكن طرح سؤال اٍمكان اٍسقاطها على التوعية والتعبئة السياسية الاٍفتراضية في بلدان دول العالم الثالث ، بالقول بجدوى اٍنجاز فعل تواصلي اٍلكتروني منفصل عن الدولة وفضاء لاٍنتاج ونشر الخطاب النقدي تجاه الدولة ، باعتبار أن نانسي فريزر- Nancy Frazer تعتبر أن الفضاء العمومي الهابرماسي يختص فقط بالأنموذج البورجوازي وتقترح من أجل تجاوز مأزق الوطنية الذي يحاصره الاٍنفتاح على الحركات الاٍجتماعية في دول العالم الثالث مثل حركات الأقليات العرقية والاٍثنية – الحركات النسائية – حركات حقوق الإنسان – حركات الثقافات واللغات المهمشة …الخ ، ويمكن أن تصلح فكرة الفضاء العمومي الاٍلكتروني التي تقوم على حقيقة فسح المجال لجل هذه الحركات للتعبير عن آرائها بكل حرية في البلدان التي تنتمي اٍليها ، ومن أجل ممارسة التعبئة السياسية بهدف خلق الاٍجماع حول القضايا الرئيسية التي لاتتقاسم نفس الرؤية بشأنها مع الدولة . الفضاء العمومي بماهو تجمع لأشخاص خصوصيين يجتمعون للصراع حول المصلحة العمومية أو المصلحة المشتركة اٍلا أن تجمعهم في الحالة الاٍفتراضية يختلف عنه في الحالة الواقعية الفيزيائية ، خاصة كون هذه الفكرة كانت صالحة في أوروبا في ظل صراع الدولة الحديثة مع الاٍقطاع . يمكن اعتبار فكرة الفضاء العمومي كقاعدة نظرية لاعتبار التوعية والتعبئة الاٍفتراضية جزءا من الفضاء العمومي الهابرماسي ويمكن اٍعادة تسميته بالفضاء العمومي الاٍفتراضي خاصة لكون شرط وجوده الذي هو الحرية يمكن تلمسها في الشبكات الاٍلكترونية ، هذا الفضاء العمومي الذي تولد من أزمة الدولة الوطنية وعدم رغبتها في الاٍنصات للرأي الآخر المختلف خاصة آراء الشباب حول جل القضايا المرتبطة بوضعهم الاٍجتماعي والسياسي والاٍقتصادي ، هذا الفضاء العمومي الاٍفتراضي حل محل الآليات التعبوية التقليدية أو الأدوات الأيديولوجية للدولة حسب لويس ألتوسير وكارل ماركس وهي في حالة دول العالم الثالث : { المدرسة – المسجد – الاٍعلام – الأحزاب السياسية } ، ويمكن اٍعتبار أن الظروف التاريخية لأوروبا في ظل الاٍقطاع والاٍستبداد الكنسي مشابهة لما تعيشه دول العالم الثالث حاليا من اٍستبداد الدولة الوطنية وتغول الحركات الأصولية ، بحيث أضحت هنالك حاجة للتعبئة السياسية الاٍفتراضية ، باعتبار أن الوسائط التقليدية أضحت مخترقة من قبل الدولة ولم تعد تقوم بالأدوار التعبوية التي كانت منوطة بها أو أن تلك الأدوار قد تم تجاوزها لعدم فاعليتها وعدم قدرتها على خلق التعبئة المرجوة بالزخم والأهداف المنشودة.