بعد مخاض عسير وطويل ألقى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تصريحه الحكومي أمام البرلمانين المغاربة يوم الخميس 19 يناير من هذه السنة ويُنتظر المصادقة عليه يوم الخميس المقبل. يظهر بوضوح من نص التصريح الحكومي أن الحكومة فضلت عرض العناوين والشعارات بدل المقترحات، وفي موضوع الهجرة والجالية المغربية بالخارج لم يأت التصريح بأكثر مما وعدت به حكومة عباس الفاسي في حينه ، بل استنسخ التصريح بعض الوعود التي لم تُبارح رفوف وزارة الهجرة خلال الأربع سنوات الفارطة وتحاشى أية إشارة للحقوق السياسية وإشراك الجالية في شؤون الوطن وفي تدبير شؤونها. يبدو أن حكومة بنكيران تتلافى الخوض في هذا الملف الحامض وفي التدبير الكارثي لهدا الملف من طرف طابور المؤسسات المتدخلة فيه، وتتحاشى طرح موضوع مجلس الجالية المشلول منذ ولادته والمنتهية ولايته شهر دجنبر من السنة الماضية وفضائح تدبيره وفساده بعد أن أزبد وأرغد مناضلي حزب العدالة والتنمية ضد المسئولين عن المجلس وعن سياسات تمييع شأن المهاجرين وحقوقهم. حقيقة وليس فقط عنوانا أن الجالية بدأت تشعر بالتحقير وأن ما جاء في التصريح الحكومي تحت عنوان " تقوية الأداء العمومي لخدمة المغاربة المقيمين بالخارج" ،وأمام هزالة وضعف المقترحات في هذا الشأن لا يسعنا كمغاربة مقيمين في الخارج إلا أن نفهمه وأن نضعه في خانة استمرار الإيذاء العمومي وليس الأداء العمومي وبمباركة حكومية للمواطن المغربي المقيم في الخارج. إن من دواعي الضحك والهزل أن يُفرد التصريح الحكومي ل6 ملايين من المغاربة شعارات فضفاضة ووعود سئمناها ولو نعد نصدقها بعد أن حُرمنا من حقوقنا الأساسية في الوجود والمواطنة التي لا تكتمل إلا بتفعيل المشاركة السياسية للمواطن المغربي حيثما وُجد.ومن الهزل أن يشير التصريح الحكومي إلى رزنامة العناوين الفارغة والشعارات الجوفاء بالقول " وسيظل المواطنون المقيمون في الخارج في صلب أولويات السياسة الحكومية.." أي صلب وأية سياسة يعني السيد رئيس الحكومة؟ ربما صلب التجاهل والتهميش والاهتمام فقط بما يُذره المهاجر على خزينة الدولة من أموال. بعض المتتبعين والخبراء في الهجرة ومنهم الأستاذ عبد الحميد البجوقي في آخر مقال له صدر في بعض المنابر المغربية يشككون عن حق في أي دور للحكومة في تدبير هذا القطاع وأن ملف الهجرة هو الآخر يبقى من صلاحيات السيادة ويدخل في إطار أجندة أمنية بعيدة عن التدبير الحكومي، وفقط يبقى لحكومة بنكيران هامش تعزيز دروس الوعظ والإرشاد الديني التي وعد بها في آخر التصريح الحكومي، وربما بنية استغلاله في إرسال مناضلي وأطر حزب العدالة والتنمية في بعثات قد تُشرف على التأطيرين الديني و السياسي تحسبا لأي تفعيل مفترض لفصول الدستور المتعلقة بحق المشاركة السياسية لمغاربة الخارج. الخلاصة أن ما جاء به التصريح الحكومي خيب ظننا في حكومة السيد بنكيران بعد أن تفاءلنا خيرا، ومآلنا إن لم يكن مصيرنا هو مواصلة العمل من أجل حقوقنا المشروعة ومواطنتنا الكاملة والغير المنقوصة والتشبث بوطن ننتمي له وندافع عنه أحب بنكيران أم كره. الوطن ليس منة ولا صدقة من الحكومة ولا من أي كان وسنواصل مواجهة هذا الأذى العمومي،عفوا الحكومي نصرا لحقوقنا المشروعة وللوطن.