كثر استعمال كلمة الهجرة سواء كانت نظامية ،أو غير نظامية؛ولا يمر يوم دون أن تتناقل قصاصات االأنباء خبرا أو تقارير عن ضحايا الهجرة .آخرها تقرير منظمة الهجرة الدولية حول مصرع 686 مهاجرا غير نظامي في البحر المتوسط خلال سبعة شهور الاولى من سنة 2019؟؟؟حيث أصبحت مشكلة تؤرق العالم،ويتنافس صناع القرار في البحث عن حلول لها ؛خصوصا عند الاطلاع على إحصاءات الأممالمتحدة التي تفيد بأن عدد المهاجرين في جميع أنحاء العالم (الأشخاص المقيمون في بلد غير بلدهم الأم ) بلغ 258 مليون شخص سنة 2017 ما يعادل 3,4 من مجموع سكان العالم ؛شكلت المهاجرات 48 في المئة من هذا التعداد،ويقدر عدد الأطفال بنحو 36 مليون طفل مهاجر،و4,4 مليون طالب دولي ،و150,3 مليون عامل،وأكبر نسبة من المهاجرين تقيم في قارة أوروبا31 في المئة. ولمقاربة هذا المشكل العالمي برؤية أخرى اختار المهرجان الدولي للثقافة الأمازيغية الذي تنظمه جمعية فاس سايس في نسخته الخامسة عشرة موضوع * التحديات الجديدة للهجرة * في المنتدى الأكاديمي ،والذي من بين أهدافه : مناقشة التحديات الجديدة للهجرة في البلدان الأوروبية،وإلى اقتراح مقاربة لتطوير ،وتعميق التبادل والتواصل بين هذه البلدان. وقبل عرض مقتطفات من المنتدى الذي عرف منسوبا عاليا من النقاش ،وتفاعل الحضور يجب التذكير بالجانب الحقوقي المتعلق بالهجرة . حماية حقوق المهاجرين اعتمدت اتفاقية حقوق جميع المهاجرين ،وأفراد أسرهم ،وعرضت للتوقيع ،والتصديق بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة45/158 في 18 دجنبر 1990 ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 01 يوليوز 2003.وقد وقع المغرب على الاتفاقية في 15 غشت 1991،وصادق عليها بتاريخ 21 يونيو 1993 ،ونشرت بالجريدةالرسمية عدد(6015) بتاريخ 23 يناير 2012. والدول الأطراف في هذه الاتفاقية تأخذ في اعتبارها المبادئ المنصوص عليها في الصكوك الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان ،وخاصة الإعلان العالمي ،العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ،والثقافية ،والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية؛كذلك تأخذ في اعتبارها المبادئ والمعايير الواردة في صكوك منظمة العمل الدولية،وخاصة الاتفاقية المتعلقة بالهجرة من أجل العمل رقم (97)،والاتفاقية رقم 143 المتعلقة بالهجرة في ظروف تعسفية ،وتشجيع تكافؤ الفرص ،والمساواة في معاملة المهاجرين. وتعتبر هذه الاتفاقية أهم اتفاقية تعترف بحقوق جميع المهاجرين؛لكن حقوقهم لم يعترف بها بالقدر الكافي في كل مكان خصوصا في الهجرة غير النظامية؛ حيث يتعرضون لانتهاكات منها التمييز ،والاستغلال ،والتهميش ،وغالبا ما يعيشون ويعملون في الخفاء،ويخشون من رفع الشكاوى…التوقيف التعسفي …التعذيب ،وعدم تنفيذ الإجراءات القانونية..حرمانهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية … على غرار الحرمان من الحقوق في الصحة والسكن والتعليم،وكره الأجانب في مواقف البعض ،والمعاملة السيئة في أماكن الاحتجاز التابعة لمصالح الهجرة ….. المداخلات العلمية حول الهجرة *قراءة في الأجندة الإفريقية للهجرة *هو عنوان مداخلة الأستاذ عبد الكريم بالكندوز الباحث في الهجرة حيث جاء فيها أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس بصفته قائدالاتحاد الإفريقي بشأن قضية الهجرة قدم تقريرا تمت الموافقة عليه بالإجماع تحت عنوان * الأجندة الإفريقية للهجرة * تستحق هذه الأجندة نشرا واسعا لتحفيز التفكير والنقاش المفتوح بين الباحثين ،والأكاديميين المغاربة ،والباحثين في منطقة البحر المتوسط حول إمكانيات تعميق هذه الأجندة التي تنبني على النهج الشمولي والتشاركي . من جهته تحدث الباحث ألبيرتو تويني من جامعة فلورانسا في إيطاليا عن الميثاق العالمي للهجرة ،والذي تم اعتماده في المؤتمر الدولي حول الهجرة الذي انعقد بمراكش 10/11 دجنبر 2018 تحت رعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويضم الميثاق الأممي الذي تبناه ممثلو 150 دولة 23 هدفا ،وبموجبها يسعى إلى تدبير مسألة الهجرة بشكل أفضل على المستوى المحلي والإقليمي ،والدولي ؛كما يتضمن نص الميثاق مبادئ تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان ،والأطفال ،وكذلك اقتراحات لمساعدة الدول على مواجهة موجات الهجرة عبر تسهيل نقل المعلومات ،واستيعاب المهاجرين ،وتبادل الخبرات . وإثراء للنقاش تدخل أحد المشاركين بقوله :…إن هذا الميثاق الأممي انتقد من طرف العديد من الملاحظين لأنه غير ملزم ،ومنظمة العفو الدولية صرحت بأن تطبيق مقتضيات الميثاق الأممي حول الهجرة يبقى رهينا بحسن نوايا الدول التي تدعمه مادام غير ملزم ؟؟