[2] ثانيا : من التعبئة الميدانية اٍلى التعبئة الاٍفتراضية بالرجوع إلى الاٍسطوغرافيا خاصة كانط – هيجل – ماركس ، فاٍن استعمال العقل بجرأة يفترض الشجاعة والاٍستقلالية والمسؤولية والاٍرادة ، ويميز كانط بين الاٍستعمال الخاص للعقل والاٍستعمال العمومي له ، ويتداخل في هذا الأخير الفعل السياسي بالممارسة السياسية بواسطة الدعاية لتوجيه الرأي العام ، وعلاقة العمومية بالفعل التواصلي تظهر عندما تصير العمومية معيارا لكل القيم بحكم أن أي فعل اٍنساني اٍنما يهدف اٍلى الاٍهتمام بقضايا الشأن العام . تشتغل نظريات الفعل الاٍجتماعي لكل من تالكوت بارسونز – Talcot Parsonz و روبرت ميرتون – Robert Merton و ماكس فيبر – Max Weber ، على الفعل الفردي والاٍجتماعي باعتبار الفرد ذات فاعلة واعية حرة في اختياراتها ، كون الفعل الاٍجتماعي هو نابع من حاجة الفرد وهو يتمثل قيم الجماعة التي ينتمي اٍليها اٍلى تغيير مجموعة من الأشياء التي يراها على غير الشكل الذي يرضيه حيث الفعل الاٍجتماعي يتحول اٍلى سلوك فردي وهو ينتج الفعل متأثرا بقيم وثقافة الجماعة التي ينتمي اٍليها ، وفي بعض الأحيان الحاجة اٍلى تغيير تلك القيم والتمثلات نفسها المحركة للفعل الفردي باعتباره اٍنسان أي حيوان سياسي واجتماعي بالدرجة الأولى ، ولتفسير الظاهرة المرتبطة بهذا الفعل لابد من دراسة قيم وثقافة المجتمع الذي ينتمي اليه الفاعل ، وهذا هو مذهب بارسونز وميرتون – Parsonz and Merton ، وهو ما يسمى بالمدرسة السلوكية الأمريكية ، بينما يذهب ماكس فيبر- Max Weber في اتجاه مغاير بحيث يربط الفعل الاٍجتماعي بمجموعة من الشروط الاٍجتماعية والثقافية ويميز بين نوعين من الفعل ؛ الفعل التقليدي أو الداخلي للفرد وهو مرتبط بالمجال العاطفي والذي يستلزم من أجل فهم الظاهرة المرتبطة به الاٍهتمام بالمجال العاطفي الشخصي للفرد نفسه والشروط الاٍجتماعية المتحكمة فيه ، وبين الفعل الاٍجتماعي على المستوى الجمعي باعتبار الفرد عضوا في جماعة ، وبالنسبة ل م . فيبر- M.Weber فالفرد يعتبر مسؤولا عقلانيا عن أفعاله ، وأن أي فعل ماهو اٍلا فعل فردي نابع من الاٍختيار الشخصي العقلاني { نظرية الاٍختيار العقلاني } ، وبهذا فالسوسيولوجيا عند بارسونز وميرتون تعتبر تفسيريه في حين تعتبر فهمية لدى م. فيبر. اٍن تحول التعبئة السياسية من الميداني اٍلى الاٍفتراضي باعتماد الجهاز المفاهيمي والنظري للسوسيولوجية التفسيرية ل بارسونز وميرتون – Parsonz and Merton والفهمية ل م. فيبر- Weber يفترض أن الظاهرة الاٍجتماعية هي ناتجة عن تأثر الفاعلين الأفراد بقيم وتمثلات وثقافة المجتمع الذي ينتمون اٍليه ، وعلى هذا المستوى فاٍن الفعل الاٍجتماعي المرتبط بالتعبئة السياسية الاٍفتراضية مرتبط بدينامية مجتمعية تتحكم فيها وتصوغها العديد من القيم والتمثلات الاٍجتماعية ، هذه القيم والتمثلات تتمحور حول دور الحركات الاٍجتماعية والنخب السياسية والنخب الحاكمة ودور الاٍعلام الرسمي في المعادلة الاٍجتماعية والسياسية ، وهكذا فتراكم الشعور بالغبن والتهميش والهدر الذي يشعر به الشباب أدى اٍلى تكون قناعات تحولت اٍلى قيم اٍجتماعية لديه ثم الى سلوك جماعي وفردي ، وهذه القناعات تتمثل في فساد المحيط السياسي الحزبي وعدم قدرة النخب السياسية والنقابية على تجاوز عتبة التشخيص وعلى براغماتيتها