أنجز المجلس الأعلى للحسابات، خلال 2016-2017، مهمة تقييم لقطاع الصيد البحري وذلك من خلال تقييم ما ام انجازه ب”مخطط أليوتيس” الخاص بالفترة 2009-2020 وكذا الوقوف على الصعوبات والاكراهات التي يعرفها القطاع. ويساهم قطاع الصيد البحري بشكل مهم في الاقتصاد الوطني، حيث بلغت صادرات المنتجات البحرية 22 مليار درهم سنة 2017 ،وهو ما يمثل حوالي 50 %من صادرات المواد الغذائية والفلاحية و10 % من مجموع الصادرات.
وانصبت مهمة التقييم التي أنجزها المجلس حول تقييم الجوانب المرتبطة بتصميم مخطط أليوتيس والحصيلة العامة للإنجاز؛ واستدامة الموارد البحرية؛ وأداء قطاع الصيد البحري وتنافسيته؛ وكذا المراقبة والحكامة وتقوية القدرات. وجاء في أبرز ملاحظات المجلس ان المخطط لم يحدد بدقة الغلاف المالي الإجمالي، ولا الميزانيات المخصصة ومصادر تمويل المشاريع المبرمجة، كما لم يتضمن أي برمجة لتنفيذ هذه المشاريع. وفيما يخص تحقيق الأهداف المسطرة، سجل المجلس الأعلى ضعف نسبة إنجاز المشاريع المهيكلة، وبطء تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية، منها حجم المغرب في السوق الدولية، وإنتاج وتربية الأحياء البحرية، وكذا استهلالك المنتجات البحرية داخليا. كما تم تسجيل نقص في الموارد البشرية والمعدات العلمي المخصصة للبحث في مجال الصيد البحري. ووقف قضاة المجلس على وجود نقص في التجهيزات المينائية اللازمة لرسو وتفريغ المنتجات السمكية وكذا غرف التبريد ومصانع الثلج. وأشار التقرير إلى فشل عملية إعادة تنظيم تدبير موانئ الصيد، والتي تم إطلاقها سنة 2009، وبخصوص تطوير شبكة أسواق بيع السمك بالجملة أكد التقرير أنه لم ينجز بشكل تام الإجراء الأول المتعلق باستكمال إنشاء عشرة أسواق، حيث تم إنشاء خمسة أسواق من أصل ثمانية. أما بالنسبة للإجراء الثاني المتعلق ببناء عشرة أسواق إضافية فلم يبدأ بعد. من جهة أخرى جاء في الوثيقة أن قطاع الصيد في أعالي البحار، والذي يمثل 40% من قيمة أنشطة الصيد البحري، لم يتم دمجه بعد في دائرة تسويق منتجات الصيد البحري التي يدبرها المكتب الوطني للصيد ولا يؤدي ضريبة أسواق السمك. التوصيات على إثر الملاحظات الواردة في التقرير، عمل المجلس الأعلى للحسابات بخصوص كل محور على صياغة توصيات للوزارة المكلفة بقطاع الصيد البحري وكذا للأجهزة العمومية الأخرى المتدخلة (المكتب الوطني للصيد، والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، والوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية)، وذلك بغية تسريع إنجاز المشاريع المهيكلة التي جاء بها المخطط. 1-بلورة وتتبع الاستراتيجيات في قطاع الصيد البحري انطلاقا مما تمت ملاحظته بخصوص قيادة الاستراتيجية وتقييمها، اوصى المجلس الوزارة المكلفة بقطاع الصيد بالحرص على الاشتغال المستمر لمجموعات العمل ولجان التتبع والقيادة التي تم تشكيلها لمواكبة تنفيذ الاستراتيجية؛ وكذا الحرص على ألا يتم إسناد عمليات التقييم إلى نفس مكتب الاستشارة الذي أشرف على الإعداد والتتبع، وذلك بهدف توخي الموضوعية وتفادي حالات التنافي. 2- استدامة الموارد من أجل ضمان استغلال ناجع للموارد البحرية والحفاظ عليها طبقا لمدونة السلوك للصيد المسؤول الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة سنة 1995 ،اوصي المجلس ب: – توطيد البحث في مجال الصيد البحري ومده بالوسائل الضرورية للقيام بالتتبع المنتظم والتنبؤات المتعلقة بتطور المخزونات في إطار مقاربة بيئية لتحديد النسب المقبولة للصيد حسب المصايد؛ – تكييف قدرة الصيد على ضوء توجيهات البحث في مجال الصيد البحري وفرض احترام معايير تدبير المصايد خاصة فيما يتعلق بالتقييدات الزمنية والمجالية وكذا تلك المرتبطة بآليات الصيد؛ – تبني برنامج طوعي إلعادة تشكيل المخزون بالنسبة للأصناف التي توجد في وضعية استغلال مفرط مثل الروبيان الوردي وسمك النازلي الأبيض والدنيس والأبراميس والكوربين