حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تاريخيا طرح منذ تأسيس "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" وفي بعض المنعطفات السياسية مطلب "الملكية البرلمانية"، غير أن تصوره للملكية البرلمانية تصور شكلي لا يغير جوهر طبيعة النظام السياسي، وحتى هذا التصور الشكلي للملكية البرلمانية لم تطرحه قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كشرط سياسي في تاريخ صراعها السياسي مع النظام الملكي المخزني، وفق خطة واستراتيجية لربط موقف تصوره ل"الملكية البرلمانية" بممارسته السياسية، للمشاركة في الانتخابات والحكومة. وقد تبلور في سياق مواقف قوى يسار الحركة الوطنية موقف "الملكية البرلمانية"، ملك يسود ولا يحكم، للانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي يجمع بين الملكية والديمقراطية، اتفقت مكونات "فدرالية اليسار الديمقراطي ("الحزب الاشتراكي الموحد" و"حزب الطليعى الديمقراطي الاشتراكي" و"المؤتمر الوطني الاتحادي")، بعد تجميد "تجمع اليسار الديمقراطي"، على تصور سياسي، جوهره "الملكية البرلمانية". وكان "الحزب الاشتراكي الموحد" قد طرح ضرورة تغيير طبيعة النظام الملكي عبر تبني "الملكية البرلمانية". وبلور منذ 2005- 2006 تصورا للملكية البرلمانية تعتبره قيادة هذا الحزب الأنسب للحالة المغربية، لأنه يجمع بين حكم ملكي وراثي وبين الديمقراطية. ورغم أن الحزب الاشتراكي الموحد أرسل سنة 2006 وثيقة تصوره ل"الملكية البرلمانية" إلى القصر، لكن القصر لم يعرها أي اهتمام. وبعد ذلك سيتبنى حزبا الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي موقف "الملكية البرلمانية" في إطار صيرورة تأسيس "فدرالية اليسار الديمقراطي"، بين الأحزاب الثلاثة، تم الإعلان الرسمي عن ميلادها يوم 23 مارس 2014. ويلاحظ أن هذا اليسار وحتى بعض اليسار الماركسي يختزل الديمقراطية في "الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية", وهذا طرح ليبرالي مع أنه في نظام الديمقراطية الليبرالية حتى في بلدان الرأسمالية المتقدمة لم تحقق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لأن الديمقراطية الليبرالية في أنظمة سلطة وحكم الرأسمالية والمال طبقية، أي المستفيد الأكبر والأوحد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا من الديمقراطية الليبرالية هي طبقة الرأسماليين. ونجد تنظيم "النهج الديمقراطي" من جهته قد بلور موقفا يعتبر الديمقراطية هي الجوهر السياسي لأي نظام دون تحديد طبيعة النظام السياسي وشكله لأن الشعب هو المفروض فيه أن يختار عبر مجلس تأسيسي يتشكل من القوى الديمقراطية والقوى الحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوافقة في هذا المجلس على بلورة دستور. ويلخص الكاتب الوطني ل "النهج الديمقراطي" مصطفى لبراهمة الموقف من الملكية كما يلي: "تبنت فدرالية اليسار الديمقراطي شعار الملكية البرلمانية كسقف سياسي للمطالب الدستورية في ما يخص شكل النظام، على اعتبار أنها تحل التناقض بين الملكية التنفيذية والمسؤولية، لذلك تبنت نظاما يسود فيه الملك ولا يحكم ،أي أن لا يكون مسؤولا وقابلا