وجشعها الواضح للعيان [3] ، كما أن النخب الحاكمة أضحت بالنسبة له معيقا لكل تنمية منشودة وعائقا مسؤولا ومباشرا عن جل الاٍخفاقات الاٍجتماعية والاٍقتصادية التي يعتبر هو ضحيتها الأولى . لقد غدا المجال الاٍفتراضي الاٍختيار العقلاني الأوحد المتوفر أمام اٍنسداد أفق الحوار والاٍنصات وشيوع ثقافة الاٍقصاء والنفي وانتشار الممارسات القمعية من قبل السلطة وسيطرة الاٍستبداد ، مما أدى اٍلى كون اختيار الوسيلة الاٍلكترونية بشكل عقلاني يرتكز على تحديد الهدف المتمثل في استهداف الميدان السياسي المفضي اٍلى تناول الشأن العام بشكل يناقض التوجه الحزبي والرسمي ، من أجل نشر تلك القيم الجديدة والمتمثلة في رفض ذلك الواقع الذي أنتجها ، والعمل على تجاوزه وفق ترسانة مفاهيمية جديدة قوامها : الديمقراطية – العدالة الاٍجتماعية – محاربة الفساد – عدالة توزيع الثروة – تكافؤ الفرص و فسح المجال أمام الشباب ….الخ ، وهنا يجب التمييز بين مستويات وعي افتراضية متعددة بتعدد الوسائط والشبكات الاٍجتماعية ؛ مثل فايسبوك وتويتر وانستغرام ويوتوب وغيرها ، بيد أن لكل واحدة من هذه الوسائط الرقمية نوع معين من الشرائح الاٍجتماعية التي ترتادها. ثالثا : أيديولوجية المواقع والشبكات الاٍجتماعية لقد غدت المواقع والشبكات الاٍجتماعية المتعددة مجالا لتصريف الأفكار والمواقف والرؤى على اختلاف مضامينها ، سياسية ، عقدية ، ثقافية ورياضية وغيرها ، وذلك بفعل ذلك الطوفان الهائل من المعلومات التي يتم تداولها بسرعة على مدار الساعة بدون توقف ، فيتم تناول الأحداث المحلية والعالمية بسرعة فائقة ، والتركيز على الاٍختلالات التي تشوب السياسات العمومية والقرارات السياسية والاٍقتصادية على المستوى المحلي والكوني ، ويتم توثيق تلك الاٍختلالات بواسطة التقنيات الاٍعلامية المتعددة المتوفرة ( فيديوهات – صور – حوارات صحفية – بلاغات – بيانات – مقالات ودراسات الكترونية …الخ ) ، يتم من خلالها نقل الواقع بشكل ممنهج ولافت للنظر ومؤدلج أحيانا ، التركيز على السلبيات ورصد الخروقات والتعثرات والتناقضات ، يبين قلق المتعهد أو مستخدم الشبكات الاٍجتماعية من سوء الأوضاع الاٍجتماعية ، استبدال الأيديولوجيات القديمة بايديولوجية الأنترنيت ، نشر قيم الديمقراطية والثقافة المدنية ، نشر الاٍرهاب والتطرف والقيم السلبية ، فالانترنيت أصبح مجالا تسرح فيه الجماعات الاٍرهابية وتنشر أفكارها وأيديولوجياتها ، و أصبحت شبكة الاٍنترنيت وسيلة اٍتصال جماهيرية جديدة ، أزاحت التلفزيون والراديو من المشهد الاٍعلامي ، و تعمل على اٍستقطاب كافة الأعمار والتوجهات والاٍتجاهات السياسية والفكرية ما أدى الى انتشار وسائل التواصل في القرى والمدن و اٍستهداف مختلف شرائح المجتمع وتجاوز مشكلات الأعمار والنوع والطبقة الاٍجتماعية [4]. غير أن خطورة اٍستعمال وسائل التواصل الاٍجتماعي تكمن في تنميط الرأي العام خاصة بحكم اٍرتكازه على جل مكونات