الإرهاق والشعور بالنعاس من بين أبرز الأسباب التي تتسبب في حوادث سير مؤلمة تخطف أرواح الكثير من مستعملي الطرق في المغرب. وفي آخر بحث أجرته الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، عام 2012، على عينة تتكون من حوالي ألف سائق، أظهرت نتائجه أن حوالي واحد من بين ثلاثة سائقين أقروا بأنهم غفوا أثناء السياقة مرة واحدة على الأقل خلال الشهر الذي سبق إجراء البحث. وكشفت النتائج أيضا أن 15% من السائقين صرحوا بأنهم قاموا بالسياقة لمدة خمس ساعات بدون توقف (500 كلم)٬ في حين صرح 42% منهم أنهم توقفوا مرة واحدة فقط خلال نفس المسافة٬ رغم أن الوضع العادي هو القيام بتوقفين كحد أدنى. وفي فرنسا، وحسب تقرير حوادث السير للعام 2017، فإن عاملا النعاس والإرهاق هما أول أسباب الحوادث المرورية لدى الفئة العمرية من 55 إلى 74 عاما على الطرق الطويلة. وطبقا لنفس التقرير فإن 64% من السائقين يؤكدون أنهم مروا بتجربة النعاس أثناء القيادة، كما يشير إلى أن 25% من حوادث السير المميتة مرتبطة بالنعاس والإرهاق. ويرى المختصون أن هذه الحوادث غالبا ما تحدث في الليل، عندما تكون أجسامنا بحاجة للنوم أو بعد تناول الغداء عندما تكون يقظة السائق وانتباهه أقل. كما يؤكدون أن النعاس قد يكون عائدا إلى عدم إعطاء الجسم ما يحتاجه من النوم أو إلى أخذ الشخص عقاقير معينة أو ربما بسبب تناول الكحول. وقد يعود سبب النعاس، أيضا، إلى عدم احترام مبدأ التوقف وأخذ قسط من الراحة كل ساعتين، ويصبح الأمر خطيرا خصوصا أن القيادة على المسافات الطويلة مملة وتتطلب الكثير من التركيز، فالسائق يأخذ قرارا كل خمس ثوان، والاستراحة، والحالة هذه، ضرورية”، وفقا لباحثين اشتغلوا على الموضوع. ومن هنا، تدق اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير في المغرب ناقوس الخطر للسائقين، وتقوم بحملات توعية لتنبيههم إلى مخاطر السياقة أثناء التعب أو الشعور بالنوم. ومن أجل الحد من “حرب الطرق” التي تؤدي سنويا بحياة أزيد من 3500 شخصا وأكثر من 100.000 مصاب، قامت اللجنة الوطنية بتعميم “ميثاق الوطني لحسن السلوك على الطريق”، وهو دعوة مفتوحة لجميع المواطنين للانخراط الإيجابي في احترام مقتضيات قانون السير والالتزامات بمقتضيات السلامة الطرقية، من خلال التوقيع عليه كإلتزام معنوي وأخلاقي. فليس من الصعب على السائق أثناء القيادة التعرف على علامات التعب والرغبة في النوم، ولعل أبرزها هي التثاؤب المستمر. تنضاف إليها إشارات أخرى منها: – كأن تبدأ عيناك في الارتعاش وبالتالي سيصعب عليك الحفاظ على نظرة ثابتة ما سيتطلب منك التركيز أكثر أثناء القيادة. – الإحساس بآلام في الظهر، التيبس في الرقبة، والرغبة المستمرة في تغيير وضعك أثناء القيادة. – الإحساس بتخدير في الرجلين وعدم الراحة. عوامل تُفاقم تعبك ضرورة اجتناب العوامل التي تفاقم الإرهاق وتسرع بالنعاس: – قلة النوم: جل السائقين المقبلين على القيادة لمسافات طويلة لا ينامون لوقت كاف يحميهم من خطر النعاس. فقلة النوم تفقد السائق تركيزه وتعجل بتعبه. فليلة واحدة من النوم الكافي قبل الرحلات الطويلة ضروري لسلامتك. – وجبة دسمة: تناول وجبة دسمة يسبب النعاس، خاصة بعد الظهيرة فهي فترة خطيرة جدا وجب على السائق أن يبقى متيقظا خلالها. – التبريد والتدفئة: الإفراط في البرودة أو السخونة داخل مركبتك من الأخطاء الشائعة التي يمكن أن تزيد من تعبك أثناء القيادة. لذى يرجى الحفاظ على درجة حرارة معتدلة. – الأدوية: تناول بعض الأدوية قد يؤثر على قيادتك، فلا بد من الاطلاع الدائم على دليل الدواء الذي تتناوله لتجنب نفسك بعض الأعراض الجانبية كالدوار أو النوم. الاستراحة مهمة جدا التوقف عن القيادة والاستراحة بعد كل ساعتين مهم للغاية، وعلى عكس الجوع والعطش فإن النوم لا يمكن كبته، وإذا حاولت مقاومته فسيعود مجددا ليواصل إزعاجه. وتنصح الخبراء السائق بالنزول من المركبة والاستمتاع باستراحة في مكان آمن، وبفتح الأبواب لتهويتها، وتناول الطعام والشراب بشكل معتدل لاستعادة طاقتك ونشاطك. المشي لبضع دقائق والتخلص من شدة التركيز بالتنفس العميق خطوات جيدة أيضا لاستعادة لياقتك قبل العودة للقيادة. أما إذا كنت تشعر بالنعاس فإن الحل السحري الوحيد للتخلص منه هو أخذ قسط من الاسترخاء والاستسلام للنوم لمدة 10 دقائق إلى حدود 15 دقيقة، واحذر من القيلولة الطويلة فهي ستعود عليك بآثار سلبية. لذا يمكنك ضبط منبه الهاتف لإيقاظك في الوقت المحدد. أفكار خاطئة تجنبها يلجأ السائق في الكثير من الأحيان إلى استخدام أفكار شائعة كحيل للتخلص من التعب ومقاومة النعاس. ولكنها لا تفيد إطلاقا بل تضر في كثير من الأحيان. ومنها: – قهوة سوداء: شرب فنجان قهوة لمحاربة النوم أثناء القيادة من الأفكار المنتشرة بقوة. ولكن ما يجب معرفته هو أن الكافيين يحتاج لوقت من أجل القيام بمفعوله في الجسم، وهذه المدة تختلف من شخص لآخر. كما أنها قد لا تؤثر بالمرة على نوم بعض الأشخاص. – الموسيقى: الرفع من صوت الموسيقى أو الراديو تفقد السائق تركيزه ومن الأفضل خفض الصوت والتركيز على القيادة. – التدخين: لا يؤثر فقط على تصرفات السائق، بل يقلص من كمية الأوكسجين داخل المركبة وهذا بدوره يؤدي إلى إحساس السائق بالإرهاق.