للمحاسبة. في حين يركز النهج الديمقراطي على الديمقراطية كجوهر دون تحديد طبيعة وشكل النظام الذي يطمح إليه باعتبار أن هذه القضية يجب أن تكون من القضايا التي يكون فيها الاختيار للشعب، من خلال الدستور الذي يبلوره المجلس التأسيسي والذي يجب أن يكون محط توافق بين القوى الديمقراطية والقوى الحية ،السياسية والاقتصادية والاجتماعية"[1]. اليسار الاشتراكي واليسار الماركسي يعتبر أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية في نظام رأسمالي، وبالأحرى في نظام سياسي تحكم وتسود فيه مؤسسة مخزنية ورأسمالية كمبرادورية. الهدف والبديل الذي يطرحه اليسار الماركسي هو ثورة ديمقراطية كصيرورة نضال من أجل تحقيق السلطة السياسية لديمقراطية البروليتاريا وتحالفها مع جماهير الفلاحين الكادحين وعموم الأجراء الكادحين ضمن صيرورة بناء المجتمع الاشتراكي. وبالعودة لما طرحته "حركة 20 فبراير" فكان يهدف إلى تحقيق "ديمقراطية في المغرب تأخذ فيها الملكية حجمها الطبيعي"[2] وهو ما جعل الحزب الاشتراكي الموحد يعتبر أن "حركة 20 فبراير" طرحت موقف "الملكية البرلمانية". والحقيقة أن ما كان يوحد "حركة 20 فبراير" ونضالها هو شعار "نظام ديمقراطي" يضمن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة. وليس لهذه الحركة موقف واضح ل"الملكية البرلمانية". إذ يمكن فهم جملة "… ديمقراطية في المغرب تأخذ فيها الملكية حجمها الطبيعي" أفْهَاما مختلفة بل ومتناقضة. ومن الاخطاء السياسية، في نظرنا، خطأ الزَّجُّ ب"حركة 20 فبراير" في التناقض حول طبيعة وشكل النظام السياسي. لماذا؟ لأن الطبقة السياسية وخصوصا عدد من القوى اليسارية التي لها موقف "الملكية البرلمانية" غالبا ما تطرح مفهوما مختزلا ل"لملكية البرلمانية" بالنظر لأنها، أي هذه القوى، تؤسس المفهوم على ما تسميه خصوصية سياسية تاريخية للنظام السياسي المغربي. وقد رأينا أحزابا زكت لعقود الاستبداد المخزني والحكم الفردي المطلق للملك وأصبحت هي الأخرى تتبنى لفظيا "الملكية البرلمانية" لكنها تعطي لهذا المفهوم مضمونا يتمثل في إدخال إصلاحات جزئية وغير جوهرية وعميقة على طبيعة النظام السياسي الملكي القائم. لذلك فإن مفهوم "الملكية البرلمانية" في المغرب يؤدي إلى نشر الالتباس داخل الشعب والنخب السياسية الضعيفة الإيمان بالديمقراطية بالنظر لكون "الدولة"(2) المغربية "دولة" مخزنية تبعية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتخلق أو تحتوي أحزابا ومؤسسات سياسية ودينية واقتصادية واجتماعية وتدعمها "دولة" المخزن التي سَيََجَتْ بها المجتمع ووعي وثقافة المواطن والمواطنة ضد المعارضة اليسارية الاتحادية والراديكالية والماركسة، بل وأخضعت هذه "الدولة" حتى قوى يسارية كانت تعارض النظام بشراسة. إن هذا الالتباس يدخل القوى اليسارية والديمقراطية في تناقض والتباس سياسي حول "ما هي الصلاحيات التي قد يتنازل عنها الملك؟" و"ما هي الصلاحيات التي يحتفظ بها؟"