تعهد الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، الثلاثاء، ب”العمل بإخلاص” من أجل إعادة الكلمة للشعب لانتخاب رئيسه. جاء ذلك في أول تصريح لبن صالح، رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان الجزائرية)، إثر توليه تلقائيا مهام رئيس الدولة مؤقتا لثلاثة أشهر خلفا للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن البرلمان شغور منصبه، اليوم، بعد أسبوع من استقالته إثر انتفاضة شعبية دامت أسابيع.
جاء ذلك بعد جلسة للبرلمان بغرفتيه انعقدت بالعاصمة، اليوم، لترسيم شغور منصب رئيس الجمهورية بناءً على قرار من المجلس الدستوري. وقاطعت الجلسة أهم أحزاب المعارضة بدعوى أن بن صالح هو أحد رموز نظام بوتفليقة الذين طالب الشعب برحيلهم. وجاءت الجلسة طبقا للمادة 102 من الدستور التي تنص على أن “في حال استقال رئيس الجمهورية أو توفي، يجتمع المجلس الدستوري وجوبًا، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورًا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان، الذي يجتمع وجوبًا”. ووفق نفس المادة، فإن رئاسة البلاد مؤقتا تعود إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي سيتسلم آليا مقاليد الحكم لمدة أقصاها 90 يومًا، تنظم خلالها انتخابات رئاسية لن يترشح فيها حسب نفس المادة. وفور انتهاء الجلسة، قال بن صالح الذي تولى منصب الرئاسة رسميا: “لقد فرض علي الواجب الدستوري تحمل المسؤولية الثقيلة وسوف تكون بتوفيق الله الى تحقيق الغايات المرجوة”. وتعهد بأنه “في الفترة التي تقدم عليها الدولة سأعمل بإخلاص من أجل الوصول في أقرب موعد لإعادة الكلمة للشعب لانتخاب رئيس الجمهورية وفق قراره السيد”. وأضاف: “أسدي خالص العرفان للشعب الذي عبر عن وحدته وتمسكه بالوطن ورفع شعار التغيير الايجابي” كما أشاد “بدور الجيش الوطني الشعبي الذي أدى وظيفته بمهنية عالية في هذه المرحلة”. من هو بن صالح استهل بن صالح حياته العملية منتصف الستينات من القرن الماضي، في المجال الصحفي ليصبح مديرًا لجريدة “الشعب” الحكومية، ومراسلًا لجريدتي “المجاهد الأسبوعي” و”الجمهورية” الحكوميتين. ثم بدأ الرجل حياته السياسية في العام 1977، عندما انتخب نائبا برلمانيًا عن ولاية تلمسان (غرب البلاد)، لثلاث فترات متتالية. غادر العمل البرلماني منتقلا إلى السلك الدبلوماسي، عندما عُيّن سنة 1989 سفيرا لبلاده لدى السعودية، ثم ناطقا باسم الخارجية عام 1993. عاد لامتهان العمل النيابي، رئيسًا للمجلس الانتقالي (برلمان أزمة التسعينات)، قبل أن يؤسس رفقة ساسة آخرين، حزب “التجمع الوطني الديمقراطي” (من الائتلاف الحاكم) وتولى رئاسته سنة 1997. تدرج بن صالح في المسؤوليات إلى أن وصل لمنصب الرجل الثالث في الدولة، عندما انتخب رئيسًا ل”المجلس الشعبي الوطني” (الغرفة الأولى للبرلمان) في الفترة من 1997 – 2002. في العام 2001، اشتد الخلاف بين بوتفليقة، ورئيس مجلس الأمة آنذاك، بشير بومعزة، وعُزل الأخير من منصبه، ليخلفه عبد القادر بن صالح، صيف 2002. ومنذ ذلك التاريخ، يشغل بن صالح منصب الرجل الثاني في الدولة، ولم تتزعزع ثقة رئيس البلاد في شخصه، رغم أن انتخابات التجديد النصفي للغرفة الثانية للبرلمان تتم كل 3 سنوات. وعقب إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية عام 2013، بات بن صالح الممثل الشخصي لبوتفليقة في المحافل الإقليمية والدولية، وبالأخص في دورات جامعة الدول العربية. وعرف بن صالح بخطاباته الممجدة لإنجازات بوتفليقة وبرنامجه، واشتهر في السنوات الأخيرة بإطلاقه وصف “الأصوات الناعقة”، على معارضي بوتفليقة والمشككين في نزاهة الانتخابات الرئاسية لسنة 2014. بعد ظهور أحداث “الربيع العربي” عام 2011، عيّن بوتفليقة، بن صالح على رأس هيئة المشاورات الوطنية، تمهيدا لإصلاحات سياسية واقتصادية. ورفع رئيس هيئة المشاورات، تقريرا شاملا عقب لقاءات مع رؤساء أحزاب وفعاليات المجتمع المدني وشخصيات وطنية، تمت بلورته في جملة من القوانين صدرت سنة 2012.