إن قاعدة عدم الجمع بين الصفة النيابية و الوزارية règle du non cumul جاءت كنتيجة لما عرفته التجربة الفرنسية خاصة إبان الجمهورية الثالثة و الرابعة من حالة اللئستقرار و خلاف لما يذهب إليه العديدون في الفصل بين الصفة النيابية و الوزارية سابق لعهد الجنرال ديغول و الجمهورية الخامسة، فقد ظهر الفصل في التنافي بالدستور الفرنسي الصادر سنة 1791 في المادة 36 و 93 ، و في دستور 1852 من خلال المادة 44 ، و في الجمهورية الخامسة في 4 أكتوبر 1958 في المادة 23 . إن قاعدة عدم الجمع بين الصفة النيابية و الوزارية règle du non cumul جاءت كنتيجة لما عرفته التجربة الفرنسية خاصة إبان الجمهورية الثالثة و الرابعة من حالة اللئستقرار و خلاف لما يذهب إليه العديدون في الفصل بين الصفة النيابية و الوزارية سابق لعهد الجنرال ديغول و الجمهورية الخامسة، فقد ظهر الفصل في التنافي بالدستور الفرنسي الصادر سنة 1791 في المادة 36 و 93 ، و في دستور 1852 من خلال المادة 44 ، و في الجمهورية الخامسة في 4 أكتوبر 1958 في المادة 23 . 1 - مبدأ فصل السلطة النيابية عن الوزارية: إن مبدأ فصل السلطات : يعني أن تعهد مختلف سلطات الدولة لأجهزة مختلفة ، لكي توقف السلطة الأخرى ، و إذا ما تحقق تعاون بين السلطات داخل النظام السياسي حينها نكون أمام نظام برلماني حقيقي، فمهمة المراقبة تتعارض بشكل كلي مع وظيفة السلطة التنفيذية. و الحال ، فان مبدأ فصل السلطات لم يكن في الواقع؛ فنظرية منتسكيو لم تذهب إلى الفصل التام بين السلطات في اتجاه العزل الكامل بين المؤسسات ، لكون هناك ضرورة تستوجب تعاون و توازن خاصة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية ، الأمر الذي يجع هذه النظرية تقسم السلطات و ليس فصلها بشكل جامد. و مهما كان الاستجلاء الدقيق للنظرية و كنهها. فالثابت انه قد كان لها صدى واسع و اثر عميق على الفكر السياسي. فاخذ بها إعلان حقوق المواطنة و الإنسان الفرنسي باعتبارها شرطا من شروط الحكومة الحرة، كما تبنها الدستور الأمريكي . و طبقت بدرجات متفاوتة في كثير من الدول بما فيها بريطانيا. إن الدساتير الحديثة اعتمدت مبدأ فصل السلطات بين من يقوم بالوظيفة التنفيذية و الوظيفة النيابية بسبب التنافي بينهما Incompatibilité و ذلك بغية سير فعال للسلطات العامة les Pouvoirs Publics . صرح الجنرال شارل ديغول في المؤتمرات الصحفية في 30 يونيو 1955: " Personne ne pouvant être à la fois parlementaire et ministre c' est a dire juge et parie contrôleur et contrôle... Il n' y point de cumul entre la fonction de ministre et celle de parlementaire. Ce sont les bonne mœurs de la politique qui l'exigent . لا احد يمكن أن يكون نائبا ووزيرا ، أي قاضي و طرف ، مُراقَب و مراقب ... لا يمكن الجمع بين وظيفة الوزير و النائب ، و هذا ما تفرضه أخلاق السياسة . إن من وجهة نظر تصورية أو تجريدية تقتضي تفسير نوعي وحقيقي لمبدأ فصل السلطات الذي تستمد منه فكرة التنافي، بمعنى أن كل سلطة تنتهي حين تبدأ السلطة الأخرى . في هذه الحالة فقط يمكن الحديث عن تعاون السلط بصورة وثيقة بعضها مع بعض الأمر الذي يؤدي إلى برلمان حقيقي أكثر فاعلية و إنتاجية، إذ أن مهمة المراقبة تتعارض بشكل مطلق مع سلطة المراقبة. مع الفقرة الأولى للمادة 14 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلقة بمجلس النواب : تطرح ملاحظات: الملاحظة الأولى: لا تمنع أي نائب