اعلم يا سيدي ، يا أنا أن الناس حظوظ وأصوات وصمت وشذرات يقين. الناس حزن وخوف وفرحة وانتظار غد ... الناس أقنعة ووجوه صامتة ومبتسمة وضاحكة وشاحبة وخائبة. التاريخ يا سيدي المصطفى ينطق بكل التحولات التي شهدتها الطبيعة ولكنه لم يعرف قط تغييرا طرأ على الناس فقد ظلوا أطفالا كما منذ عهدهم الأول كانوا أرجو المعذرة لأنني وصلت متأخرا ... أو فهمت بعض الأشياء متأخرا. ربما كانت اللحظات التي أكون فيها حبيس أعماقي تطول بي كفصل شتاء فلا أهتم بما حولي وأقضي ساعات طوال أتجول داخل تضاريس ذاتي فتأكل وقتي كله جبالها وسهولها ووديانها التي لا أفرق بين منبعها ولا مصبها فأتيه فيها وأَنْسانِي كطفل أضاع يد أبيه في زحمة سوق. سامحني يا سيدي يا أنا .... أنا من لم أعلمك كيف تسرق القمر من لياليه الباردة. ولا كيف تقصم بيني و بيني ظهر المسافات . ولا كيف ترسل إلى منفاها الأخير تلك الأحلام التي تسكنها رائحة الحقائب المغلقة ...