والبغروس والدياغرام الرمادي في المحيط الأطلسي والأبراميس الوردي والبوري والسردين في البحر الأبيض المتوسط؛ – مواصلة المجهودات المبذولة في تدبير المخزون السمكي ومحاربة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم، وذلك بتدعيم نظام المراقبة المندمجة (المراقبة في البحر، وعند التفريغ، وعلى امتداد سلسلة القيمة، والإشهاد بالمصطادات)؛ – تدارك التأخر المسجل في تنمية تربية الأحياء البحرية من أجل تخفيف الضغط على الموارد البحرية. وفي هذا الإطار، دعا المجلس الى التسريع باعتماد مدونة تربية الأحياء البحرية، وسن تدابير جبائية وجمركية محفزة لتسهيل الولوج للمواد الأولية اللازمة لهذا النشاط، ومواكبة المستثمرين بالدعم التقني والمالي. 3- أداء قطاع الصيد البحري وتنافسيته فيما يتعلق ببنيات الإنزال اوصي المجلس الأعلى للحسابات بتقوية تجهيزات موانئ الصيد بوسائل التفريغ والمناولة والتفريغ الآلي (رافعات ومضخات…)، قصد تحسين ظروف تفريغ المنتجات وتحسين الخدمات لفائدة السفن فيما يتعلق بمراكز المحروقات ومصانع الثلوج وغرف التبريد…؛ 4-بنيات التسويق المجلس يوصي بما يلي: – تقوية دينامية التحديث بوضع نظام للمزاد الآلي عن بعد داخل قاعات البيع بالجملة من أجل رفع الصعوبات المرتبطة بالمنافسة غير الشريفة وتأثير بعض شبكات بائعي السمك بالجملة على شفافية العمليات التجارية؛ – الحرص، عند اختيار مواقع إحداث أسواق الجملة، على ضمان تغطية جغرافية أمثل من أجل جعل هذه الأسواق مراكز جهوية لتوزيع السمك؛ – العمل على الاشتغال الكامل لأسواق الجملة التي تم إحداثها مؤخرا، والتي كلف إنجازها مبالغ مهمة (600 مليون درهم)؛ – ضمان المراقبة الدائمة لشروط الصحة والسلامة فيما يخص المنتجات البحرية عن طريق سن مساطر واضحة مع الحرص على تطبيقها الفعلي، ووضع وسائل جدية لمراقبة احترام سلسلة التبريد وخاصة فيما يتعلق بظروف النقل البري. 5-تحسين تنافسية منتجات الصيد البحري يوصي المجلس الأعلى للحسابات بما يلي: – ضمان التزويد المنتظم للمصنعين، وذلك بوضع إطار للتعاقد بين المنتجين/ بائعي السمك بالجملة من جهة والمصنعين من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، وجب أيضا استغلال ما يتيحه قطاع الصيد في أعالي البحار من إمكانات إنتاجية (33 بالمائة من كميات الإنتاج سنة 2015)؛ – العمل على سن تدابير حقيقية لتثمين أفضل للإنتاج البحري، وذلك بتقليص حصة بعض الأنشطة (دقيق وزيت السمك) وتوجيه التحويل نحو الشعب الصناعية ذات قيمة مضافة عالية. 6-الحكامة والمراقبة وتقوية القدرات من أجل استغلال مستدام للموارد البحرية، ينبغي وضع أسس حكامة رشيدة للقطاع تضمن تطبيق التدابير القانونية. وفي هذا الاتجاه، يوصي المجلس بما يلي: – إدماج قطاع الصيد في أعالي البحار في مسارات التسويق التي يضطلع المكتب الوطني للصيد بتدبيرها، والحرص على استخلاص الواجبات المفروضة في هذا الإطار؛ – الحرص على أن تكون تهيئة المصايد موضوع نصوص قانونية من مستوى قانون أو مرسوم لكي تكتسب قوة ملزمة، واستكمال الإطار القانوني للقطاع كما هو مسطر في مخطط أليوتيس، وعلى الخصوص اعتماد مدونة للصيد. 7-مراقبة فعالة وتتبع على امتداد سلسلة القيمة تستدعي مراقبة أنشطة الصيد دعما في اتجاه تغطية أمثل بدءا من المراقبة في البحر إلى غاية البيع بالتقسيط. وفي هذا الصدد، يصدر المجلس التوصيات التالية: – الرفع من عدد العاملين المكلفين بالمراقبة والعمل على توزيعهم بشكل موضوعي على البنيات الخاصة بالتفريغ؛ – تعميم آلية المراقبة بالأقمار الاصطناعية لتشمل قطاع الصيد التقليدي؛ – وضع إطار قانوني مناسب للغرامات التصالحية المتعلقة بجنح الصيد قصد تقليص الهامش التقديري المخول لإلدارة؛ – تطبيق العقوبات الرادعة في حق المخالفين والحرص على استخالص مبالغ الغرامات المقررة؛ – الحرص على استجابة التكوين لحاجيات مختلف مكونات القطاع وتقوية جاذبية مهن الصيد البحري.