من تولي حقيبة وزارية ، بل وضعت قاعدة عدم إمكانية الجمع بين النيابية و الوزارة، و تحظر هذه القاعدة ممارسة شخص واحد العضوية في مجلس النواب من الجمع بين وظيفة مراقبة الحكومة و العضوية فيها . الملاحظة الثانية: هذا المادة مستوحاة من ضرورة احترام الوكالة النيابية التي منحت بموجب الاقتراع العام ، لكون الانتخابات العامة هي هدف من الأهداف التي لها قيمة دستورية نظرا لطابعه الأساسي التي تستوجب حماية دقيقة لتعلقها بالنظام العام ، و من بين هذه الأهداف احترام تطبيق الدستور ، و أن كل تعدي على تلك الأحكام يشكل مساسا و اضرارا للسلامة العامة. الملاحظة الثالثة: الفصل هو ضرورة من اجل مأسسة العمل الحكومي و التشريعي لكونه يجعل الوزير يكرس كل جهده لوزارته و لأعمال الحكومة ،و النائب يخصص كل جهده للعمل التشريعي و المراقبة. الملاحظة الثالثة: هذا النص مستوحى من المادة 23 من الدستور الفرنسي التي نصت : les fonctions de membre du Gouvernement sont incompatible avec l exercice de tout mandat parlementaire ... تنتفى عضوية في مجلس النواب مع صفة في الحكومة . و تطبيقا لهذا التنصيص فان الوزير الذي يعين النائب الذي يوجد في حالة التنافي يجيب عليه أن يثبت في ظرف ثلاثين يوما ، استقالته ، و إلا ترتب على ذلك إقالته من عضوية النيابية من المحكمة الدستورية بطلب من مكتب مجلس النواب أو من وزير العدل . في حالة وجود شك في تنافي أو وجود نزاع في هذا الشأن ، يرفع مكتب مجلس النواب أو وزير العدل أو النائب بنفسه الأمر إلى المحكمة الدستورية التي تقرر ما إذا كان النائب المعني بالأمر يوجد فعلا في إحدى حالات التنافي . و هنا يمنح للنائب المتواجد في حالة التنافي اجل خمسة عشر يوما من اجل تسوية وضعيته و يبتدئ الأجل من تاريخ تبليغه قرار المحكمة الدستورية ، و في حالة عدم قيامه بذلك داخل الأجل تعلن المحكمة الدستورية عن إقالته من عضويته. بريطانيا و الجمع بين النيابة و الوزارة تظهر التجربة البريطانية التي لها نظام حكم ملكي برلماني أن الجمع بين النيابة و الوزارة يساهم في توطيد التعاون بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية ، حيث الحكومة مشكلة من الأغلبية المشكلة للبرلمان، و اختيار الوزراء يكون من النواب، هذا الأمر أعطى تعاونا و تنسيقا بين السلطة التشريعية و التنفيذية حيث يشرك ذات الأشخاص في الوظيفتين التشريعية و التنفيذية ، و مع ذلك يطرح إشكال على اعتبار أن الجمع بين النيابة و الوزارة من خصوصية النظام البرلماني البريطاني . إن التجربة البريطانية تظل تجربة عريقة بفعل التراكم في الممارسة الديمقراطية و تجر الأحزاب السياسية في المجتمع و هذا ما جعلها تجربة تتسم بالخصوصية الحياة السياسية البريطانية. سلبيات الجمع بين النيابة و الوزارة : التجربة المغربية. نص الدستور في الفصل الأول- الفقرة الثانية: "يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل سلط ، و توازنها و تعاونها ، و الديمقراطية المواطنة و التشاركية، و على مبادئ الحكامة الجيدة ، و ربط المسؤولية بالمحاسبة. « إن فصل السلطات يقتدي إدخال استثناءات على الأصل المتمثل في حرية الترشيح كحق متصل بالحقوق الأساسية للمواطن و المنصوص عليه في الفصل 30 من الدستور الحالي. و بذلك فان التنصيص على التنافي بين النيابة و الوزارة لا يشكل مساسا بحقوق البرلمانين ، بل العكس من ذلك يدعم مؤسسة البرلمان كمؤسسة مستقلة اتجاه السلطة التنفيذية . اقتدته الرغبة