العملية التواصلية ( السمعي – البصري – الحسي ) ، اٍذا كانت المشاركة السياسية تقتضي أن النشاط الذي يقوم به الأفراد يستهدف التأثير على القرارات السياسية التي يتخدها المسؤولون فاٍن المشاركة السياسية الاٍفتراضية تعمل من خلال تبادل الرأي في نوادي الدردشة والتعليقات على الفيسبوك والتويتر ومن خلال تقنيات نقل ملفات PDF و تسهيل عملية وضع المحاضرات الجامعية بواسطة تقنية DATA CHAW اٍلى تبني مبادرات ذات مضمون اٍنساني مثل الاٍغاثة – الدعوة اٍلى التبرع – الدعوة اٍلى التضامن أو سياسي مثل الدعوة اٍلى التظاهر أو الاٍحتجاج . أصبحت الشبكات الاٍجتماعية قوام الاٍعلام الرقمي الاٍفتراضي البديل تقوم بتوظيف المنتديات الاٍلكترونية ، المجموعات البريدية ، مواقع الويب وغيرها من أشكال شبكات الاٍنترنيت المتعددة في سبيل العمل تشكيل الوعي ذاته الذي يهدف إلى التأثير على تلك القرارات بحيث أضحت عوامل السن والمهنة أو النوع والجنسية و العوامل النفسية والاٍجتماعية كلها عوامل بدون أية أهمية أمام رغبة الشباب في التغيير ، وهكذا أصبحت الشبكات الاٍلكترونية جزءا مهما من ثورة اٍلكترونية عرفتها البشرية في مجال التواصل الاٍجتماعي ، يمكن اٍستخدامها كوسيلة سياسية في المساهمة في الحراك السياسي والاٍجتماعي و النضال السياسي الاٍفتراضي أو الاٍلكتروني ، ويمكن اٍيراد أن نشطاء الفيسبوك في المغرب على سبيل المثال قاموا بمجموعة من الفعاليات النضالية من أبرزها : الحملة الوطنية لاٍلغاء مهرجان موازين – التنسيقية الوطنية لاٍلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين – مجموعة مقاطعة بعض المنتوجات والمواد الاٍستهلاكية – شباب مغربي ضد الفساد والاٍستبداد …الخ ، و أصبحت الشبكة أو المنصة وسيلة للنضال السياسي والحضاري ، وكل ذلك يمكن أن يساهم في التغيير السياسي ونشر قيم الديمقراطية والمواطنة وترسيخ فلسفة حقوق الاٍنسان و التأثير على القرارات السياسية و تشكيل الرأي والصورة والموقف السياسي خاصة من خلال توظيف المسيرات الاٍحتجاجية والتضامنية – الوقفات الاٍحتجاجية – اٍصدار البيانات التضامنية والتنديدية . اٍلا أن للشبكات الاٍلكترونية أيضا بعض المثالب يمكن اٍجمالها في تنميط الوعي وتزييفه بحكم أن المحتوى الاٍلكتروني يعكس الأطر الفكرية والأيديولوجية الحاكمة للمستخدم هذه الشبكات خلقت أشكال جديدة من الفعل الجماعي قوامها فضاءات بديلة اٍختصت بجماعات افتراضية ذات أهداف مشتركة ( سياسية ، فنية ، ثقافية ، رياضية …الخ ) و بروز قادة رأي عام جدد لهم منابرهم الاٍعلامية وتقنياتهم الخاصة لحشد الجماهير وتعبئة الأفراد أو ما بات يعرف عليه بمفهوم التسلل الشبكي ، وهو يعني قيام المستخدم باستعمال أقنعة اٍلكترونية متعددة من أجل اٍخفاء هويته وصورته . وهكذا أصبحت تلك المواقع مرتعا للجماعات المسلحة والتنظيمات الاٍرهابية وتكشف الحروب الاٍلكترونية التي يشنها الأفراد والجماعات الطابع