في إطار فعاليات ملتقى سجلماسة السابع عشر لفن الملحون دورة الحسين التولالي احتضنت قاعة مركز البحوث والدراسات العلوية بالريصاني ندوة فكرية في موضوع الملحون بين الدراسة والتدريس بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين وفي مقدمتهم الباحث الموسوعي عبد الرحمان الملحوني الذي تحدث في مداخلته عن مراكشوفاس وسجلماسة كثالوث ساهم بشكل كبير في رعاية فن الملحون منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، مشيدا بجهود العلامة محمد الفاسي الذي يعتبر أنموذجا في خدمة فن الملحون بداية بدارساته وأبحاثه القيمة التي تعتبر مرجعا للباحثين والدارسين، مرورا باستشارته مع الملك الحسن الثاني من أجل جمع شتات الملحون في لقاء تاريخي جمع أزيد من 100 شاعر وناظم ومنشد وعازف أسفر على ضرورة إعادة النظر في هيكلة مشيخة الملحون (شيخ لاشياخ) واختيار أحسن منشد على المستوى لوطني (حرف ومعنى) وإحداث جمعية وطنية تعنى برجالات الملحون والتي مع الأسف الشديد لم تر النور لأساب فضل الباحث عبد الرحمان الملحوني عدم ذكرها.. لينتقل بعد ذلك للحديث عن ملتقى سجلماسة الذي جاء باقتراح من وزير الثقافة آنذاك بنعيسى سنة 1988 هذا الملتقى الذي أصبح تقليدا سنويا يحرص المشتغلون على هذا الفن عزفا وإنشادا ونظما وبحثا ودراسة على حضوره خاصة وأنه يتم على مهد الملحون تافيلالت العريقة، مشيرا إلى أن جمعية الشيخ الجيلالي امتيرد - التي كان لها شرف احتضان أول مهرجان وطني للملحون بمراكش سنة 1988- تسعى جاهدة إلى توثيقه حتى يستفيد الباحثون والمهتمون من مساهمات المشاركين في ندواته الفكرية، مناشدا الجهات مديرية الثقافة لجهة مكناس تافيلالت إلى بذل الجهد من أجل توثيق باقي الندوات الفكرية حتى لا ينحرف الملتقى عن مساره.. ولم يفت الحاج مولاي عبد الرحمان الملحوني الإشادة بالطلبة الجامعيين بمدينة فاس التي تعتبر معقلا من معاقل فن الملحون وذلك بتوثيقهم لهذا الفن من خلال بحوثهم ورسائلهم الجامعية، ليختم مداخلته القيمة بأن التوثيق والعمل الجاد في سبيل خدمة الملحون هو الدليل والبرهان لتفنيد إدعاءات الذين يطعنون في الملتقى ويعتبرونه نشاطا يهدر فيه المال العام، في إشارة إلى المعطلين الذين نددوا بالملتقى في سابقة من نوعها بمدينة أرفود مساء السبت. وفي مداخلة له بالمناسبة أشاد الفنان والباحث محمد العلمي بجهود الباحثين الذين أوقفوا كل جهودهم على دراسة الملحون والتعريف به من خلال العديد من الدراسات والأبحاث التي أغنوا بها المكتبة الوطنية كالمرحوم محمد الفاسي وأحمد عبد السلام البقالي وعباس الجرري والحاج عبد الرحمان الملحوني ومحمد أمين العلوي الديبي وأحمد سهوم والقائمة طويلة بالإضافة إلى الطلبة الذين يشتغلون على هذا الفن كمساهمة منهم في التعريف به، متسائلا هل ما وصلنا من دراسات رواد البحث والنصوص والمراجع يعتبر كافيا؟ وهل فعلا وجد الباحثون ضالتهم في هذه المراجع؟ مؤكدا على ضرورة مواصلة ما بدأه الأولون من بحث وتنقيب من أجل إغناء المكتبة الوطنية أكثر فأكثر. أما محمد أمين العلوي الديبي فقد حاول من خلال مداختله "حصيلة البحث في شعر الملحون مقاربة بيلوغرافيا" التعريف بمشروع كتابه "بيلوغرافيا في فن الملحون" تشمل الخزانات، والأطروحات والرسائل الجامعية، والمقالات والمخطوطات... والتي جاءت كمساهمة متواضعة كما قال لسد الفراغ الذي يعاني منه الباحثون في الأدب الشعبي خاصة شعر الملحون. أما مداخلة الباحث محمد الكاوزي بعنوان "الدعامات الأساسية لدرسة وتدريس شعر الملحون بالمغرب" فقد استهلها بجملة من الأسئلة الجوهرية من قبيل ماهي الجوانب التي يجب علينا القيام بدراستها؟ وما هي المقاصد الكبرى من وراء ذلك؟ وما هي الجهة التي سيوكل لها تدريس فن الملحون؟ وما هو موقع الملحون في المعاهد الموسيقية؟ وكيف يمكن إيصال المادة بطريقة علمية صرفة إلى المتلقي؟ وعلى أي أساس ستبنى المناهج؟ وما هي الشروط الواجب توفرها في الأطر المدرسة؟ وما هي المؤسسات التربوية التي سيتم فيها تدريس الملحون؟ ومن أين سيأتي الدعم المادي لمشروع تدريس الملحون؟ مقدما كذلك مجموعة من الإاقتراحات التي من شأنها النهوض بفن الملحون كالعمل على جمع النصوص وتدوينها، ودعم المواهب الشابة في هذا المجال، والابتعاد عن الحفظ الآلي من الكاسيت، وتحديد هوية الملحون عما سواه من الأزجال الأخرى، وفتح معاهد خاصة بسائر التراب الوطني، ودعم منتوجات المهتمين من شعراء وباحثين وعازفين..، وخلق خزانات الملحون في مختلف المعاهد الموسيقية، وتحييز مكان للملحون في المكتبات العمومية، والتعجيل بعقد المؤتمر الثاني لحاضرة الملحون... وفي مداخلة للأستاذ محمد السراج بعنوان "فن الملحون من النظم والإنشاد إلى الدراسة والتدريس" فقد ركز فيها على أهمية تدريس قصيدة الملحون والتعجيل بأجرأة ذلك نظرا لجاهزيتها إذ تتضمن عناصر مفقودة في القصيدة العربية، كما أشاد السراج بدوره ببحوث طلبة الأدب العربي بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية التي تحاول النبش في هذا الفن العريق، مؤكدا على أن فتح معهد للملحون فوق أرض تافيلالت كما وعد بذلك وزير الثقافة بمناسبة الدورة الخريفية لجامعة مولاي علي الشريف يعد حافزا من حوافز النهوض بهذا الفن دراسة وتدريسا.. أما محمد بن الشاد العلوي فقد استهل مداختله بكون الملحون رصيد حافل نظرا لقيمته الثقافية والفكرية واعتبر موضوع دراسته يلزم كل المؤسسات، مشيرا إلى أن الخدمة التي قام بها الدرسون في هذا المجال كعباس الجراري ومحمد الفاسي وعبد الرحمان الملحوني وأحمد سهوم وعبد الله شقرون تستوجب منا أن نقف لهؤلاء إحتراما وإجلالا، كما أشاد بمركز الدراسات في شعر الملحون المزمع إنشائه بالرشيدية والدور الذي سيقوم به في النهوض بهذا الفن.. فيما وقف الباحث نور الدين الشماس عند خطاب 9 مارس التاريخي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي يعتبر نقلة نوعية في إعطاء نفس جديد للثقافة بما فيها الملحون، مشيرا كذلك إلى أهمية الرسالة الملكية التي بعثها لأمين سر أكاديمية المملكة بمناسبة صدور ديوان سيدي قدور العلمي التي ألح فيها جلالته على انتقاء الاساتذة من ذوي الاختصاص كدليل قوي على عزم جلالته على خدمة هذا الفن الأصيل، كما طالب نور الدين الشماس بضرورة إعادة النظر في الدراسات التي صدرت في مجال الملحون لكونها تعج بأخطاء ودعا كذلك إلى توحيد المنهج لدراسة وتدريس الملحون معتبرا أن المقرر الذي وضعه أحمد سهوم غير كاف جدا. وقبل فتح المداخلات التي أجمعت كلها على ضرورة البحث والتنقيب واستخراج النصوص الملحونية المدفونة في خزانات زوايا منطقة تافيلالت والتعريف بشيوخ ملحونيين طالهم النسيان.. تلا رئيس الجلسة على مسامع الحضور الرسالة الملكية التي بعثها جلالته لأمين سر أكاديمية المملكة بمناسبة صدور ديوان سيدي قدور العلمي..