يظهر شمال افريقيا قد أفلت منذ سنة2011 من رجوع ثلاث بلدان الى نظام حكم الجمهوريات الملكية، التي تبدأ من حكم رئيس الجمهورية مدى الحياة، ثم بعده يرث الحكم أحد ابنائه، أو احد إخوته، مثل ما كان ينويه القذافي في ليبيا، وبنعلي في تونس، وبوتفليقة في الجزائر. ويعتبر اعتقال السعيد بوتفليقة من طرف جهاز العسكر في الجزائر ثالث نموذج لسقوط من هذا النوع الذي اشتهر خاصة في سوريا (بشار الأسد ورث والده حافظ الأسد)، وكوريا الشمالية ( كيم جونغ أون ورث والده كيم السونغ)، وكوبا (راؤول كاسترو ورث أخاه فيديو كاسترو )،والغابونGabon (علي بونكو ورث والده عمر بونكو).. وتتميز الأحداث السياسية في ظرفية الجمعة رقم 12 بما يلي : 1- تحريك وزارة المجاهدين، ومحاولة الجمهورية الثانية استغلال مفهوم المجاهد، و هي تحيي ذكرى 8 ماي (عيد المجاهدين) بتكريم بعض عائلات قدماء القتلى ضد الجيش الفرنسي، و ضد فرنسا قبل سنة 1962، وإطلاق أسماء بعض محظوظي هؤلاء القتلى على بعض بنايات العسكر، ومؤسساتهم، وهي سياسة مدروسة، لمواجهة عائلات الحراكة HRRAGA وهم الشباب ضحايا الهجرة السرية الى فرنسا، الذين ظهروا كقوة اجتماعية في صفوف حراك الجزائر، تطالب بتجاوز سياسة المجاهدين وإقرارسياسة بديلة ونقيضها، وهي كشف مصير ضحايا الحريك، والحوار مع عائلاتهم، وهي مطالبة تلغي فكرة الإستقلال، وسياسة كون العسكر هو "سليل المجاهدين" التي تروجها "قيادة الأركان ووزارة الدفاع".. وتعززت هذه السياسة النقيضة بهروب كبار الضباط المتقاعدين بأموالهم وأولادهم الى فرنسا…وجزء كبير من هذه السياسة على سبيل المقارنة تمارسها أجهزة الحكم في المغرب عن طريق مايسمى بالمندوبية السامية للمقاومين وأعضاء جيش التحرير وسكن كبار الحكم بفرنسا.. 2- منح الحكومة الجزائرية 5 رخص لإنشاء نقابات عمالية جديدة في الجزائر، وهي نوع من الإنفتاح على التعدد النقابي، لمواجهة سياسة النقابة الوحيدة التي كانت تتبع لما يسمى بالعصابة، الى جانب حزب جبهة التحرير الوطني حيث يتوفر البلد على حزب حاكم دائم ونقابة حاكمة دائمة… 3- اعتقال جينرالين متقاعدين طرطاق، وتوفيق، مع لويزة حنون، والسعيد بوتفليقة، قصد تجسيد مفهوم "العصابة"الذي أطلقه جهاز رئاسة أركان العسكر الوطني الشعبي، وانتشر في صفوف الحراك، وهي كذلك سًياسية مدروسة من أجل حماية بقية " الباءات" وهما نور الدين بدوي، وَعَبد القادر بنصالح، اللذين يرأسان الدولة والحكومة لكي لايعتبرا في ذهن عامة الناس أنهما من العصابة التي حكمت البلاد قبل استقالة عبد العزيز بوتفليقة أي تقليص العصابة لكي يمتد الى الآخرين.. 4- اعتقال لويزة حنون رئيسة حزب العمال، بتهمة المس بسلطة الجيش، ويستعمل مصطلح "سلطة الجيش"وهو سلطة فريدة من نوعها في أنظمة الحكم المعتادة في القوانين التي لاتعترف سوى بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، فيكون الجيش في الجزائر سلطة رابعة. وبالمقارنة بالمغرب فإن العسكر ليس سلطة. وهو جيش ملكي. ولويزة حنون ترأس مدى الحياة حزبها الصغير ألذي يراد من اعتقالها تحجيم الفساد الحزبي الفعلي في اليسار المفتعل لتغطية الفساد في صفوف أحزاب اليمين العسكري وفلوله في صفوف أثرياء السلطة المدنية، ولم تذكر الصحافة أن المعتقلين سمح لهم بتنصيب محامين ولا احترام حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم ولم يظهر أي محام يتحدث عنهم في مرحلة الإعتقال مما يجعل عمليات الإعتقال تشوبها شكوك كثيرة وغموض .. وغياب هيأة المحامين ومنظمات حقوق الإنسان!؟ 5- بداية تشديد جهاز الحكم لإجراءات القمع مثل منع الإفطار الجماعي للمشاركين في الحراك، وهو منع مني بالفشل، نظرا لكثرة المشاركين في الالحرا بعد أن كان ما جهاز الحكم يظن أن عوامل صوم رمضان وحرارة الطقس ستقلل عدد المشاركين في هذا الفطور الجماعي.. 6- يبدو أن قايد صالح أنهى جولاته المكثفة في الجهات وخطبه التي كان يلقيها، وكان الهدف منها التحضير لاعتقال بعض الضباط والمدنيين الذين يريد وضعهم في السجون، ويبقى سؤال ماذا بعد الإعتقالات؟ خاصة بعد ذكر اسم الجينيرال ليامين زروال رئيس الجمهورية السابق، والجينرال خالد نزار في مناسبة هذه الإعتقالات ووجود اتصالاتهما مع المعتقلين قبل وضعهم في السجن العسكري، 7- ظهور قفة رمضان في الجزائر بنفس الإسم والتطبيق الممارس في المغرب، وتفاهة المواد التي توضع في القفة، لترويج سياسة استقطاب الجياع والفقراء الى تأييد سياسة الحاكمين، وتغطية نهب أموال الغاز والبترول والفوسفاط، والتعبير المنافق عن العطف على الفقراء. وختاما، تبدو تحليلات وضعية الجزائر بعد الجمعة 11 اكثر صعوبة وتعقيدا، وتزداد الشكوك حول من سيؤدي فاتورة فساد النظام الحاكم منذ سنة 1962؟ هل سعيد بوتفليقة وبعض الضباط المتقاعدين نيابة عن 70000 متقاعد؟ وهل لويزة حنون نيابة عن كل السياسيين الحزبيين الذين استفادوا من الفساد والتبعية للعسكر؟