الأيديولوجي لهذه الحروب ، ومجالا للصراع حول المعاني والأفكار والتصورات والقيم و منصات لصراع أيديولوجي- فكري ، عقائدي ، مذهبي أو سياسي ، صراع نفوذ ومصالح ، فرض طريقة التفكير أو ما يجب أن يفكر فيه المستخدم ، وهو جوهر مضمون الاٍعلام المؤدلج الذي يعني مجموعة أفكار وتصورات وسلوكات يتم تسويقها بشكل ايجابي أو سلبي وتستهدف سلوك المتلقي بحكم أن الممارسة الاٍعلامية بشكل عام ماهي اٍلا نتاج رؤية أيديولوجية ذات مضامين متعددة وتستعمل أدوات متعددة منها ؛ الديالكتيك – السطحية – الحجج والبراهين والأدلة أي الحجاج والتداولية من أجل تسويق تلك المضامين ونشرها[5]. رابعا : ديمقراطية التواصل في الزمن الرقمي لقد ساهمت الشبكات الاٍلكترونية في عولمة النضال الاٍفتراضي وفي دمقرطة التواصل الرقمي ، بحيث أصبح باٍمكان أي شخص في أي مكان في الكون مهما كان مستواه الثقافي أو الاٍجتماعي أن يتواصل بكل حرية مع ملايين الأشخاص من مختلف الجنسيات والحساسيات الدينية والأيديولوجية والاٍثنيات والثقافات وأصبح باٍمكان التنظيمات السياسية والثقافية وجميع الحساسيات كيفما كان توجهها أن تنشر أفكارها عبر منصات وسائل التواصل الاٍجتماعي والمواقع الاٍلكترونية ، وهكذا فالأحزاب السياسية والمنظمات ذات التوجهات والحساسيات المختلفة ( جمعيات بيئية – جمعيات معارضة للعولمة – جمعيات دينية أو ثقافية – منظمات التحرير وغيرها ) ، أصبح باٍمكانها التواصل مع نظيرتها في جميع بقاع العالم والدعوة الى عقد الاٍجتماعات أو الدعوة اٍلى التظاهر أو نشر أفكارها ودعوة أنصارها أو المتعاطفين معها اٍلى موائد للنقاش اٍفتراضية حول مجمل القضايا التي تدخل في صميم اٍهتمامها ، ولم يعد باٍمكان الدول مراقبة ذلك الكم الهائل من الأنشطة التي تدار تفاصيلها على المستوى الاٍفتراضي ، بل اٍن أغلب الأنشطة السياسية التي تتحول اٍلى نشاطات واقعية لا تنطلق في الأصل الاٍ من خلال الوسائط الرقمية . تواجه الدولة في العالم الثالث تحديات كبيرة مرتبطة بهذا المجال ، ورغم محاولتها اٍصدار تشريعات تتوخى تنظيم المجال الاٍلكتروني أحيانا أو محاربة الجريمة الاٍلكترونية أو الحد من الحريات الشخصية من خلال مراقبة المواقع والمنصات الاٍجتماعية ، اٍلا أنها ليست قادرة على الاٍحاطة الشاملة بكل الأنشطة الاٍلكترونية التي تدار وقائعها عبر الوسائط الرقمية والشبكات الاٍلكترونية ، وهذا الأمر واٍن كان يعزز ديمقراطية التواصل الرقمي فاٍنه يوسع مجالها ويجعل من الصعب على الدولة مهما كانت غير ديمقراطية أن تراقب المجال الاٍفتراضي المتفلت والمترامي جدا ، مايجعلها مطوقة بواقع لاتعرف كيف ترصده ، فهي من جهة تريد مراقبة جميع الأنشطة التي تقع في مجالها السيادي وفي نفس الوقت هي مطوقة باٍتفاقيات التجارة الاٍلكترونية ومستلزمات الاٍستثمار الرقمي وكذلك باٍكراهات والحريات العامة ، وتجد نفسها مطوقة باٍكراهات الحفاظ على الأمن والاٍستقرار واحترام