في تقوية المؤسسات فالمنع لا يحول دون تحقيق رغبة البرلمانيين في الاستوزار . إذ لم يحرم البرلمانيين من بلوغ الوزارة كطموح مشروع ،و الذي يعد مسالة طبيعية عند السياسيين ، غير أن هذا الطموح قد يكون جارفا و ينعكس على العمل البرلماني فقد أظهرت التجربة البرلمانية المغربية أن طموح بعض السادة البرلمانيين يفقد لمؤسسة البرلمان قوتها ، و يصل إلى درجة تهديد استقرار الحكومة في ظل مجتمع مغربي لازالت الحياة الحزبية الديمقراطية به لم تتجذر بعد ، مما يجعل العديد من النواب داخل فرق الأغلبية الحكومية تحدوهم رغبة جارفة نحو الاستوزار و ما يؤدي ذلك من تهديد لاستقرار العمل الحكومي ، الأمر الذي ينعكس على التضمان الحكومي إن القوانين الانتخابية المتعاقبة أنتجت تمثيلا مبلقنا بحيث لم يشهد أي مجلس وجود أكثرية حزبية أو تحالف منسجم يشكل أغلبية متجانسة . و كان من نتائج ذلك أن الحكومات المتعاقبة اضطرت إلى الدخول في تحالفات لا يجمع بينها لا سياسات و لا برنامج ، و إنما الرغبة في الدخول للحكومة ، و هذا ما أدى في معظم الأحيان إلى غياب تضامن حكومي داخل الحكومة ووجود من يعارض الحكومة و هو عضو في الأغلبية الحكومية . لهذا فالتجربة الطويلة فرضت على المشرع المغربي الفصل بين الصفة النيابية و الوزارية. هذا الفصل بين صفة نائب وبرلماني لا يحد من طموح النواب بل يفسح المجال امامهم للتفرغ لمهامهم النيابية و تحقيق الانضباط في تمثيلهم للشعب ، فعطاء النائب الوزير في النيابة هو بالتأكيد عطاء دون المستوى المطلوب. لأجل مأسسة مؤسسات الدولة ، فانه ليس من مصلحة الحكومة أن يكون البرلمان ضعيفا في مواجهتها ، فالفصل بين النيابة و الوزارة الغاية منه أن يكون البرلمان سيد نفسه . من الناحية التنظيمية و المالية : يستقل بوضع لائحته الداخلية الفصل : الفصل 69 يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، إلا أنه لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقته لأحكام هذا الدستور. يتعين على المجلسين، في وضعهما لنظاميهما الداخليين، مراعاة تناسقهما وتكاملهما، ضمانا لنجاعة العمل البرلماني. يحدد النظام الداخلي بصفة خاصة: - قواعد تأليف الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها، والحقوق الخاصة المعترف بها لفرق المعارضة؛ - واجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة، والجزاءات المطبقة في حالة الغياب؛ - عدد اللجان الدائمة واختصاصها وتنظيمها، مع تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة، على الأقل، مع مراعاة مقتضيات الفصل 10 من هذا الدستور. و يستقل بوضع ميزانيته بعيدا عن تدخل الحكومة . فالحكومة لا تتدخل في أمر تنظيم البرلمان ،الا بخصوص كيفية تنظيم العلاقات بينهما و بخاصة عملية اقتراح القوانين و دراستها و إقرارها ، و أيضا عملية استخدام أدوات الرقابة من جانب أعضاء البرلمان. وزير العلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني باعتبار هذا الوزير هو المكلف الوحيد الذي يتعامل مع البرلمان بشكل دائم – وحده- يقع عليه عبئ ضمان إقامة علاقة مستقرة و متوازنة مع كافة الأطياف السياسية التي يتكون منها البرلمان . وذلك خلافا لما كان عليه الحال قبل حضر الجمع بين الصفة النيابية و الوزارية حيث كانت الفرق البرلمانية و جماعته هي التي تسهل له الحصول على موافقة البرلمان على مشاريع القوانين المتعلقة بأعمال وزارته، أو تسانده عند تعرضه لأداة من الأدوات الرقابية.