، و"أن لا طريق للديمقراطية إلا بالتوافق مع المؤسسة الملكية لإقناعها بالتحول إلى "ملكية برلمانية". إن هذا التصور ومنهجيته لن يصلا إلى تحقيق نظام "الملكية البرلمانية" بالنظر إلى أن صيرورة الصراع السياسي التاريخي بين المؤسسة الملكية والمعارضة الاتحادية والديمقراطية واليسارية الديمقراطية عموما حول السلطة منذ حكومة عبد الله إبراهيم (24 ديسمبر 1958 إلى 21 مايو 1960) إلى اليوم، أي منذ 60 سنة، لم يتحقق تطور النظام السياسي باتجاه "ملكية برلمانية. ولنلاحظ أنه ورغم نضال اليسار والشعب المغربي وتضحياته الجسيمة والانتفاضات الشعبية (مارس 1965 ويونيه 1981 ويتاير 1984، و ديسمبر 1990، والانتفاضة الطويلة ل"حركة 20 فبراير" التي غيرت موازين القوى لصالح التغيير، و رغم حراك الريف و جرادة و زاكورة وغيرها…) و رغم التنازلات السياسية لجزء من اليسار سياسيا (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي اندمج في الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية) و وافق على دستور 1996، ورغم تشكيل الأذ. عبدالرحمان اليوسفي حكومة سميت بحكومة "التناوب التوافقي"، ورغم ثورات الشعوب المغاربية والعربية التي أسقطت حكام الاستبداد، ورغم انتفاضة "حركة 20 فبراير" 2011 الطويلة وتعديل الدستور، رغم نضال حراكات شعبية جماهيرية ومسار النضال الديمقراطي السياسي التاريخي الطويل والمعقد لم تتغير طبيعة النظام السياسي، ولو بنسبة قليلة، لفتح أمل تحقيق "الملكية البرلمانية" كنظام سياسي ديمقراطي حقيقي. و خلال نهوض "حركة 20 فبراير" لم يستطع الجدل حول طبيعة النظام السياسي بين القوى الديمقراطية الراديكالية واليسارية الاشتراكية الحقيقية أن يُفرز ويُشكِّل "جبهة ديمقراطية" موحدة على أساس وضوح "مشروع المجتمع الديمقراطي والدولة الديمقراطية" واستنهاض وتوعية وتنظيم طبقات جماهير الشعب الكادح والمحروم، لأن جماهير الطبقات الكادحة (طبقة عاملة وفلاحين فقراء ومعدمين وأجراء محدودي الدخل وكادحين) الواعية سياسيا بهدف وبضرورة تحقيق هذا المشروع هي التي لها القدرة فعلا على التشكل كقوة مجتمعية ديمقراطية قادرة، بانخراطها المنظم والواعي في الصراع السياسي، على تغيير ميزان القوى لصالح تغيير ديمقراطي حقيقي. "الملكية البرلمانية" الملكية البرلمانية الدستورية الديمقراطية تمارس فيها الحكومة المنتخبة كافة صلاحيات التقرير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وصلاحيات التسيير والتنفيذ، وتكون الحكومة مسئولة عن برنامجها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي والثقافي والأمني وممارسة صلاحيات تنفيذه، ويخضع برنامجها وممارستها باستمرار للمحاسبة أمام برلمان منتخب انتخابات نزيهة ديمقراطية وشفافة، وللبرلمان كامل صلاحيات التشريع ويمثل فعلا الإرادة الشعبية الواعية بمصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. في نظام "الملكية البرلمانية" يكون وضع الملك هو رئاسة رمزية معنوية للدولة ويرمز إلى وحدة الشعب، تَحْتَكِم إليه المؤسسات السياسية للدولة وفق أحكام ونصوص الدستور كلما وقعت هذه المؤسسات في أزمة سياسية وكلما عجز البرلمان والحكومة عن حلها وتجاوزها. وتكون الصلاحيات المخولة للملك دستوريا محدودة ومراقبة من طرف البرلمان والقضاء والرأي العام. وبالتالي سلطة الحُكْم في "الملكية البرلمانية" يملكها