الخصوصيات الشخصية و ضمان الحريات الفردية والجماعية خاصة في المجال الاٍلكتروني ، وهذا الأمر يطرح اٍشكالية الفضاء العمومي الهابرماسي أمام الواقع الاٍمبريقي لدول العالم الثالث الموسوم بالاٍستبداد والتخلف ، بحيث تتحول الشبكات الاٍجتماعية في بعض الأحيان الى مجال للتطرف في جميع الاٍتجاهات ونشر الأفكار التي تحد من الحرية وتشيع ثقافة الاٍستبداد واٍلغاء الآخر ، وهذا مؤشر على انسداد الأفق الحواري ورفض الآخر المختلف ، ويساهم حراس المعبد في الاٍعلام الموجه في اٍشاعة هذه القيم أيضا وذلك من خلال تسييج وسائل الاٍتصال الجماهيري بالأيديولوجيات الداعية الى الاٍنغلاق والهيمنة والاٍنتهازية ، والمحصلة هي غياب مشروع مجتمعي لدى دول العالم الثالث يشتغل على دعامات الاٍعلام والشبكات الاٍلكترونية من أجل اٍشاعة ثقافة الديمقراطية وحقوق الاٍنسان والمواطنة . لقد أدت رياح التغيير التي هبت على دول شمال اٍفريقيا والشرق الأوسط في سنة 2011 في تحريك الكثير من البرك الآسنة ، ومنها بركة الديمقراطية والتغيير السياسي ، وكان للشبكات الاٍلكترونية اليد الطولى في تحفيز الناس من أجل النزول اٍلى الشارع ، فأمام واقع ضعف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وانتهازيتهما ، لم يجد الداعون الى الحراك سوى منصات التواصل الاٍجتماعي ليوجهوا دعواتهم الى التغيير ، وانتشرت العشرات من المواقع التي تنشر صور المتظاهرين ومطالبهم وتوجهاتهم السياسية ، وانبرى مناضلون افتراضيون على موقع يوتيوب للتحدث عن الواقع السياسي وتحليله والدعوة الى تغييره أو السخرية منه بنفس الهدف والغاية ، وانطلق مناضلون آخرون وجعلوا من وسائل التواصل الاٍجتماعي مجالا لنشر مقالاتهم التحليلية حول الأوضاع السياسية والاٍجتماعية بتلك البلدان ، وسرعان ماتم تكريس أسماء مشاهير في مجال النضال الاٍفتراضي سواء في موقع يوتيوب أو في الفيسبوك أو تويتر ، غير أن هذه الدول سرعان ما سعت اٍلى اٍغلاق قوس الاٍنفراج السياسي الذي ساد في سنة 2011 عندما استعادت الأنظمة السياسية عافيتها و ثقتها بنفسها ، وشددت الخناق على الشبكات الاٍلكترونية وبعض المنابر الاٍعلامية التي تنتقد الأوضاع في تلك البلدان ، وقامت بايداع النشطاء الاٍلكترونيين وكذا بعض الاٍعلاميين السجن بتهم ملفقة في الغالب ، بهدف تخويف البقية ودفعهم اٍلى الصمت . خاتمة : في ختام هذا المقال يمكن القول أن التعبئة السياسية لم تعد تدار بنفس المنطق القديم الذي يعتمد على الوسائط التقليدية ونفس المنطلقات والأدوات والأهداف ، فالتعبئة السياسية الاٍفتراضية أصبحت لها منطلقات جديدة تتمثل في تعبئة كل المناضلين وغير المناضلين المفترضين بعيدا عن الألوان الحزبية والمرجعيات الأيديولوجية من منطلق أن المواطنين على اختلاف مستوياتهم الثقافية والاٍجتماعية ومرجعياتهم السياسية هم المستهدفون بهذه العملية ، وأضحت تستعمل أدوات أخرى تتمثل في الوسائط الاٍلكترونية