طيلة الأيام الماضية، التي سبقت الذكرى السادسة لأحداث 30 يونيو 2013، استنسخت القنوات المصرية الرسمية والخاصة شعار/هاشتاغ واحد، هو (30 _يونيو _إرادة _شعب)، وذلك تخليدا لذكرى المظاهرات التي مهّدت للانقلاب العسكري، الذي وقع في 3 يوليوز من نفس السنة، حيث تحالفت قوى متنفذة في السلطة، ونخب علمانية معادية للإخوان المسلمين مع العسكر، للإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا، في تاريخ مصر الحديث، وحتى لا يكون هذا الانقلاب مكشوفا بشكل واضح للرأي العام العالمي، قامت هذه القوى المتحالفة، بتأليب الشارع المصري، والدعوة إلى خروج المظاهرات في 30 يوليوز، وجمع التوقيعات من أجل التهييء لخطة عزل الرئيس الراحل محمد مرسي رحمه الله. ومع حلول الذكرى السادسة لأحداث 30 يونيو، لا زال السؤال يحتفظ براهنيته: هل ما وقع كان ثورة شعبية أم انقلابا عسكريا؟ انقسم المصريون إلى فريقان: فريق مؤيد أو متعاطف مع الإخوان أو ليس له موقف عدائي منهم، اعتبر ما وقع في 30 يونيو 2013 من مظاهرات شعبية، ما هي في الحقيقة إلا مقدمة لشرعنة الانقلاب في 3 يوليوز من نفس السنة، خاصة بعد بيان الجيش الذي أمهل الرئيس السابق محمد مرسي 48 ساعة للإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة، ومن بين هؤلاء الرافضين لما جرى في 3 يوليوز، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، هناك قوى ومنظمات وشخصيات إسلامية وليبرالية واشتراكية، وهذا الفريق يمثل أغلب فئات الشعب المصري. أما الفريق الثاني، فهو الذي كان مؤيدا ومشاركا في مظاهرات 30 يونيو 2013، المطالبة بتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وهذا الفريق يضم فئات مختلفة في المرجعية الفكرية والسياسية، من بينها أحزاب وشخصيات علمانية ويسارية وإسلامية (حزب النور)، وأيضا في الغاية من وراء مشاركتها في مظاهرات 30 يونيو، حيث هناك أحزاب وقوى وشخصيات، شاركت تحت تأثير الدعاية الإعلامية الرهيبة، التي انخرطت فيها بقوة وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة، وروّجت للمظاهرات وحرّضت المصريين على الخروج، من أجل شعار مغري وخادع، وهو المطالبة بتصحيح مسار 25 ثورة يناير2011. لكن وسط هذا الفريق، هناك نخب وشخصيات لها موقف عدائي من الإخوان، وهذه الشخصيات دعت وشاركت في 30 يونيو، رغبة منها في إبعاد الإخوان عن الحكم، بغض النظر عن الوسيلة، ما دامت الغاية هي الإطاحة بالرئيس المنتخب، فقط لأنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ولم يكن يعنيها ما قد يترتب عن ذلك من تداعيات خطيرة على الوضع السياسي العام، فهي مستعدة للتحالف مع الشيطان، لإسقاط الإخوان، مهما كان ثمن هذا المسار المُدرّج بالدماء، كما شهدته الست سنوات من حكم السيسي. ومن ضمن هذه الشخصيات، الكاتب والروائي المعروف علاء الأسواني، والذي كان لا يترك صغيرة ولا كبيرة، في عهد مرسي، إلا ويشن انتقادات لاذعة، على الرئيس الراحل محمد مرسي وجماعته، ومع ذلك لم يتعرض في عهده للاعتقال أو للمحاكمة، بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب لرئيس الجمهورية، كما فعل مبارك، ويفعل قائد الانقلاب السيسي مع معارضيهما، وقد كان الأسواني منذ البداية مؤيدا للانقلاب، لكن بعدما امتد بطش السيسي حتى النشطاء والنخب والشخصيات المؤيدة له، لم يبق أمامه من سبيل إلا المنفى الاختياري، خوفا على حريته وحياته. ورغم تراجعه عن تأييد الانقلاب، وتوقفه عن الدعاية للخديعة الكبرى حول حقيقة أحداث 30 يونيو، إلا أنه لا زال حاقدا على الإخوان، رغم الظلم الذي تعرضوا له من طرف الانقلاب الدموي، والجرائم والانتهاكات الوحشية التي ارتكبها في حقهم طوال ستة سنوات الماضية، وآخرها القتل البطء للرئيس السابق محمد مرسي، وهذا ما يكشف عن فقدان لكل مصداقية سياسية أو نزاهة فكرية، أو حس إنساني وأخلاقي، ويفضح مزاعم بعض النخب والمثقفين المصريين، بالدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي تدوينة حديثة على صفحته الرسمية، يؤكد علاء الأسواني أنه غير نادم على اشتراكه في مظاهرات 30 يونيو 2013، وأضاف: "خرجنا للتخلص من حُكم المرشد، وطالبنا بانتخابات رئاسية مبكرة، وهذا حقنا الدستوري"، معقبا: " كل ما حدث بعد ذلك من قمع واستبداد، يُسأل عنه السيسي وحده"، ونحن نقول: بل يُسأل عنه كل من شارك وأيّد ودافع عن هذا الانقلاب، قبل وقوعه في 30 يونيو، وبعد عزل الرئيس المنتخب خارج القانون في 3 يوليوز. بعد مرور ست سنوات على وقوع الانقلاب في مصر، هناك كثير من الذين أيدوه ودافعوا عنه، هم اليوم نادمون على موقفهم، بعدما أصبح قائد الانقلاب، وزير الدفاع السابق الجنرال عبد الفتاح السيسي، يحكم قبضته على جميع مؤسسات الدولة، وفرض حصارا مشددا على الحريات والحقوق، ولم يعد أحد من الشخصيات العلمانية واليسارية، التي أيدته، تجرؤ على انتقاده أو معارضته أو السخرية منه، كما كانوا يفعلون أثناء حكم مرسي، الذي عرف مدة رئاسته القصيرة جدا، أزهى مرحلة سياسية في تاريخ مصر، من حيث توسيع مجال الحريات العامة والخاصة، وحتى الذين كانوا يعارضون حكمه، شهدوا بأنه في عهده لم يعتقل أحد أو يحاكم، بسبب انتقاده أو معارضته للرئيس الراحل رحمه الله.