الشعب وفق ما ورد في نص المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعتبر "أن إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم" وأن "هذه الإرادة يجب أن تتجلى من خلال انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام"، أي أن القرار السياسي تملكه إرادة الشعب الواعية الديمقراطية المنظمة في إطارات سياسية ومدنية بأساليب ومؤسسات سياسية ديمقراطية. ويمكن أن تكون طبيعة النظام السياسي الملكي ديمقراطية إذا جسد فعلا هذا المفهوم ل"لملكية البرلمانية". "الملكية البرلمانية" تُطْلَقُ على نظام سياسي ديمقراطي تكون للملك سلطات رمزية و بروتوكولية يَحُدُّهَا برلمان منتخب من طرف الشعب انتخابا حرا ونزيها وله وحده سلطة التشريع؛ وتنبثق عن البرلمان حكومة لها السلطة التنفيذية كلها وتخضع لمراقبة البرلمان وحده لأنه يستمد سلطة المراقبة من الشعب الذي انتخبه. وسلطة الشعب تتحقق بالاستفتاء والعرائض وفق قانون ومسطرة محددين. ويمثل الملك رمزيا الدولة وضامن استمرار مؤسساتها وكرئيس دولة وظيفة تمثيل الدولة ووظيفة تحكيم. نظام "الملكية البرلمانية" يفصل بين الدولة والدين ويفصل بين السياسة والدين. الملك رمز للبلاد ولمؤسساتها. والملك هوالقائد العام للجيش، لكن القرار داخل مؤسسة الجيش يكون تحت سلطة الحكومة والبرلمان. وللملك دور احتفالي محدد في الأعياد الوطنية وفي استقبالات رؤساء وملوك دول العالم. الملك يوقع القوانين بموافقة الوزراء المسؤولين عن هذه القوانين. للملك الحق في أن يُسْتَشَارَ بشكل دوري في شؤون السياسة الداخلية والسياسة الخارجية وأن يَنْصَحَ رئيس الحكومة والحكومة. كل صلاحيات التقرير والتنفيذ هي من اختصاص رئيس الحكومة المنبثقة عن انتخابات عامة حرة ونزيهة ويشارك فيها 50 % زائد صوت واحد من الكتلة الناخبة. والقوانين المصادق عليها في البرلمان لا تحتاج إلى موافقة الملك، باستثناء تغيير دستوري يهدف إلى تغيير طبيعة النظام السياسي القائم من ملكية إلى جمهورية. ويقوم رئيس الحكومة دوريا بإخبار الملك بالتطورات السياسية في البلاد. والملك يفتتح رمزيا السنة البرلمانية في دورته السنوية الأولى ويكون خطابه شكليا وبروتوكوليا يذكر بطبيعة النظام الديمقراطي. كما يترأس مجلس الحكومة الأول بعد تنصيبها أو تغييرها. ويترأس مجلس الحكومة واجتماع وزارة الخارجية في دورات محددة لإطلاعه على أخبار وسير وتدبير الحكومة للشؤون الداخلية وللسياسة الخارجية. رغم أن عددا من القوى الديمقراطية عقدت ندوات حول "الملكية البرلمانية" لكن القوى الديمقراطية واليسارية لم تبادر ببلورة حوار وطني حول طبيعة النظام السياسي وحول "الملكية البرلمانية". وبالتالي لم تتبلور رؤية واضحة حول "الملكية البرلمانية" في المغرب ولم يُطْرَح حوار وتناظر وطني عميقين للإجابة الشاملة عن سؤال "هل يمكن أن تنتقل الملكية المغربية إلى "ملكية برلمانية"؟ ونتيجة لغياب هذا التناظر والوضوح شهد الواقع السياسي المغربي صراعا خلال نهوض "حركة 20 فبراير" بين من يطرح موقف "الملكية البرلمانية" ومن يرفضها، وزَجَّ هذا الصراع ب"حركة 20 فبراير" وبنضالها الجماهيري الديمقراطي في نقاشات وتناقضات نخبوية. وكانت هذه التناقضات من بين عوامل تشتت وحدة وضعف التأثير السياسي لتشكل قوة اجتماعية سياسية ل"حركة 20 فبراير". ولم يُطْرَح داخل "حركة 20 فبراير" أسئلة ونقاش قضايا أساسية منها: هل ميزان القوى خلال صراع ونضال "حركة 20 فبراير" لصالح نضال الحركة لفرض شكل النظام السياسي الديمقراطي الذي تختاره وتَتَوَحِّدُ جماهير الشعب حوله؟ ما هي المتطلبات السياسية والتنظيمية الضرورية للارتقاء ب"حركة 20 فبراير" إلى وضع قادر على ضمان استمرارها مُوَحَّدة في النضال الديمقراطي الجماهيري إلى أن تُحقق برنامجها السياسي كاملا وتفرض شكل النظام السياسي الديمقراطي الذي تناضل من أجله؟ وبسبب تشتت وتناقضات القوى الديمقراطية واليسارية لم تستطع "حركة 20 فبراير" فرز قيادة مُوَحَّدَة ومُوَحِّدَة حول برنامج سياسي ديمقراطي ومشروع مجتمعي ديمقراطي وأهداف سياسية ديمقراطية واضحة وموحدة؟ "الملكية البرلمانية" تعني فعلا أن للملك صلاحيات رمزية وتحكيمية ظرفية، وأن الشعب هو مصدر كل السلط. وبالتالي كل السلط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت سلطة وتشريع البرلمان وسلطة وتنفيذ الحكومة المنتخبين انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة قضائية مستقلة عن السلطة والحكومة والأحزاب وتتوفر على الصلاحيات القانونية والإجرائية اللازمة لفرض حرية ونزاهة وشفافية الانتخابات وإحالة ملفات المخالفات والتجاوزات على القضاء. لكن ما جرى في مرحلة وأوْجُ نضال "حركة 20 فبراير" هو أن الملك في خطاب 9 مارس 2011 بلور تصورا يرفض "الملكية برلمانية" ويرفض هيئة تأسيسية لوضع "دستور الملكية البرلمانية". وبرر خطاب 9 مارس 2011 تعديل الدستور بضرورة دسترة "الجهوية المتقدمة في تجاوب دائم مع كل مكونات الأمة" وليس استجابة لمطالب "حركة 20 فبراير" أو تحت ضغط سياسي ما. اعتبر كذلك خطاب 9 مارس 2011 أن المغرب، بما حققه من تطور ديمقراطي، مؤهل للشروع في تكريس هذا التطور دستوريا، وعكس ذلك حدد خطاب 9 مارس 2016 للدستور ثوابت "مقدسة" وهي:- الإسلام كدين للدولة، الضامنة لحرية ممارسة الشعائر الدينية – إمارة المؤمنين – النظام الملكي – الوحدة الوطنية و الترابية – الخيار الديمقراطي. ورسمت هذه الثوابت السقف السياسي والقانوني للدستور ولفصل السلط تحت السلطة الملكية. وهو ما يتناقض جوهريا مع إسس نظام سياسي ديمقراطي فعلا. و اختار الملك أعضاء "لجنة تعديل الدستور" دون إشراك أو حتى استشارة الأحزاب والنقابات. وبلور وحدد خطاب 9 مارس 2011 مضمون ومحاور الدستور وحدد للدستور "ثوابت الأمة المغربية". مما يعني آنذاك أن المؤسسة الملكية ترفض الانتقال إلى ملكية برلمانية. كما أن جل القوى السياسية والنقابية قبلت الدخول إلى "آلية مواكبة لجنة تعديل الدستور" وزكت بهذا الموقف صيغة وضع الدستور وشكله ومضمونه. مما يعني عدم توفر الإرادة السياسية للمؤسسة الملكية وللمخزن ولجل القوى السياسية والنقابية بهدف تحقيق انتقال النظام السياسي فعلا إلى "ملكية برلمانية" والقطع مع نظام المخزن. لكل ما سبق، كان بديهيا أن لا يستطع شباب "حركة 20 فبراير" والقوى التي تشكلت داخلها ودعمتها