والشبكات الرقمية ومواقع التواصل الاٍجتماعي غير تلك التي كانت تستعملها التعبئة الواقعية مثل المهراجانات الخطابية أو وسائل الدعاية أو المؤتمرات واللقاءات الحزبية أو توزيع المنشورات في الشارع من أجل الدعوة اٍلى التظاهر أو الاٍحتجاج أو اٍصدار بيانات الشجب والتنديد ، وأصبحت لها أهداف تتمثل في استقطاب أكبر عدد ممكن من المشاركين والذين يفترض أنهم يتقاسمون نفس الرؤية ونفس الهم ولو لم يكن لديهم بالضرورة نفس الخيار السياسي أو المرجعية الأيديولوجية ، هذه الأهداف هي ليست بالضرورة هي نفس أهداف التعبئة التقليدية ، مثل الحملات الاٍنتخابية أو المشاركة السياسية أو تنظيم مسيرات وطنية ضد سياسة معينة أو خطة حكومية ، بل ولقد أبانت الوقائع التي حدثت اٍبان أحداث الاٍنتفاضات الشعبية لسنة 2011 أن هذه التعبئة الاٍلكترونية أضحت لها أهداف أبعد واعمق من مجرد الاٍحتجاج أو التظاهر ، هذه الأهداف تندرج ضمن منظور شمولي يتبناه المتعهدون الجدد لوسائل التواصل الاٍجتماعي والشبكات الاٍلكترونية يتوخى اٍجراء عمليات جراحية وأحيانا قيصرية على الأنظمة السياسية القائمة سواء بهدف الاٍصلاح أو بهدف التغيير الجذري . المراجع المعتمدة : – الفضاء العمومي من هابرماس الى نانسي فريزر – رشيد العلوي – مؤسسة مؤمنون بلاحدود للدراسات والأبحاث – ص 19. – وسائل الإعلام والمجتمع وجهة نظر نقدية – مجلة سلسلة عالم المعرفة – العدد 386 – مارس 2012 ، ص 57. – الممارسات السياسية والنظم الاٍنتخابية في المغرب العربي – الجزائر والمغرب نموذجا – أطروحة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية – كلية العلوم السياسية ، جامعة وهران2 ، السنة الجامعية 2014-2015 – ص 10. – دور شبكات التواصل الاٍجتماعي في تعبئة الرأي العام الفلسطيني نحو التغيير الاٍجتماعي والسياسي – دراسة وصفية تحليلية – زهير عابد – مجلة النجاح للأبحاث والعلوم الإنسانية. – شبكات التواصل الاٍجتماعي والحراك السياسي بالمغرب – دراسة ميدانية –الحبر بريس بتاريخ 28/11/2017 في الساعة 9 ليلا. [1] – رشيد العلوي – الفضاء العمومي من هابرماس اٍلى نانسي فريزر – سلسلة عالم المعرفة – مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث –ص 19 [2] – ………………- وسائل الاعلام والمجتمع وجهة نظر نقدية – سلسلة عالم المعرفة – العدد 386 – مارس 2012 – ص 57 [3] – ………………- الممارسات السياسية والنظم الانتخابية في المعرب العربي – الجزائر والمغرب نموذجا – اطروحة لنيل شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية – كلية العلوم السياسية – جامعة وهران 2 – ص 10. [4] – زهير عابد – دور شبكات التواصل الاجتماعي في تعبئة الراي العام الفلسطيني نحو التغير الاجتماعي – مجلة جامعة النجاح لللابحاث والعلوم الانسانية – ص [5] – ……………..- شبكات التواصل الاجتماعي والحراك السياسي بالمغرب – الحبر بريس بتاريخ 28/11/2017 في الساعة 9 ليلا