وسيفتح الباب أمام موجات هجرة كثيفة لا يمكن التحكم فيها. أما الدكتور موحى الناجي من المعهد الدولي للغات والثقافات بفاس فقد ركز في مداخلته *الأمازيغية والهجرة إلى أوربا* على هجرة الأشخاص من المغرب والجزائر إلى أوربا؛وخاصة من المناطق التي تستعمل فيها اللغة الأمازيغية من طرف نسبة كبيرة من السكان ،وقد تكاثر عدد المهاجرين الناطقين بالأمازيغية في أوربا .والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن للإنسان أن يشعر بالهوية الأمازيغية عندما يتم تضمينه في حركة الهجرة الخاضعة لمثل هذا التطور ؟ وفي نفس السياق أشارت الباحثة ( مدينة نوريه ) جامعة نواكشوط .موريتانيا في مداخلتها * الهجرة مصدر للنجاح والتنمية المستدامة *أن الهجرة تعد مصدرا للنجاح والازدهار والتنمية المستدامة ،وأن أوربا تقوم باستقبال المزيد من المهاجرين من الجنوب الذين يأملون في إيجاد حياة أفضل ،ويجلب المهاجرون معهم ثقافتهم التي تساعدهم على التبادلات الثقافية ،لكن توضح الباحثة أن الهجرة السرية تدمر الصورة الجميلة عن التبادل الثقافي … وفي معرض النقاش تساءلت إحدى المشاركات :هل تعمل دول أوربا على تهيئة الظروف التي تمكن جميع المهاجرين من إثراء المجتمعات المستقبلية من خلال قدراتهم البشرية ،والاقتصادية والاجتماعية ،ودمجهم لدفع التنمية على المستويات المحلية ،والوطنية ،والإقليمية والعالمية ؟؟،وأضاف متدخل آخر :لقد نزعت دول أوربية إلى وضع قوانين هجرة متشد دة بدعوى حماية أمنها ،والتصدي للإرهاب ،في حين أن المشاكل الإنسانية التي نمطوي عليها الهجرة غير النظامية لا تقل خطورة عن الإرهاب الذي أصبح ذريعة في يد الدول للتضحية بحقوق الإنسان ؟؟ المدن والأحياء والهجرة من المداخلات إلى ورشة عمل متميزة حول * المدن ، والأحياء والهجرة * وتدخل هذه الورشة ضمن مشروع (ويلسيت) وهو مشروع متعدد التخصصات يسعى إلى فهم ديناميكيات الإدماج والإقصاء في أوساط الأشخاص المتنقلين ( المهاجرين الداخليين ،والخارجيين،والمهاجرين الدائمين ) في أحياء معينة تتميز بالتنوع ،ويركز المشروع على الابتكار للمساهمة في العديد من أهداف خطة التنمية المستدامة لسنة 2030. شارك في تنشيط الورشة نخبة من الباحثين والباحثات : (ساندرو كاناسين )من جامعة جنيف–سويسرا –(محمد مبتسم ) جامعة محمد بم عبد الله .المغرب-(مونيا سليغوة ) الجامعة الأورومتوسطية ) المغرب – ( محمد يشولطي ) جامعة مولاي إسماعيل .المغرب. وعلاقة بموضوع المنتدى تم تقديم وتوقيع كتاب * العيش المشترك * من تأليف الباحثين موحى الناجي من المغرب ،وجان ماري سيمون من فرنسا.هذا فقط غيض من فيض المحتوى الأكاديمي الذي يحفز على التفكير ،والرأي الآخر. في نهاية المنتدى العلمي للمهرجان تم استنتاج توصيات تستحق التأمل منها : -تزويد الجالية المغربية المقيمة في الخارج باستراتيجية وطنية ،وشمولية من طرف السلطات المغربية؛ – إعادة هيكلة المؤسسات المسؤولة عن المهاجرين ،والعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي عليها وتعزيزها؛ – قيادة حملة تحسيسية لتعزيز قيم قبول الآخر ،والعيش المشترك ،وتشجيع البحث العلمي في مجال دراسات الهجرة ؛ – إدراج تاريخ شمال إفريقيا في المناهج المدرسية للمجتمعات المغاربية بالخارج ؛ – وجوب الحفاظ على التراث المادي وغير المادي الأمازيغي . ويمكن القول إن الهجرة ستظل دائما موجودة ،وحقوق المهاجرين لم يعترف بها بالقدر الكافي في كل مكان ،لذلك تتطلب حماية دولية ،وجميع الدول مدعوة للمساهمة في ذلك مع إشراك شعوب الدول النامية ،وعدم تهميشها ،وضمان حقوق البشر ،وإلا سيكون الحديث عن كونية حقوق الإنسان ،وعدم قابليتها للتجزي ء مجرد كلام . أليس كذلك ؟؟