يتعرض مهرجان “تويزا” لانتقادات كبيرة، من طرف مجموعة من الباحثين والمهتمين، وكانت ولا زالت مواقع التواصل الاجتماعي مسرحا لها، بعد الأسئلة التي طرحتها الندوات التي نظمت في إطار فعاليات الدورة الخامسة عشرة للمهرجان، الذي نظمه “مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة”، في الفترة ما بين 25 إلى يوم 28 يوليوز 2019 لمناقشة “تحول القيم في العصر الرقمي” بمشاركة مفكرين مغاربة وأجانب. وفي الوقت الذي وصف فيه فؤاد بوعلي، وإدريس الكنبوري المهرجان ب”الشرود الثقافي”، و”أن أصحابه لا يفهمون من الأمازيغية إلا قصف الثوابت والحرب على الدين”، قال عبد المنعم البري مدير المهرجان لموقع “لكم”، إن ما يجري هو فقط تصفية حسابات، مشيرا إلى أن مختلف وجهات النظر كانت حاضرة طوال 15 سنة، مؤكدا أن ما يقال يذكرنا بما عانيناه في المرحلة الطلابية داخل الجامعية، حيث كان يقال ما هو أخطر وأفظع. كما أن الانتقادات طالت أيضا الجانب المالي للمهرجان، متسائلة عن مصدره وطريقة صرفه، وهو ما رد عليه مدير المهرجان في ذات التصريح لموقع “لكم”، أنه لا يوجد دعم عمومي، وهناك مبادرات من بعض الإخوان والأصدقاء بالإضافة إلى مساهمات بعض الخواص، مشيرا إلى أن المؤسسة تضع سنويا تقاريرها المالية لدى الجهات الرسمية المعنية . بعض المواقف التي أثارت الجدل أثارت بعض التصريحات التي جاءت في حلقات النقاش التي عرفها فضاء المهرجان، ردود فعل وسط مجموعة من الباحثين والمهتمين خاصة الذين يوصفون بالمحافظين، ولعل أبرزها ما عبرت عنه الكاتبة التونسية هالة الوردي، في إطار فعاليات المهرجان في ندوة “الحقيقة والاسطورة. ..رهانات تنويرية”، حيث تساءلت في جوابها على سؤال طرحه أحد الحاضرين “وسمحلي نحط سؤال مستفز، واش محمد حقيقة أو أسطورة؟”. من جهتها، اعتبرت جمانة حداد، وهي كاتبة ومترجمة وصحافية لبنانية، في معرض مداخلته بندوة حول "الانفجار الجنسي والجندي" يوم الخميس 25 يوليوز الجاري، أن “النقاش حول غشاء البكارة هو أسخف شيء في التاريخ”، متوجهة بسؤالها إلى الحاضرات: “من منكن لها الجرأة أن تعلن أنها تريد ممارسة الجنس قبل الزواج؟”، وبينما أعلنت إحدى الحاضرات أنها غير مقتنعة بذلك، ردت عليها جمانة “أنت لست مقتنعة من منطلق ديني.. لأنك لست حرة، فالدين يملك جسدك”. “الشرود الثقافي” الباحث فؤاد بوعلي، وصف المهرجان ب”الشرود الثقافي”، مؤكدا على أن الجهة المنظمة “لا تفهم من الأمازيغية إلا قصف الثوابت والحرب على الدين”. وقال في تدوينة على صفحته بالموقع الاجتماعي “فايسبوك”، “لا أتفق كثيرا مع بعض الردود المتشنجة التي تدرج بعض المتدخلين في خانة العلمانية”، مضيفا “إذ نظلم العلمانية، التي أبدع فيها كبار المفكرين، فكرا ووعيا حين نربطها بالشذوذ السياسي والثقافي”. وزاد بوعلي، “لكن هؤلاء صورة أخرى من تجليات أزمة الفساد والاستبداد التي تجعل المال العام في خدمة الهوامش والنكرات في وقت استقالة المثقف الحقيقي والوطني”. بدوره اعتبر الباحث إدريس الكنبوري، أن التجربة أبانت أن مهرجان “تويزا”مهمته الأساسية خدمة أجندة معينة وهي تشجيع الشذوذ الثقافي وتسويق أقلية صغيرة لديها مقدرات كبيرة” قبل أن يضيف “هذا طبيعي وعادي ويجب أن يكون”. وقال الكنبوري “المهم جدا في المدعوين إلى المهرجان أنهم يكررون الدعوة إلى التنوير، ويطالبون المثقف بالانخراط وأن يتحلى بالجرأة، قبل أن يضيف “أنا مثقف عربي مغربي أنخرط الآن وأعلن بجرأة أن هذا المهرجان الممول من المال العام يجب أن يكون ساحة للنقاش الفكري الجريء وأن يدعى إليه المفكرون من التوجهات المختلفة”، مشيرا إلى أنه “عندما يرى أن المهرجان يستجلب كل عام ممتهني الشعوذة الثقافية المتخصصين في مهاجمة مقدسات بلدي