يتوجه عدد كبير من المصابين بالأمراض العقلية والنفسية الأضرحة، حيث يشتهر دفينوها بقدرتهم على علاج أنواع مختلفة من الأزمات والأمراض النفسية والعقلية، بحثا عن الشفاء المحتمل، من بركة هؤلاء، بعدما فقدوا الأمل في الأطباء وأدويتهم الباهظة الثمن.
"بويا عمر"، أحد الأولياء الذين ذاع صيتهم، وضريحه أشهر أضرحة المغرب "المتخصصة في داء الصرع والاضطرابات النفسية"، يوجد بجماعة العطاوية، إقليمقلعة السراغنة، وهو ملجأ وملاذ للعديد من الأسر، يؤوي مرضاها، بعد أن يئست من التردد على المستشفيات والأطباء، أو فقط لأنها تؤمن ببركة هذا الولي، حتى لو كلفها الأمر المكوث فترة طويلة مع المريض في هذا الضريح، وتتبع مختلف "حصص" الاستشفاء، المثمتلة في حبس المريض أوتكبيله، وتركه يطلق العنان للصراخ وجلده، كل هذا على مرأى من الأسرة التي وإن كانت تتألم لهذا التعذيب، فهي تثق في الشفاء القريب. قال العربي، الذي يعاني ابنه، الذي كان يشتغل بالديار الايطالية، وأصيب بحادثة سير بالمغرب، من مرض نفسي وعقلي ،ل"المغربية" إنه " يعاني ماديا ومعنويا من أجل معالجة ابنه الذي كان كله حيوية ونشاطا، إلا أنه أصبح في حالة تدعو للشفقة، مضيفا أنه " عرضه على العديد من الأطباء الذين لهم باع طويل في الطب النفسي والعقلي، من أجل علاجه، الشيء الذي كبده مصاريف كثيرة لم يعد يقوى على تحملها. العلاج، حسب هذا الأب، يقتصر على بعض الأقراص والحقن المسكنة، التي حين ينتهي مفعولها يتحول المريض إلى ثور هائج لا يستطيع أن يوقفه احد، ويصبح عنيفا، فكم مرة أخذه إلى المستشفى حيث يمكث لبضعة أيام، لكن عندما يقترب وقت خروجه ينتاب الرعب جميع أفراد العائلة، التي عانت كثيرا من بطشه وعنفه، بحيث يقوم بضرب كل من صادفه أمامه، كما انه يكسر جميع أغراض وأواني المنزل. الجيران بدورهم ينتاب أبناءهم الخوف، وأصبحوا يتخذون جميع التدابير من أجل أن يتفادوا الاصطدام به في الحي، لان الضرب أصبح أحد سماته المفضلة، يضيف أب هذا المريض العقلي، ضحية حادثة سير " كم مرة سجن ابني نتيجة سب وشتم وضرب المارة بالشارع ضربا مبرحا " فيجري إيداعه مستشفى للأمراض العقلية، لكن حين يفرج عنه، يكرر الفعل نفسه، الذي يعتبر جرما يعاقب عليه القانون، فنصحه بعض الأصدقاء بأن يجرب بركة وعلاج الأضرحة المشهود لها بالقدرة على علاج الأمراض النفسية والعقلية، فأخذه إلى ضريح أحد الأولياء يوجد بإقليمالجديدة، حيث جرى ربط يديه ورجليه بالسلاسل، مؤكدا أن أبنه يرتاح هناك، مما دفعه إلى أن يكتري له حجرة قريبة من الضريح عند إحدى الأسر، التي تتكلف بمهمة القيام بحراسته مقابل مبلغ مادي شهريا إلى جانب مصاريف الطبيب والأدوية التي لا يمكنه التخلي عنها". أما احمد العنيني أخ عصام (26 سنة)، المصاب بمرض عقلي منذ ثلاث سنوات، فصرح ل"المغربية" بأن أخاه "كان مدمنا على تناول المخدرات بجميع أنواعها حتى الرديء منها التي تتلف الأعصاب وخلايا الدماغ، وكانت السبب في إصابته بمرض عقلي كلفهم ماديا ومعنويا، وجعله لا يتردد في ضرب جميع أفراد الأسرة لكي يمدوه بالمال لاقتناء المخدرات، وعند رفضهم يقوم بسبهم وشتمهم وضربهم"، وقال إنه "عرض عصام على العديد من الأطباء،. العلاج في نظره يقتصر على مده بالأقراص المهدئة، التي تجعله مستلقيا طيلة اليوم، بالإضافة إلى انه أخذه إلى ضريح " بويا عمر" ملتمسا شفاءه، وأكد على أنه " في البداية جرى ربط يديه ورجليه بالسلاسل حتى لا يؤذي نفس أو أي شخص آخر، لأنه كان عنيفا جدا، ولا يتواني في اقتراف بعض الأفعال التي يعاقب عليها القانون، فكان من الضروري أن يمكث بهذا المكان من أجل العلاج"، ولكي يطمئن عليه اضطر إلى أن يوكل مهمة الاهتمام به إلى بعض الحراس المداومين هناك مقابل مبلغ مالي شهريا، نظرا لأنه لا يستطيع القيام بذلك لأنه يشتغل ولديه أطفاله". أما عائشة، أم رفيق (26 سنة) فقالت ل"المغربية" إنها " تشفق على حال ابنها الذي لا تعرف لحد الآن كيف أصيب بهذا المرض، لأنه كان إنسانا سويا ومنضبطا، إلى أن فارق والده الحياة ولم يقو على تحمل الصدمة، فتدهورت صحته النفسية شيئا فشيئا، خاصة أنه كان يرفض أن يزور الطبيب النفسي. وبرر ذلك بأنه ليس مجنونا، إلى أن تدهورت حالته النفسية والعقلية وأصبح فاقدا للوعي وعنيفا جدا" مشيرة على أنها "تضطر "لأخذه للمستشفى كل يومين لحقنه بمسكن مؤقت، بالإضافة إلى تناوله لبعض الأدوية المهدئة، والتي ينتهي مفعولها بمجرد توقفه عن تناولها، لا سيما أنه أصبح لديه ميول للانتحار مما يستدعي مراقبته باستمرار، فهي تداوم على زيارة الطيب، ومن أجل علاجه لا تتردد في اصطحابه كذلك لزيارة بعض الأضرحة التي تشتهر بقدرتها على علاج الأمراض النفسية والعقلية، مما يضطرها أحيانا إلى البقاء معه هناك لمدة طويلة، خوفا عليه أن يصاب بمكروه، مضيفة أن" منظر السلاسل التي توضع في أيدي وأرجل ابنها كي لا يؤذي نفسه أو أي شخص آخر في الضريح يؤلمها ".