بلورة شعارا وموقفا واضحا من طبيعة النظام السياسي الديمقراطي تتفق عليه هذه القوى تُوَحِّد "حركة 20 فبراير" ويصونها ضد الانحراف والالتفاف على مطالبها. ولم يستطع شباب "حركة 20 فبراير" والقوى الديمقراطية اليسارية التي ناضلت داخلها تجاوز التناقض حول طبيعة النظام السياسي الديمقراطي آنذاك وتركيز عملها في تسليح الجماهير الشعبية الكادحة والمحرومة بوعي وبتنظيم سياسي ديمقراطي متفق عليهما، لأن هذه الجماهير الشعبية هي التي لها مصلحة أساسية في التغيير الديمقراطي الحقيقي. وتبقى الأسئلة الجوهرية والمعقدة المطروحة على القوى الديمقراطية واليسارية الحقيقية والتي لم تجد أجوبة بديلة نظرية وسياسية وممارسة مرتبطة بالجماهير الشعبية. منذ إسقاط حكومة عبد الله إبراهيم، لماذا لم تتمكن الحركة الديمقراطية اليسارية، رغم مطالبتها الصريحة أوالكامنة في ثنايا المطالب السياسية ورغم نضالها القوي، من تحقيق الملكية البرلمانية في المغرب؟ هل يمكن أن تتحول الملكية المطلقة التنفيذية السائدة في المغرب إلى نظام الملكية البرلمانية كما هي محققة في إسبانيا وبلجيكا والسويد والنورفيج …؟ هل لدينا في المغرب حركات إسلام سياسي ديمقراطية فعلا تقبل فصل الدين عن الدولة والسياسة وتحترم الحريات العامة والحريات الفردية؟ وهل موقف حركات الإسلام السياسي من الديمقراطية وحقوق الانسان موقف مبدئي أم هو موقف تكتيكي ظرفي فقط؟ وبالتالي ما هو الموقف من حركات الإسلام السياسي وخصوصا الموقف من "جماعة العدل والإحسان" بالنظر لمشاركتها في نضالات "حركة 20 فبراير" التي اتسمت بالحلقية "سياسيا" وممارسة وبالنظر لتصورها المبدئي والاستراتيجي المتمثل في إقامة نظام "الخلافة الثانية"؟ إن مهمة القوى الديمقراطية اليسارية المستقلة عن النظام المخزني التبعي في المرحلة الراهنة هي تجاوز التناقض حول طبيعة النظام السياسي الديمقراطي وتركيز ممارستها السياسية لمهمة إنضاج سياسي ونظري وتنظيمي للشرط الموضوعي سياسيا و تنظيميا كي تتشكل القوة الاجتماعية الديمقراطية المنظمة القادرة على النضال من اجل التغيير الديمقراطي الراديكالي، وما تتطلبه هذه المهمة من ضرورة تسليح جماهير الطبقة العاملة والفئات الشعبية الكادحة والمحرومة بوعي وبتنظيم سياسي ديمقراطي، هذه الجماهير الشعبية التي أظهرت بنضالها العفوي وبحراكها القوي كفاحية عالية أنها واعية عفويا بمصلحتها المادية الملموسة في التغيير الديمقراطي الحقيقي. [1] . المصطفى براهمة – وحدة اليسار – وحدة اليسار – وحدة اليسار 5.2 – كيفية التعامل مع القضايا الخلافية: ا/ الملكية البرلمانية. موقع النهج الديمقراطي : http://www.annahjaddimocrati.org/ar/8631/ [2] – بيان حركة "حرية وديمقراطية الآن" الصادرة بتاريخ 27 يناير 2011 و بيان أصدره المدونين (فتح الله حمداني) يطالب بهيئة تأسيسية ينتخبها الشعب وتضع دستورا جديدا. 2- نستعمل دولة بين مزدوجتين لأننا نتبنى موقف الد. الراحل محمد عابد الجابري الذي اعتبر أنه بوجود المخزن ليست هناك دولة. (انظر فيديو حوار محمد عابد الجابري في برنامج "وجوه وقضايا" للصحافية بديعة الراضي https://www.youtube.com/watch?v=okupURrdMXk