من حقي كمفكر ومثقف غيور على بلده ومقدساتها أن أقلق”. وأكد المتحدث في تدوينة على صفحته بالموقع الاجتماعي “فايسبوك”، “لا يمكننا أن نستمر هكذا ونوفر الدعم السخي لتيار معين بينما نحرم المثقفين والمفكرين الأحرار المستقلين لأنهم اختاروا أن يكونوا في صف التيار الوطني العام البعيد عن التجاذبات”. إدارة المهرجان توضح في تصريح لموقع “لكم”، أوضح مدير المهرجان عبد المنعم البري، أن المؤسسة تنظم ندوات متنوعة منسجمة مع شعار الدورة “تحول القيم في العصر الرقمي”، حيث استضفنا أسماء لها علاقة بالمحور العام للدورة. وتساءل المتحدث، هل يمكن أن نصف أسماء كبيرة كمحمد أركون ونور الدين أفاية، وصادق جلال العطف وغيرها من الأسماء العربية والمغربية (حوالي 360 اسم حضر على طول 15 سنة) بأن مواقفها الفكرية شاذة، مؤكدا على أن المهرجان يفتح الباب لخلق فضاء للنقاش بين المفكرين من خارج وداخل المغرب، حيث نوقشت مواضيع مختلفة عندها علاقة بالفكر والأخلاق والسياسة ومواضع مختلفة. وعن المواقف التي عبر عنها بعض الضيوف وحظيت بانتقادات، قال البري “نحن كجهة منظمة عندما نستضيف اسم معين لا نرسم ولا نضع حدود ولا شروط في مداخلته، نحن دورنا نضع الأرضية والفضاء للنقاش، معتبرا أن الموقف الذي عبرت عنه الكاتبة التونسية لم يكن ضمن متن مداخلتها الرئيسية، وإنما جاء كجواب على سؤال وكتفاعل مع القاعة . وقال مدير المهرجان في ذات التصريح، “ما قيل ويقال في مهرجان تويزا يذكرنا بما كنا نعانيه داخل الجامعة، وما كان يقال أفظع وأخطر مما نلقاه في كتب فقهاء السنة الأوائل حول بعض الأحداث في تاريخ الإسلام، مؤكدا “هناك تصفية حساب فقط”. وتساءل المتحدث، لماذا هذا الهجوم مع أن مختلف وجهات النظر حضرت طيلة 15 سنة هي عمر المهرجان، مشيرا إلى حضور أسماء تمثل توجهات مختلفة منها أسماء إسلامية ومحافظة، مؤكدا، “ليس لدينا أي نية مبيتة لخدمة أجندة معينة، فقط دورنا هو فتح مساحة للنقاش”، مضيفا “الجميل في الدورة الأخيرة أنه لم يكن هناك أي توتر داخل القاعة رغم حضور أسماء محسوبة على المحافظين كما شاهدتم”. لا يوجد دعم عمومي للمهرجان وبخصوص مصادر دعم المهرجان وحجمه، قال مدير المهرجان، الدعم العمومي توقف عن المهرجان، أما دعمه فهو يحدث بمبادرات من بعض الإخوان والأصدقاء، بالإضافة إلى مساهمات بعض الخواص، وإن كان هناك دعم ضعيف جدا نتلقاه من بعض الجماعات، مشيرا إلى أن المؤسسة تضع سنويا تقاريرها المالية لدى الجهات الرسمية المعنية . وعن التكلفة المالية للمهرجان، أضاف المتحدث، هي لا تتجاوز2 مليون درهم، فيها الجانب اللوجستيكي، فيها المنصات الصوتية لدعم السهرات التي كانت بساحات عمومية، فيها أجور الفنانة، فيه إقامة الضيوف، فيها المطبعة ولافتات الإشهار المتواجدة بالساحات العمومية. 140 ألف درهم أكبر أجر أما بشأن أجور الفنانين المشاركين، فقد قال عبد المنعم البري، بالنسبة لأجور الفنانين تعرف أن هناك حساسية في الكشف عنها كما يعرف الجميع، لكن يمكنني أن أقول أن أكبر أجر كان هو 140 ألف درهم. وبخصوص ما يروج من كون الأسماء التي تحضر تأخذ تعويضا، نفى المتحدث، أن تكون الأسماء التي تحضر للمهرجان سواء من داخل المغرب أو خارجه قد أخذت أي تعويض، مضيفا “يمكنكم أن تسألهم فأنت تعرفهم”. وأوضح، أن المهرجان يتحمل تكاليف النقل الجوي من الخارج، والنقل الداخلي والإقامة والتغدية وفقط، بالنسبة للجميع سواء كانوا مغاربة أو أجانب، مؤكدا أن “هناك كشوفات محساباتية موضوعة رهن إشارة الأجهزة التي عندها الحق في الاطلاع عليها، وتقريرنا المالي يخضع سنويا لافتحاص من طرف خبير محاساباتي ، وليس لدينا أي تحفظ حول هذا الموضوع يمكنه الالتجاء للجهات المختصة للإطلاع على التفاصيل”.