فارهيلي: زيارتي للمغرب أكبر دليل على قوة الشراكة بين بروكسل والرباط    المغرب يفقد 12 مركزاً في مؤشر السياحة.. هل يحتاج إلى خارطة طريق جديدة؟    عدد الاشتراكات في خدمة الإنترنت يفوق 42 مليون في المغرب    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    غرق مركب سياحي في مصر يحمل 45 شخصاً مع استمرار البحث عن المفقودين        مليون طفل مسجلون في التعليم الأولي ونسبة التعميم تبلغ 83%    حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية بالرباط    الرباط: عبد اللطيف حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة بمملكة بلجيكا    الجزائر … تحتضن أعوانها في انفصال الريف    أخبار الساحة    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة        انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل    "الاتحاد المغربي للشغل" يقدم للحكومة ملاحظاته على مشروع قانون الإضراب ويرفض تقييد وتجريم هذا الحق الدستوري    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزكيدة وسقيفتها: استرجاعات


اعمر التغلاوي

كثيرة هي الصور الجميلة التي تراكمت في مخيلتنا ونحن صغارا نلهو ونلعب، نجري ونتعارك بين دروب مزكيدة، وأمام بوابتها، وبين نخيل العريسة، و جنان السبوعا، (الاسود ) في قن البرج، ورك اهرا...
صور لم نكن نفهم مكوناتها، ولا نستطيع فك رموزها، كانت حينها القرية دائمة الحركة صيفا وشتاء، أما ربيعها فلم يأتي بعد.
صور أحاول إعادة ترميمها من خلال الكتابة، والغوص من أجل استنطاق مكنونها، شخوصا كانت أو فضاءات، وبالمناسبة فإنني أجدد التحية إلى الكاتب زايد جرو، وليد هذه القرية على التفاتته اتجاه ذاكرة احساين بوشقيفة، ويعذرني أن أزاحمه في إعادة الحياة إلى الذاكرة الفردية والجماعية لبلدتنا، ومساءلة الفضاءات التي أثثت قريتنا الجميلة.
في هذه الحلقة سأحاول النبش في ذاكرة فضاء ظل لقرون طويلة راسخا في الذاكرة الجماعية لأهلنا هناك، فضاء رسم ملامح العلاقة بين جميع مكونات القرية إن على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، بل تعداه إلى بلورة صكوك تواصل بين القرية وجيرانها.
السقيفة، هذا الفضاء الذي يتواجد على أعتاب البوابة الأولى للقرية قبل الترميم الأخير الذي أجهز على السور المتقدم، ورمى بجزء من تاريخ البلدة تحت التراب.
السقيفة، التي نفتقد اليوم إلى رؤية تاريخية واضحة حولها بحكم أن تاريخ البلدة برمته ظل رهين الرواية الشفوية، رحم الله حماتها من أمثال الحاج بن الجيلالي، والحو اعمو، والطالب علي وغيرهم، وكم كانت الحاجة ماسة إلى تدوين هذا التاريخ من أجل مثل هذه اللحظة وغيرها.
لقد شكلت السقيفة برلمان القرية، يجتمع فيها رجالها يتداولون في الصغيرة والكبيرة، متكئين على جدرانها، كان الشيخ والمقدم والباقون يبرمون الصكوك العرفية التي تؤطر الحياة الجماعية على طول العام، وقد تدوم المداولات أياما قبل البث في القضايا المطروحة وعرضها على العامة من خلال البراح أو مكبر الصوت.
أتذكر جيدا أن السقيفة هاته ضمت بين جنباتها رجالا عرفوا بحنكتهم في تدبير الخلافات، بصرامتهم في رد الحق لأهله، وكم من مرة عرضت قضايا الجيران فوجدت حلا، وكم من مرة تفاوض المجتمعون حول قضايا الري فوجدت طريقا الى التوافق، وكم من مرة شكل تنظيم الغابة موضوع مشاورات فحصل الاتفاق، وفي هذا الشأن أتذكر ظاهرة النزول أو ما اصطلح عليه ب (ربعة:04 )، وهي عبارة عن وليمة يجبر المدعى عليه أن ينظمها على شرف أربعة أشخاص من القرية، علما أن اختيار هؤلاء الأربعة يتم بالتناوب، وتأتي هذه العقوبة ضد من ضبط في أوقات معينة في الغابة يجمع البلح أو الحطب أو غيرهما، وكم كانت فرحة الأهالي كبيرة بهبوب الرياح، إذ لحظتها يقع الاستثناء فينتهي العرف مؤقتا من أجل الحق في جمع البلح، وكم كنا نتسابق من أجل الفوز بأكبر حصة، وكانت للبعض معرفة كبيرة بالنخيل الذي يجود في مثل هاته اللحظات.
بين جدران السقيفة، والرجال يتداولون، تسكن الحركة أمام القرية، فلا نرى امرأة تلج البوابة، ولا طفلا يلهو، والواقع أن نساء القرية يجدن حرجا كبيرا في الدخول عبر باب القصر على طول اليوم، وغالبا ما كن يخترن الخراجيات (أبواب المنازل المفتوحة على جنبات البلدة )، حتى إذا سألت الواحدة عن السبب يكون الحياء مسوغها، ولا أخفي أن بعض رجالاتنا كانت لهم أعين يبصرون بها من تحت، يستتبعون خطوات النساء على اعتاب البوابة، بل وأشتهر منهم من كانت له دراية في معرفة كل سيدة تمر على جمع الرجال رغم تواجدها خلف حايك أسود لايبقي منها الا عينا واحدة.
لقد كانت سقيفة مزكيدة بمثابة دار الندوة في مكة حيث كان رجالات قريش يتداولون، أو سقيفة بني ساعدة في المدينة حيث التوافق والتواصل في أجل صوره.
تلك بعض الاسترجاعات التي حضرتني وأنا أتأمل صورة بلدتي الغالية، صورة لم تكتمل، وسأعود إلى إتمامها في القادم من الحلقات بحول الله تعالى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.