أصدرت الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين تقريرا خاصا بتتبع تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015/ 2018، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات من إطلاقها. التقرير تم إنجازه اعتمادا على عدة مؤشرات من بينها، الإنصاف والجودة ومحاربة الهدر المدرسي، والتأطير التربوي، وجودة البيئة المدرسية.
وأكد التقرير أن المغرب بذل مجهودات كبيرة لتحسين هذه المؤشرات، لكنه لم يتمكن من تحقيق النتائج والأهداف المتوخاة من الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التعليم. وأشار التقرير أن المغرب تقدم في مؤشر ولوج وتعميم التمدرس أكثر مما تقدم في تعزيز الجودة والارتقاء بالفرد والمجتمع، فمؤشر الإنصاف هو الذي يحتل أحسن موقع بنسبة 62.5 في المائة سنة 2018، أما مؤشر الجودة والارتقاء فلم يُحققا بعد نصف الأهداف المحددة لهما (48.7 في المائة و49.3 في المائة، على التوالي). وشدد التقرير على أن المغرب يواجه تحديا كبيرا على مستوى الرفع من جودة التعلمات والنهوض بالمشروع المجتمعي للمدرسة المغربية. وأبرز التقرير أن المؤشر الوطني لتنمية التربية عرف ركودا شبه تام بين سنتي 2016 و 2017، ويعود هذا الركود بالأساس إلى نقص المدرسين المسجل بين سنتين 2016 و2017، نتيجة التقاعد المبكر للعديد منهم، مما أثر مباشرة وبشكل سلبي في مؤشر الحجم المتوسط للأقسام الدراسية، ونسبة التلاميذ في الأقسام متعددة المستويات، وعدد التلاميذ للمدرس الواحد. وأوضح أن تحقيق الإنصاف في المجال المدرسي بين التعليم الخاص والتعليم العمومي لازال بعيد المنال فقد بين بحث (بيرلس 2016) أن النتيجة التي حصل عليها تلامذة القطاع الخاص في القراءة تفوق ب 120 نقطة النتائج التي حصل عليها التلامذة المتمدرسون في التعليم العمومي، وهو ما يعادل ثلاث سنوات من الدراسة. وأكد التقرير عجز النظام التعليمي عن تلبية حاجات الأطفال في وضعية إعاقة، سواء بضمان مقعد دراسي، أو بتسهيل ولوج المؤسسات التعليمية للمتمدرسين منهم. وبحسب التقرير تصل نسبة الأطفال غير المتمدرسين في وضعية إعاقة والبالغين من العمر من 6 إلى 11 سنة 62.2 في المائة، ونسبة المؤسسات التعليمية في سلك التعليم الابتدائي التي تتوفر على العتاد والبنية التحتية الملائمة للتلاميذ في وضعية إعاقة لا تتعدى 17.3 في المائة. وأشار التقرير أنه في سنة 2018 ، بلغ العجز في مؤشر جودة التربية 51.3 في المائة على الصعيد الوطني، وهو أعلى من العجز المسجل في مؤشر “الانصاف وتكافؤ الفرص”، وهذا يعني أنه يتعين على المغرب بذل مجهودات أكبر على مستوى جودة التربية. كما سجل التقرير أن مؤشر إدماج التكلونوجية الرقمية في المدارس يعرف نسبة عجز كبيرة، وهو ما يعكس العجز الحاصل في ظروف وشروط تمدرس التلاميذ، وخاصة فيما يتعلق بضعف إدماج وسائل الاعلام والاتصال في الدروس، واكتظاظ الأقسام في الوسط الحضري، وتكاثر الأقسام متعددة المستويات في الوسط القروي. واعتبر التقرير أن النظام التربوي عاجز عن تمكين جميع التلاميذ والطلبة من إنهاء أسلاك المدرسة والجامعة بنجاح، ولايزال التأطير البيداغوجي يشكل مصدرا مهما للعجز بل تدهور بين سنتي 2015 و 2018. وأوضح التقرير أن مؤشر جودة الوسط المدرسي بدورها (مشاكل العنف والأمن والانضباط) سجلت عجزا بنسبة 9.8 في المائة، وكذلك التأخر المدرسي، الذي يمس شريحة واسعة من التلاميذ المتمدرسين. وبحسب التقرير تساهم المشاكل التي يواجهها المدرسون في مهنتهم ( عدد ساعات العمل، المنهاج الدراسي، ضعف مستوى التلاميذ) في هذا العجز بنسبة 9.4 في المائة، ومشاكل تغيير التوجيه أثناء المسار الدراسي ب 8 في المائة. وأكد التقرير أن الارتقاء بالفرد والمجتمع هو البعد الذي يستلزم بذل المزيد من المجهودات، خاصة فيما يخص التركيز على النجاح من خلال انخراط الفاعلين التربويين ومشاركتهم في النجاح المدرسي، ناهيك عن تشجيع البحث العلمي والتعلم مدى الحياة لفائدة الشباب والراشدين.