الجمعة الحادية عشرة هي مناسبة برزت فيها النقاشات العميقة حول الحلول القانونية والسياسية لمرحلة انطلا ق 22 فبراير 2019، وبدأت تطرح الأسئلة مثل ما مصير الحراك؟ وما هي نتائج11اسبوعا مضت؟ ونتناول في مناسبة الجمعة الحادية عشرة الجوانب التالية: 1- البلد تداهمه المواعيد الدينية وخاصة صوم رمضان، وموسم الحج الذي استغلته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف المنتمية الى حكومة بدوي، والوزير بومهدي يوسف, المصنف من الوجوه الجديدة، (خلفا لمحمد عيسى )المكلفة بدين الدولة، وكان قبل تعيينه في حكومة بدوي مكلفا برئاسة رابطة علماء وأئمة دول الساحل، التي تتنافس على السيطرة عليها حكومتا المغرب والجزائر. وبالمقارنة بين السياسة الدينية المغربية والجزائرية، يلاحظ أن وزارة احمد توفيق بالمغرب تسمى”وزارة الشؤن الإسلامية ” بينما هي في الجزائر “وزارة الشؤن الدينية” دون تحديد نوع الدين. وقد تعرضت السياسة الدينية للجمهورية الأولى في الجزائر لانتقادات صادرة عن الحراك، ومنها رفض الأئمة لإملاء الوزارة للخطب الدينية، ومحاولة انشاء مجالس العلماء والأئمة منتخبة ومستقلةً عن رؤوس السلطة، ممايجعل الإئمة والفقهاء في الجزائر الحراكية يشكلون عنصرا مهما في الحراك ويتجاوزون الأحزاب الدينية الذيلية لسياسة دين الدولة، وتم تركيز استقطاب الفقراء بتوزيع بعض الإعانات بمناسبة شهر رمضان كما تفعل أجهزة الحكم في المغرب .. 2- السماح ل18حزبا جديدا بعقد مؤتمراتها التأسيسية، هذه خطوة إيجابية نحو تكسير الإحتكار الحزبي الذي يعاني منه في المغرب كل من يريد تأسيس حزب سياسي أونقابة عمالية جديدة، ونقلت الصحافة بعض الإحصائيات تفيد تأسيس أكثر من خمسمائة جمعية جديدة في أسرع وقت، مما يدل على أن الحراك حقق تقدما نسبيا في رفع قيود الحكم على تأسيس الأحزاب والجمعيات. وأهم ما وقع هو إنشاء جمعية مستقلة للصحافيين، بمناسبة 3ماي 2019 ذكرى اليوم العالمي للصحافة، وتهدف الجمعية الى تفكيك سياسة احتواء مجلس الصحافة .. 3- متابعة بعض العسكريين والولاة المتقاعدين قضائيا، ولم يتابع أحد من غير المتقاعدين؟ إحالة مدير الأمن الجزائري سابقا الجينيرال عبد الغني الهامل وابنه على المحكمة بتهم الفساد، وقد عين مكانه الكولونيل مصطفى الهبيري، كرئيس للشرطة، تم عزله من طرف بوتفليقة وتعيين عبد القادر بوهدبة مكانه وهو أول شرطي مهني يخلف العسكر على مديرية الأمن الجزائري التي توارثها العسكريون منذ إنشئها.. وبالمقارنة مع المغرب، لم يعين العسكريون على رأس الشرطة بعد عزل الجينيرال العنيكري وقتل الجينيرال الدليمي، والصراع بين العسكر في قيادة الشرطة في الجزائر بدأ بارزا في اغتيال المدير السابق الكولونيل علي تونسي، في مكتبه (25-2-2010). ولا ننسى هنا تدخل العسكر في السياسة في مرحلة الحراك عرف توقيف الجينيرال طرطاق، مدير المخابرات العسكرية، و كانت عملية محاولة سحب العسكر من السياسة قد طرحت ظاهريا بعد تراجع جهاز الحكم عن الحزب الحاكم الوحيد الذي كان يسمح بانخراط العسكريين، وصدور قانون الأحزاب بعد استقالة الشاذلي بنجديد من رئاسة الدولة. 4- تحريك متابعات مجلس المحاسبة الذي يشبه في المغرب المجلس الأعلى للحسابات، لكن ملفات محاكم الحسابات لم تعرف نتائج ملموسة في مرحلة الحراك حتى الأن. 5- ظهرت معركة عمالية لتنحية سيدي السعيدي عن رئاسة الإتحاد العام للعمال الجزائريين UGTA ولم يستطع عمال المغرب التخلص من قيادات الرؤساء مدى الحياة (الأموي، المحجوب بن الصديق، مخاريق….. ).. 6- الخروج من الدستور تعتبره أركان العسكر خروجا عن سيطرتها، دسترة وعسكرة ،هو جوهر السياسة الكبيرة في الجزائر، والدخول في حل سياسي توافقي هو السياسة الكبرى البديلة التي يرددها الكثيرون من منظري الحراك، الذين يحاولون ترويج مصطلح” الشخصيات التوافقية” ذاكرين بعض الأسماء (حمروش مولود ، ليامين زروال، طالب إبراهيمي، بوشاشي ، بن بيتور…)ويسمونها شخصيات توافقية، لكن هي وجوه قديمة، تولت المناصب في فترة الجمهورية الأولى. والعرف السياسي في الجزائر منذ سنة 1962 هو حكم الجيش: (بومديان، زروال، خالد نزار، بنجديد العماري …).. وعندما حاولت الجزائر بداية حكم مدني وإجراء انتخابات حرة ظهر حزب FIS كقوة سياسية مدنية، منافسة للحزب الوحيد الذي يسيره العسكر ويحكمون باسمه، فتم منعه والإنقلاب عليه.. 7- بدأ يتأكد أن المسلسل الإنتخابي مستحيل لأنه بطئ، وهو مرتبط بالدستور الذي يعتبره الحراك ميتا ومرتبطا بالوجوه القديمة التي تحاسب ماليا، ومطالبة بالرحيل، رحيل بنصالح يعني موت الدستور وأركان الجيش تتمسك ظاهريا بالدستور لكنها تؤيد استمرار الحراك، وهنا تناقض بين تأييد مطالب الحراك وتطبيق الدستور… 8- الوحدة الوطنية يقصد بها في لغة أركان الجيش ومنظري التعريب، طمس حقوق الذين تعرضوا للسجون، وأحيانا التعذيب والقتل من المزابيين، والقبائليين، والطوارق، والشاوية، ومن هؤلاء كثير من السجناء والمنفيين، وعائلات ضحايا هؤلاء (قتل الشاب كرماح، ومعتوب لوناس، وسجن الدكتور فخر الدين….) ومحاربة الفساد السياسي لايشمل فقط رد الأموال العمومية للشعب وإنما يشمل أيضا ضحايا القتل والتعذيب والسجون.. وختاما يلاحظ بمنهج المقارنة أن تجربة الحكم في الجزائر فيها كثير من النقل عن فرنسا، والنقل المتبادل بينهما، وهو مايجعل حراك الجزائر في جوانبه الإيجابية والسلبية سيتعرض لظاهرة النقل.